الوقت- بعد أن تحالفت دولة الإمارات مع العدو الصهيونيّ الغاصب تحت ذرائع واهية اصطدمت مع واقع القضيّة، وما تبع ذلك من خطوات لتعزيز العلاقات مع العدو الصهيونيّ في كل المجالات الدبلوماسيّة والاقتصاديّة والعلميّة والتكنولوجيّة والطبيّة والثقافيّة والدينيّة، تحدثت وسائل إعلام عبريّة أنّ أزمة دبلوماسيّة تلوح في الأفق بين تل أبيب وأبو ظبي، على خلفية طلب وزيرة البيئة الجديدة في حكومة العدو، تمار زندبرغ، إلغاء صفقة متعلقة بشحن النفط الإماراتيّ الخام إلى أوروبا عبر الأراضي الفلسطينيّة التي يحتلها الكيان، الشيء الذي أثار غضب الإمارات التي اعتبرت أنّ ذلك من شأنه التسبب بأزمة في العلاقات مع "إسرائيل"، كما أنّه سيعرض استقرار ما تُسمى اتفاقيات "أبراهام" التطبيعيّة للخطر.
أزمة دبلوماسيّة
لم تخفِ وسائل إعلام العدو أخبار احتماليّة نشوب "أزمة دبلوماسية" بين أبو ظبي وتل أبيب، تتمثّل بالحديث عن إلغاء وزيرة البيئة الاسرائيليّة للاتفاق المتعلق بشحن النفط الخام والمنتجات النفطيّة القادمة من الإمارات إلى الأسواق الأوروبيّة عبر خط أنابيب للنفط في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة يربط بين البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، وإنّ قيمة الصفقة، التي وقعت بحضور وزير الخزانة الأمريكيّ السابق، ستيفن منوتشين ومسؤولين أمريكيين وإماراتيين آخرين، تبلغ ما بين 700 و800 مليون دولار على مدى عدة سنوات، وفقاً لخبر نشرته وكالة "رويترز" في وقت سابق، نقلاً عن مسؤول مطلّع على تفاصيل الصفقة بينهما.
وفي حال ألغت حكومة العدو تلك الاتفاقية بالفعل، فهذا من شأنه أن يتسبب بأزمة في العلاقات الثنائيّة، وبالتالي سيعرض عمليّة التطبيع مع الإماراتيّ مع الصهاينة للخطر، بحسب مصادر إماراتيّة رفيعة، في ظل العلاقات المتطورة والنشاطات المتبادلة بين كل من الإمارات والعدو الصهيونيّ، حيث بدأت الاتفاقيات الثنائيّة تتصاعد في كل المجالات بينهما، منذ اتفاق تطبيع العلاقات في 15 أيلول/ سبتمبر 2020.
وفي ضربة قويّة للمحور الاستراتيجيّ الجديد الذي بدأ بالظهور بين الكيان الصهيونيّ والإمارات، يتحدث الإعلام العبريّ عن رسالة واضحة من تل أبيب إلى الإمارات مفادها بأنّ تبادل السلطة في "إسرائيل" لن يؤدي إلى إسقاط طلب إلغاء الصفقة على الفور، بل إنّ الوزيرة زندبرغ تعتزم العمل بشكلٍ أكبر على إلغائها، حتى قبل أن تؤدي الحكومة الجديدة اليمين الدستوريّ.
ومن الجدير بالذكر أنّ نقل شحنات النفط الإماراتية المُصدرة إلى أوروبا عبر خط أنابيب إسرائيلي أغضب دعاة حماية البيئة، وقد أرسلت وزيرة حماية البيئة في الحكومة السابقة، جيلا جامليل، الثلاثاء المنصرم، رسالة إلى مستشار الأمن الوطنيّ التابع للعدو، قالت فيها إن "أضواء الإنذار تومض بالفعل” وطالبت بإلغاء الصفقة مع الإمارات، مضيفة إنّ ما تم الاتفاق عليه خلف الكواليس مجهول أكثر من اللازم ولا تزال السرية تكتنفه، وتوقعت زيادة معدل رسو الناقلات في ميناء "إيلات" من 6 إلى 50 ناقلة سنوياً، مشددة على أنّ استمرار هذه الصفقة ستكون مأساة للأجيال سواء من الحوادث التي قد تقع أو أيّ سيناريو في أوقات الحرب.
غضب ورعبٌ كبير
أثارت سلسلة السفن المنتظر أن ترسو بجوار الشعاب المرجانيّة الهشة في إيلات وكميات النفط الكبرى التي ستمر عبر الأراضي الفلسطينيّة التي يسيطر عليها العدو غضب المدافعين عن البيئة، لأنّ البقع النفطيّة البحرية التي حولت قطاعاً كبيراً من السواحل الفلسطينيّة المحتلة على البحر المتوسط إلى اللون الأسود بسبب القطران، لا تزال حية في أذهانهم، كما أنّ العام 2014 كان شاهداً على حدوث كسر في أحد أنابيب الشركة الشيء الذي تسبب بتسرب 5 ملايين لتر من النفط الخام إلى محمية طبيعيّة صحراويّة.
وبحسب مواقع إخباريّة، فإنّ شعاب إيلات المرجانيّة فريدة من نوعها لأنّها اتسمت بقدر أكبر من المرونة في مواجهة التغير المناخيّ في وقت هلكت فيه شعاب كثيرة في مختلف أنحاء العالم، كما أنها مصدر جذب سياحيّ كبير، ولأنها قريبة من الميناء يعني أن أقل تسرب من إحدى الناقلات سيتسبب في أضرار جسيمة لا يحمد عقباها، حيث قالت نوا يايون، رئيسة القسم القانونيّ في جمعية حماية الطبيعة التابعة للعدو، إنّه من المقرر أن تعرض الحكومة موقفها الرسميّ في الأيام المقبلة، مضيفة إنّ "أغلب التفاصيل الخاصة بالصفقة سريّة قانوناً، ولا نعرف سوى القليل عنها، لكن هذا القليل يجعلنا في غاية القلق".
وكانت شركة (إي.إيه.بي.سي) أي أوروبا - آسيا لخطوط الأنابيب المملوكة لحكومة العدو، قد وقعت بعد نحو شهر من تطبيع العلاقات مع الإمارات تلك الصفقة، فيما وقِّع الاتفاق في أبوظبي مع شركة (ميد رِد لاند بريدج) التي يشترك في ملكيتها مستثمرون إماراتيون وإسرائيليون، ولا يزال خط الأنابيب الإسرائيليّ يعمل في الاتجاهين غير أن خبراء طاقة يقولون إنه عمل بأقل بكثير من طاقته في السنوات الأخيرة، وتأمل شركة خطوط الأنابيب زيادة الكميات “عشرات الملايين من الأطنان كل عام بعد الاتفاق مع الإمارات.
وتعتبر شركة خطوط الأنابيب أن النشاط الجديد هو مجرد جزء من عملياتها التي تصفها بـ "العادية"، وادعت أنّه يلبي أشد المعايير العالمية صرامة، بغض النظر عن المكاسب السياسية، وفي بيان لها، زعمت أنّه من المتوقع أن يستفيد الكيان الصهيونيّ بشكل كبير من الاتفاق الذي سيعزز اقتصاده ومكانته الدولية، ويضمن استقلاله في مجال الطاقة والأمن.
في الختام، لو لم تكن المصالح الصهيونيّة من المشروع مع الإمارات تضاهي مصالح أبو ظبي بأضعاف لما وافق عليه الإسرائيليون أساساً، وإن تل أبيب تستغل بكل ما أوتيت من قوة تطبيعها مع بعض الأنظمة العربيّة لتحقيق مآربها في المنطقة ولا يمكن أن تتراجع عن ذلك قيد أُنملة بسبب قلقها العارم من النهاية المحتومة، ولا يمكن أن تتوقف عند استغلال النفط الإماراتي بل ستتجه نحو استغلال فرص نقل النفط الخليجيّ إلى أوروبا، وتفعيل خط "إيلات عسقلان" في الاتجاهين، لمحاولة تغيير "قواعد اللعبة" في الشرق الأوسط بشكل مطلق.