الوقت- غادر وفد سعودي رفيع المستوى إلى واشنطن في 6 يوليو 2021 للقاء المسؤولين الأمريكيين. وبحسب تقارير إعلامية، استضاف مسؤولون كبار في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان وشقيق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
هذه هي الزيارة الأولى لوفد سعودي رفيع المستوى منذ أن أعلنت المخابرات الأمريكية تورط ولي العهد السعودي في اغتيال الصحفي السعودي المنتقد جمال خاشقجي.
وتأتي هذه الزيارة في الوقت الذي أولت فيه وسائل الإعلام والمحللون السياسيون اهتمامًا خاصًا بمسألة منع محمد بن سلمان من السفر إلى واشنطن.
لذلك، ونظرًا لغياب محمد بن سلمان عن زيارة الوفد السعودي إلى الولايات المتحدة، فقد تم النظر بجدية في أهداف ودوافع هذا الوفد. ومن أجل دراسة أهداف زيارة الوفد للولايات المتحدة في الوضع الحالي، يمكن ذكر أربع نقاط مهمة.
موضوع خلافة العرش السعودي ومخاوف وآمال بن سلمان
في الوقت الراهن، لا يزال من الممكن اعتبار الجانب الأكثر أهميةً في زيارة الوفد السعودي للولايات المتحدة، هو تحديد مستقبل العرش في السعودية.
خلال سنوات رئاسة دونالد ترامب(2020-2016)، بذل محمد بن سلمان جهودًا مكثفةً لتولي العرش قبل وفاة الملك سلمان، وفي هذا الاتجاه حاول استخدام شيخوخة والده ومرض الزهايمر(النسيان) كذريعة.
لكن في الوضع الجديد بعد وصول إدارة بايدن إلى السلطة، يبدو أن ابن سلمان لم يغير استراتيجيته في الجلوس على العرش، لكننا نشهد تغييرًا في تكتيكاته.
على المستوى التكتيكي، غيَّر ابن سلمان نهجه للجلوس على العرش في الوضع الحالي، وهو ينوي كسب ثقة إدارة بايدن ودعمها. من ناحية أخرى، يعتزم محمد بن سلمان تخفيف التوترات بينه وبين بايدن وتعزيز العلاقات الثنائية خلال رئاسته.
وفي هذا الصدد، لا شك أن التقارير حول تعذيب ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، والتقارير التي نشرتها منظمات حقوق الإنسان حول أوضاع حقوق الإنسان المزرية في السعودية، كانت مؤثرةً للغاية.
حقيقة الأمر أنه على الرغم من أن محمد بن سلمان لم يتمكن من الحضور في الولايات المتحدة في الزيارة الأخيرة بسبب إدانته في المحاكم الأمريكية، لكن خلال زيارة الوفد السعودي لواشنطن، يعمل على تخفيف التوترات وضمان عدم معارضة الأمريكيين لجلوسه على العرش.
قضية اليمن وإنهاء الأزمة لمصلحة الرياض
يمكن تقييم الهدف الآخر من زيارة الوفد السعودي إلى الولايات المتحدة في هذا الوقت، فيما يتعلق بالأزمة اليمنية.
منذ أن تولت إدارة بايدن السلطة، أثار الأمريكيون وقف إطلاق النار والاتفاق في اليمن بشکل جاد، وفي هذا الصدد دعا المشرعون الأمريكيون إلى فرض قيود وممارسة ضغوط على السعودية لإنهاء حصار اليمن.
وفي هذا الصدد، نرى أن الولايات المتحدة وسلطنة عمان والأمم المتحدة بذلت جهودًا وأجرت مشاورات للتوصل إلى اتفاق بشأن الأزمة في اليمن. وهذا الاتجاه نفسه جعل الأزمة اليمنية عاملاً في التوترات بين واشنطن والرياض في الأشهر الأخيرة.
لذلك، خلال زيارة الوفد السعودي لواشنطن، يبدو أن قضية اليمن مطروحة على جدول أعمال المحادثات. والمطلب الرئيسي للسعودية هو أن تؤخذ الاعتبارات والمطالب السعودية في الاعتبار من منظور التطورات المستقبلية في اليمن.
وبالتالي، يحاول المسؤولون السعوديون إقناع واشنطن بدعم خطة فرض قيود على أنصار الله. رغم أنه يبدو أن مثل هذا السيناريو لن يكون ممكنًا للسعوديين، بالنظر إلى القوة الميدانية لأنصار الله ويدها المتفوقة في المعادلات.
محاولات للتأثير على محادثات فيينا
هناك جهد سعودي كبير آخر في السياق الحالي وهو التأثير على عملية التفاوض لإحياء الاتفاق النووي الذي جرى في الأسابيع الأخيرة في فيينا عاصمة النمسا، بين إيران ودول 4 + 1.
منذ بداية الجولة الجديدة من المحادثات حول برنامج إيران النووي في فيينا، حاولت السعودية في البداية أن يكون لها ممثل في المحادثات الجديدة. لكن بعد أن أصيبت بخيبة أمل من هذا السيناريو، حاولت إدخال القضايا الإقليمية في المناقشات بين الدبلوماسيين.
وفي هذا الصدد، سعى محمد بن سلمان إلى الاعتراف بمجلس التعاون كلاعب مشارك في محادثات فيينا. حيث دعا هذا المجلس في بيان صدر في 14 يونيو 2021 إلى مشاركته في المفاوضات.
في الوضع الجديد، يبدو أن الوفد السعودي في واشنطن يعتزم منع التقدم السريع للمفاوضات من خلال تقديم بعض التنازلات للولايات المتحدة من جهة، ومن جهة أخرى يريد تلبية مطالبه في التوافق على إحياء الاتفاق النووي. لكن من المؤكد أن حكام الرياض قبلوا أيضًا فشلهم في وقف هذه المحادثات.
تقليل الضغوط حول إعادة النقاش بشأن تورط الرياض في أحداث 11 سبتمبر
قد يكون الهدف الآخر من زيارة الوفد السعودي مرتبطًا بطلب أهالي ضحايا 11 سبتمبر الكشف عن دور السعودية في هذا الحادث.
بحسب وكالة أسوشيتد برس، بينما نقترب من الذكرى العشرين لأحداث 11 سبتمبر، يواصل أهالي الضحايا المطالبة بالكشف عن دور النظام السعودي في الحادث، وقد حققت الشكوى بشأن تورط السعودية في أحداث 11 سبتمبر تقدمًا كبيرًا في المحكمة هذا العام.
ومع ذلك، فقد أبقت الحكومة الأمريكية منذ ذلك الحين على سرية تصريحات المسؤولين السعوديين السابقين، ومنعت تسرب عدد من الوثائق الأخرى في هذه القضية إلى وسائل الإعلام.
في الوضع الجديد، يبدو أن الوفد السعودي يحاول منع نشر هذا التقرير السري في الأجواء المعادية للسعودية السائدة بين المشرعين وأعضاء إدارة جو بايدن، حتى لا تزيد التوترات بين الطرفين.