الوقت- استكمالاً لسلسلة المؤامرات التي تحیکها الإمارات بحق فلسطين، وبالأخص عقب العدوان الصهيونيّ الغاشم على قطاع غزة المحاصر، والذي راح ضحيته مئات الشهداء وآلاف الجرحى مع دمار كبير في البنية التحتيّة، احتفى سفير العدو لدى أبو ظبي بأول معرض تذكاريّ خاص بـ "الهلوكوست" المزعوم ، وقد أثارت تلك الخطوة انتقادات كبيرة في الوقت الذي يستمر فيه الكيان الصهيونيّ الغاشم بقتل الشعب الفلسطينيّ واستعمار أرضه دون رقيب أو عتيد منذ مطلع القرن المنصرم وحتى اليوم، بسبب فشل الحكومات العربيّة والدوليّة في محاسبته على جرائمه المتزايدة، وفي ظل استمرار بعض الشركات والمؤسسات العالميّة بمساعدته في انتهاكاته للقانون الدوليّ وانجرار بعض الدول العربيّة نحو التطبيع معه.
"من كان يحلم أن يحدث هذا في دولة عربيّة" وفقاً للسفير الصهيونيّ في الإمارات، لكن الخطوة لم تكن غريبة بالنسبة للشعوب العربيّة، بعد أن قامت دولة الإمارات التي تصف نفسها بالعربيّة بجريمة التطبيع بحق الفلسطينيين، وما تلاها من خطوات لتعزيز العلاقات مع العدو الصهيونيّ في كل المجالات الدبلوماسيّة والاقتصاديّة والعلميّة والتكنولوجيةّ والطبيّة.
لكن توقيت الخطوة الإماراتيّة، يُعد جريمة جديدة لا تقل في خطورتها عن سابقاتها، لمُجرد أنّ توقيتها يأتي في الوقت الذي لم يترك فيه الكيان الصهيونيّ العنصريّ نوعاً من أنواع "جرائم الحرب" إلا واستخدمها ضد أصحاب الأرض والمقدسات بدءاً من تعذيب الأسرى أو إساءة معاملتهم أو إعدامهم، ومروراً بالجرائم الموجهة ضد المدنيين والتعدي على ممتلكاتهم الشخصية وتهجيرهم قسريّاً، وليس انتهاء عند التعذيب والإبادة الجماعية الأخيرة دون أيّ رأفة أو تعاطف إماراتيّ.
وبالفعل كما قال سفير الكيان المعتدي لدى الإمارات، فإنّ إقامة المعرض في العالم العربيّ أمر "ملفت"، وخاصة من ناحية "العهر السياسيّ" الذي يمارسه حكام الإمارات، عقب العدوان الإسرائيليّ على قطاع غزة ومواطنيه، ومحاولات طرد سكان العاصمة الفلسطينيّة القدس من منازلهم، وخاصة في حي الشيخ جراح الذي يحاول الاحتلال تهجير سكانه وهدم وسلب منازلهم، إضافة إلى الإجراءات المتخذة بحق المصلين والأماكن المقدسة.
وبالفعل تقوم أبو ظبي بكل ما بوسعها لتحقيق أحلام الكيان الغاشم الذي يمثل عمق المصالح الأمريكيّة والغربيّة في المنطقة ويوصف بأنّه "مجرم حرب"، وخاصة بعد جرائم العدو الأخيرة في غزة، حيث اعترف الصهاينة ووسائل الإعلام الصهيونيّة بهول الظُلم والاستبداد الذي يتعرض له الفلسطينيون، فيما تُصر الإمارات على تشريع أبوابها للصهاينة، وفي الوقت ذاته تمنع مواطني دول عربيّة عدة من دخول أراضيها.
والأولى بالإمارات أن تقوم بفتح معرض خاص بجرائم الكيان الصهيونيّ المُستبد بحق أصحاب الأرض والمقدسات في فلسطين المُحتلة منذ العام 1948 من قبل العصابات الصهيونيّة التي ارتكبت جرائماً كثيرة بحق الفلسطينيين والعرب تضاهي في وحشيتها أضعاف ما تعرض له اليهود ربما في "الهلوكوست" المزعوم، والمُثير في الأمر أنّ المعرض المقام في "متحف معبر الحضارات" في دبي، يضمّ روايات عن عرب ومسلمين حموا اليهود خلال الهولوكوست، وأنقذوهم من الموت على أيدي النازيين.
وقد أصبح وجود المحور الاستراتيجيّ الجديد بين الكيان الصهيونيّ والإمارات منذ اتفاق تطبيع العلاقات في منتصف أغسطس/ آب المنصرم، حيث تضاعفت الاتفاقيات الثنائيّة في مجالات التكنولوجيا والإعلام وكرة القدم والسياحة، لدرجة أنّ الصهاينة باتوا يشعرون الآن بأن الإمارات تمثل "جنة جديدة" لهم، وبذلك فإنّ الإمارات من خلال خطوتها الأخيرة قامت بغرز خنجرها مجدداً في ظهر الفلسطينيين، بعد الطعنة الكبرى المتمثلة بالتطبيع، إرضاء لكيان الاحتلال وتحقيقاً لأهدافه التي تسعى بقوة لتصفية قضية فلسطين.
وما لا شك فيه أنّ "الخيانة العظمى" التي قامت بها أبو ظبي في تطبيعها مع عدو العرب والمسلمين، لن تتوقف عند هذا الحد، لأنّها في الأساس لم تكن مجرد إقامة علاقة سياسيّة عابرة معه، بل لأهداف سياسيّة واقتصاديّة وعسكريّة وثقافيّة ودينيّة خبيثة، ضحيتها الأولى والأخيرة الشعب الفلسطينيّ الذي يعاني الأمرين من جرائم واستبداد المحتل الصهيونيّ الأرعن، الذي يتخذ من هذا الدعم ستاراً للتغطية على إرهابه المتفشي.
وتُدرك الشعوب العربيّة والحرة جيداً أنّ الخنوع للصهاينة لا يجلبُ سوى المزيد من المآسي والخيبات، وخاصة أنّ الإمارات تناست تاريخ الكيان الصهيونيّ وجرائمه بحق الفلسطينيين والعرب، وتغاضت عن محاولة تدمير الهويّة الثقافيّة والتاريخيّة للشعب الفلسطينيّ ومقدساته، ولا بد أن يعلم حكام الإمارات أنّ الشعب الفلسطينيّ والعربيّ المقاوم سيُخلد أسماءهم لا محالة في قائمة العملاء والخانعين والمُستسلمين، وأنّ كل اتفاقيات العار مع العدو الصهيونيّ لن تُغيّر صحة التاريخ واتجاهه، ولن تصنع قبولاً له في وعي الشعوب، ولن تحرف بوصلة المقاومة، وكما يقول الفلسطينيون فإنّ قضيّة إنهاء الاحتلال الصهيونيّ البغيض وتحقيق حرية الشعب الفلسطينيّ ستبقى منهجاً استراتيجياً، وأنّ الخيانة لن تُفلح في تزييف الحقيقة أمام الشعوب العربيّة عامة، وشعب الإمارات على وجه التحديد.
في الختام، يجب علينا دائماً أن نذكر الخانعين المطبعين بما أشار إليه وزير داخليّة العدو، الحاخام أرييه درعي، في حديث مع إحدى المواقع العبريّة عقب التطبيع، حيث أوضح أنّه لا يمكن تحقيق "سلام استراتيجيّ" بين اليهود والمسلمين، مُضيفاً إن الأمّة الإسلاميّة ستبقى عدواً لليهود ما دام القرآن كتابهم، وأظهر الوزير الصهيونيّ حينها حقيقة كيانه الإجراميّ المُعتدي، بقوله: "إنّ العرب هم أبناء هاجر أَمَة إبراهيم لذلك يجب أن يكونوا عباداً لليهود"، واصفاً الشعب اليهوديّ بـ "شعب الله المختار" الذي لا يحق لغيره الحق في حمل الرسالة، وكل من يدعي ذلك يستحق "العذاب"، بيد أنّ الشعب العربيّ مؤمنٌ بالكامل بأنّ حدود دولة فلسطين العربيّة التاريخيّة هي من البحر إلى النهر، وأنّ ذلك حق مقدس لا يمكن التنازل عنه بأيّ شكل من الأشكال، رغم ارتفاع حدة الخيانة والعمالة لدى بعض الدول العميلة وعلى رأسها دولة الإمارات.