الوقت- شمال وشمال شرق سوريا على صفيح ساخن، وهناك حالة غضب عارمة تجاه ميليشا "قسد" الانفصالية التي تتعامل مع العشائر العربية بطريقة غير أخلاقية وتحاصرهم تارة وتتطلب ابنائهم للتجنيد الاجباري وتدفعهم في مقدمة اي حرب يخوضونها مع الاتراك أو غيرهم، ويقطعون عنهم حاجاتهم الاساسية اذا ما وقفوا في وجههم، وهذا ما اغضب العشائر التي تنتفض في وجه "قسد" في جميع القرى والمدن وتحررها واحدة تلو الاخرى من قبضتهم، وتتسع التظاهرات ضد ممارسات الميلشيات، التي رهنت نفسها لمخططات تحالف العدوان الصهيوأمريكي الهادفة لتقسيم الأرض السورية وتفتيت الدولة الوطنية، وخاصة في منبج وريفها، وذلك بعد استشهاد وإصابة 39 مدنياً، بينهم أطفال، من أبناء عشائر البومنا والبو سلطان وغيرهما من العشائر العربية، الأمر الذي لاقى صداه الواسع لدى العشائر العربية السورية في مدينة حلب وريفها والجزيرة.
شيوخ العشائر والوجهاء في حلب وريفها والجزيرة السورية دعوا إلى وقفة جامعة تضامنا مع الأهالي في منبج ضد ممارسات جماعة "قسد" ولطرد القوات الأمريكية، وجهاء وأبناء العشائر العربية منحوا "قسد" مهلة للخروج بشكل كامل ونهائي من منطقة منبج دون أي شروط مسبقة، مهددين بتحول المظاهرات والاحتجاجات إلى انتفاضة مسلحة، وبدخول المدينة لمساندة أهلها، ودعت جميع أبناء العشائر الذين جندتهم الميليشيا للانشقاق عنها فوراً، والالتحاق بصفوف الجيش العربي السوري، الضامن الوحيد لوحدة سورية والقادر على حماية حدودها مواجهة أي اعتداء خارجي.
يؤكّد ذلك كله أن ثورة حقيقية تتراكم، وخاصة إذا رُبطت تطوّرات الأحداث في منبج، وتحرير أبناء القبائل عدّة قرى وبلدات في محيط المدينة، وعمليات الانشقاق الجماعية لأبناء القبائل العربية عن الميليشيا العميلة، والبيان الأخير للقبائل والعشائر والنخب الوطنية، بالعمليات العسكرية الخاطفة التي استهدفت وتستهدف "قسد" يومياً في منطقة الجزيرة خلال الأشهر الماضية، وإدلاء أبناء العشائر بأصواتهم وبكثافة في الانتخابات الرئاسية رغم محاولات القمع الأمريكية؛ وهذه الثورة ستعمل على إعادة توجيه البوصلة باتجاه موقعها الوطني، وطرد الميليشيات الانفصالية والإرهابية، بمختلف مسمياتها، والاحتلال الأمريكي والتركي من كل بقعة من أرض سورية المقدّسة، ليعلو فوق ذراها العلم الوطني السوري، الجامع لكل الوطنيين السوريين.
ميليشيا "قسد" لم تستطع تحمل الانتفاضة في وجهها لذلك استقدمت آلافاً من مسلحيها إلى مدينة منبج بريف حلب الشمالي لتعزيز قواتها المنتشرة في المدينة التي تشهد منذ نحو أسبوع مظاهرات كبيرة وإضرابات شعبية واسعة النطاق تنديداً بممارساتها الإجرامية وللمطالبة بطردها.
وبيّنت مصادر محلية في المدينة لوكالة الانباء السورية، أن نحو 5 آلاف مما تسمى قوى الأمن الداخلي "الأسايش" وما يسمى (قوات مكافحة الإرهاب) التابعة لميليشيا "قسد" بدأت بالدخول إلى المدينة برفقة أكثر من 40 مدرعة وسيارات دفع رباعي مزودة برشاشات مختلفة في محاولة لقمع المظاهرات الشعبية المتواصلة في المدينة ضد الميليشيا وممارساتها الإجرامية.
وأشارت المصادر إلى أن دعوات مواصلة المظاهرات والإضرابات من قبل أهالي المدينة تنديداً بالميليشيا وجرائمها في المدينة والمناطق التابعة لها تزايدت منذ مساء أمس الأمر الذي دفع هذه الميليشيا إلى إرسال تعزيزات كبيرة من مسلحيها في محاولة لقمع هذه المظاهرات والسيطرة عليها.
انتفاضة منبج الشعبية ضد الميليشيا الانفصالية لم تأتِ من أجل إلغاء "التجنيد الإجباري" أو توفير المازوت والبنزين والخبز، كما يحاول الإعلام الناطق بالعربية الإيحاء بذلك، بل من "أجل إخراج الغرباء من ديارهم وديار أجدادهم كما فعلوا مع الفرنسيين والعثمانيين"، وغيرهم من قوى الاستعمار، في تعبير، ولا أبلغ، عن حقيقة الشعب السوري المتمسّك بسورية الواحدة الموحّدة بكل مكوّناتها، والتي دفع أثماناً باهظة، في سبيل الدفاع عنها، طيلة السنوات الماضية، من دماء أبنائه وبنى تحتية بناها. ولتثبت تلك الانتفاضة مجدداً أن "الشعب السوري هو شعب واحد، في خندق واحد، في مواجهة الإرهاب والعمالة والخيانة.
بدوره، اعتبر الشيخ صالح ذياب الماشي أن ما يجري في منبج وريفها، هو انتفاضة عشائرية شعبية هدفها الأول إرجاع هذه المدينة الحدودية مع تركيا الى سيطرة الدولة السورية وإعادة سلطاتها المختلفة والمحافظة على كرامة أبنائها وعشائرها، واصفاً المظاهرات والاحتجاجات بـ "انتفاضة الكرامة".
محاولات الميليشيا الانفصالية وداعمها الأمريكي إحداث شرخ وخلق فتنة، عبر عقد الانفصاليين اتفاقات مع ما يمكن تسميته "مشايخ الأزمة"، لن يكتب لها النجاح، فهؤلاء المشايخ ليسوا أكثر من مرتزقة ومرتكبي جرائم وفارين من وجه العدالة، ولا يمثّلون العشائر، ويعملون لأجندات خارجية. "نحن لا نعترف بأي فصائل أو أي دولة أتت إلى بلدنا بغير إرادة الدولة السورية"، حسبما يؤكّد أبناء العشائر الحقيقيون، والذين يشددّون على أن “الثورة سوف تتواصل وتمتد لتطال الأمريكي وأي محتل كان.
منبج، كما كل بقعة من أرض سورية، وستعود إلى حضن الوطن عاجلاً وليس آجلاً، بهمة الشعب السوري الأبي، والجيش العربي السوري الباسل، والدولة الوطنية الحاضنة لكل أبناء الوطن، والدليل على ذلك أن أبناء المدينة، بقواهم الذاتية، تمكّنوا خلال سويعات من تحرير قرى "الجات" و"الحية" و"الهدهد" و"الخطاف" و"الترسان"، و"تل الرفيع" و"الهوشرية"، و"الياسطي" و"معمل الزعتر"، والأخير يعد مقراً استخباراتياً هاماً لـ "قسد"، وهم اليوم مصممون أكثر من أي وقت مضى على استكمال انتفاضتهم، حتى تحرير مدينتهم من الغرباء، وعودتها إلى حضن الوطن، فرغم استقدام "قسد" تعزيزات عسكرية كبيرة وإطباقها الحصار على المدينة، إلا أن الحراك ما زال يتصاعد، أفقياً وعمودياً، والأهم الدعم العشائري اللامحدود له.
الاحتلال، سواء أكان أمريكياً أم تركياً أم صهيونياً، وأزلامه وأدواته، بمختلف مسمياتهم، إلى زوال، مثلما زالت قبلهم كل الاحتلالات السابقة وانتصرت سورية، وعلى كل من غرّر به واستغل ليكون ضد أبناء بلده، أو راهن على المحتل لتحقيق مصالح أو مطامح ضيّقة، العودة عن غيّه، فالشعب السوري الأبي لم ولن يقبل بوجود أي محتل على أرضه، ولن يقبل بسورية إلا واحدة موحّدة، مهما كثُرت النزالات، واشتدت الخطوب.