الوقت - لطالما كان وضع حقوق الإنسان في السعودية، أحد أهم جوانب الانتقادات المحلية والدولية لأداء العائلة السعودية المالکة.
الشيعة هم أكبر أقلية دينية في السعودية، ويواجهون تمييزًا هيكليًا ومنهجيًا، وسياسة القمع والضغط هي الطريقة الوحيدة للحكام السعوديين للرد علی مطالبهم والاعتراض على التمييز القائم.
العائلة السعودية المالکة، إضافة إلى تجاهل المناطق الشيعية في خطط التنمية وممارسة التمييز الاقتصادي ضد الشيعة، على الرغم من أن معظم موارد النفط السعودية موجودة في هذه المناطق، لا تعترف بمعتقدات الشيعة وتهاجم باستمرار المساجد والحسينيات في المحافظات الشيعية.
وقد دفع هذا الوضع الحكام السعوديين إلى تكثيف حملتهم القمعية ضد الاحتجاجات الشيعية ضد الوضع التمييزي الحالي. وأصبحت التهديدات بالصمت أو الإعدام والسجن المطول في محاكم جائرة مع الاعترافات القسرية، الإجراء القضائي الوحيد للحكومة للرد على الاحتجاجات المدنية الشيعية.
يتفاقم هذا الوضع مرةً أخرى في الأيام الأخيرة، بحيث إنه بعد أسبوع من إعدام شاب يبلغ من العمر 26 عامًا لمشاركته في احتجاجات عام 2011، حذر موقع "سعودي ليكس" السعودي من قرارات السلطات السعودية بإعدام أكثر من 40 مراهقًا يعيشون في منطقة القطيف الشيعية.
لكن إعدام أولئك الذين شاركوا في الاحتجاجات قبل 10 سنوات ليس عرضيًا بأي حال من الأحوال في الوقت الحالي، ويعود إلى الوضع المضطرب لمحمد بن سلمان في الداخل وفي الساحة الإقليمية ضد محور المقاومة، ولا تجد الرياض ساحةً للانتقام سوی مواطنيها الشيعة.
قلق الحكومة بشأن الظروف الاجتماعية
يعود جزء من أسباب استئناف إعدام الشيعة، إلى الوضع الداخلي الحاد في السعودية. حيث تشير التقارير الأخيرة إلى أن السلطات السعودية قد شنت موجةً جديدةً من الاعتقالات لنشطاء حقوق الإنسان في السعودية.
لقد شهد المجتمع السعودي في السنوات الأخيرة بعض التغييرات بسبب زيادة فئة الشباب والمتعلمين، وأصبحت المطالب الاجتماعية والسياسية جزءًا من مطالبهم العامة.
وهذا الوضع هو بحيث إنه لأول مرة في تاريخ السعودية، تم تشكيل أول حزب معارض في الخارج من قبل المعارضة في عام 2020.
في غضون ذلك، وعلى الرغم من بعض الإصلاحات الدراماتيكية للحد من القيود المفروضة على المرأة ومنح الحريات الاجتماعية تحت اسم برامج محمد بن سلمان الإصلاحية، لکن مقاومة الحكومة لمنح الحريات السياسية للأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية، قد أشعلت موجةً من النشاط السياسي بشأن حقوق الإنسان وحقوق المرأة.
وبحسب التقارير، فقد اعتقل المسؤولون السعوديون 12 شخصًا من نشطاء حقوق الإنسان في الموجة الجديدة من الاعتقالات.
وجدير بالذكر أن هناك شائعات كثيرة عن اقتراب جلوس ابن سلمان على کرسي العرش في السعودية. ولذلك، بذل ولي العهد السعودي قصارى جهده لتوفير مساحة أكبر لحكمه في السعودية، قبل توليه مقاليد السلطة.
وبناءً على ذلك، فإن الحكومة السعودية ومحمد بن سلمان نفسه، إدراكًا للحساسية الدولية تجاه إعدام نشطاء حقوق الإنسان، قد وضعوا إعدام الشيعة على جدول الأعمال لترهيب المعارضين المحليين.
وفي هذا الصدد، يحظى ابن سلمان بدعم الحركة الوهابية المحلية، ويربط دوليًا هذه الإعدامات بقضايا طائفية؛ وخاصةً أن الحكومات الغربية تغض الطرف دائمًا عن السياسة القمعية لآل سعود ضد الشيعة في الداخل.
تأثير الوضع الإقليمي
لكن البعد الآخر لإقدام النظام السعودي على إعدام المراهقين الشيعة لمشاركتهم في احتجاجات 2011، يعود إلى الانتقام من الداخل الشيعي بسبب الهزائم الإقليمية من محور المقاومة.
أحد الأسباب الرئيسة لقلق السعودية بشأن التطورات في اليمن بعد ثورتي 2011 و 2014 والتدخل العسكري في اليمن بعد عام 2015، كان الخوف من تأثر التطورات الداخلية السعودية بالتطورات الثورية اليمنية.
كما ذكرنا، إن معظم موارد النفط السعودية موجودة في محافظات الشرقية والغوار والقطيف الشيعية، والتي تمتلك أكبر حقول النفط في هذا البلد، وبعبارة أخرى أكبر حقول النفط في العالم. هذا في حين أن الشيعة هم الأقل استفادةً من وجود هذه المصادر الضخمة للدخل.
وعليه، فإن التطورات في اليمن مع إقامة حكومة ديمقراطية بقيادة الشيعة من شأنها تغيير الوضع السياسي والجيوسياسي لشبه الجزيرة، تعدّ أمرًا خطيرًا للغاية بالنسبة للسعوديين.
وغني عن القول إن الشيعة السعوديين هم المعارضون الرئيسيون للديكتاتورية السعودية ولأنشطة الرياض الإجرامية في اليمن. والآن بعد أن نجح اليمنيون في قيادة ميدان الحرب الخارجية والفتنة الداخلية لتيار منصور هادي والانفصاليين، فإنهم سعداء بذلك ويرون الأمل في احتمال حدوث تغيير للوضع في السعودية أكثر وضوحًا من أي وقت مضى.
ولهذا السبب يمكن القول إنه من الأسباب المهمة لإعدام الشباب الشيعة المسجونين واستمرار تزايد الضغط على المناطق الشيعية مثل العوامية واعتقال وقمع الشيعة، هي تطورات المنطقة وهزيمة السعودية من محور المقاومة، وخاصةً في اليمن.