الوقت- للمرة الالف أكد الشعب الفلسطيني أنه لا يمكن أن يستسلم أمام المشروع الإسرائيلي وانه عازم علی إستعادة كامل أرضه التي إحتلها الكيان الإسرائيلي بشكل رسمي عام 1948 من القرن الماضي. هذه الإرادة الصلبة التي يتمتع بها الشعب الفلسطيني هي التي أفشلت مؤامرة المفاوضات والكثير من المؤامرات الاخری، مثل مشروع توطين الفلسطينيين خارج فلسطين، والتي كانت جميعها مؤامرات تسعی الی تصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي. وفي خضم هذا التشبث القوي من قبل الشعب الفلسطيني بإستعادة جميع حقوقه المسلوبة، جاءت انتفاضة القدس (الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة) لتؤكد مرة اخری أن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية هو إنتهاء الإحتلال الإسرائيلي لا شيء آخر. ورغم أهمية انتفاضة القدس التي لازالت في شهرها الاول، فانها تحتاج الی الكثير من مقومات القوة لتاتي بنتائج استراتيجية الی الشعب الفلسطيني، وياتي السلاح في مقدمة هذه المقومات التي تحتاجها هذه الانتفاضة. إذن کيف يمکن تزويد الضفة بالسلاح؟
في هذا السياق ومن أجل أن تتمكن انتفاضة القدس من أن تستنزف قدرات الجيش الإسرائيلي، فانها تحتاج الی نوعين من السلاح في المرحلة الراهنة، الاول: السلاح الخفيف لقنص جنود الکيان الإسرائيلي والإشتباك معهم من قريب، والثاني: السلاح الثقيل الذي يمكن من خلاله في المرحلة الاولی إستهداف المستوطنات القريبة من الضفة وبعد ذلك دك جميع الاراضي المحتلة بالصواريخ. لا شك أن هنالك جهات مستعدة لتزويد الفلسطينيين بهذا السلاح الذي تحدثنا عنه، دون أي مقابل وبشكل مجاني. لكن المشكلة تكمن في عدم السماح لدخول هذا السلاح الی الضفة الغربية وطبعا المسؤول الاول عن هذه المشكلة هي السلطة الفلسطينية.
وفي ظل هذا التقصير الواضح من قبل سلطات رام الله، المتمثل في منع ايصال السلاح الی الشبان الفلسطينيين الاشاوس في الضفة الغربية، مازال الشعب الفلسطيني لا يبالي إلا باستمرار انتفاضته ومواصلة مقاومته من خلال الطعن بالسكاكين ورمي الجنود بالحجارة، ملحقا أضرارا مادية ومعنوية جسيمة بجنود الکيان الإسرائيلي، حيث ارتفعت أعداد القتلی الإسرائيليين منذ بداية انتفاضة القدس حسب إحصائية ما تسمی بـ «نجمة داود الحمراء»، الی 10 قتلى و127 جريحا اسرائيليا.
وبعد اشتداد اتساع نطاق الانتفاضة في جميع مدن الضفة الغربية خاصة القدس والخليل، اجری «موسى أبو مرزوق» نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، برفقة وفد رفيع زيارة للبنان، للتنسيق مع المقاومة اللبنانية وسائر فصائل المقاومة الاخری المتواجدة في لبنان، لغرض دعم إنتفاضة القدس. رغم جميع ملاحظاتنا علی سياسة حماس خلال الخمسة أعوام الماضية وعدم تناغمها مع محور المقاومة، بل حتی إتهامها من البعض بانها طعنت محور المقاومة من الظهر، فان محاولة حماس هذه لاصلاح مواقفها السابقة تجاه سوريا وحزب الله وإيران، وسعيها لتسليح الفلسطينيين في الضفة، تعتبر خطوة الی الامام ومرحبا بها من قبل الحلفاء التقليديين لحماس. لذا يجب علی حماس انتهاز الظروف الراهنة وعدم ضياع الفرصة، لتقوم بجميع ما يلزم الأمر من أجل تسليح الضفة الغربية.
بالطبع ستكون عملية تسليح الضفة الغربية أسهل بكثير من نظيرتها في غزة، وأكثر فتکاً بالكيان الإسرائيلي، وإذا ما كانت القوات البحرية الإسرائيلية تمكنت في بعض الحالات من إعتراض السفن التي کانت تحمل الصواريخ لغزة عبر البحر، فان مثل هذه الصواريخ ستصل بسهولة أكثر الی الضفة، إذا ما تم التخطيط لإدخالها الی تلك المنطقة، خاصة إذا ما حظيت العملية بتعاون من قبل الشعب الاردني.
وفي سياق متصل أكد يوم أمس «محمود الزهار» خلال خطبة صلاة الجمعة في غزة، أن «انتفاضة القدس حققت دورها»، موضحا أن انتفاضة القدس أعادت للقضية الفلسطينية اعتبارها بعد أن ضيعتها مفاوضات التسوية التي لم تجلب لها إلا الويلات. وأكد الزهار أن انتفاضة القدس متأصلة في الشعب الفلسطيني بكل معاييرها، لافتاً إلى أن التحليلات الإسرائيلية تُشير إلى أن 80% من المستوطنين الإسرائيليين لا يخرجون من بيوتهم نتيجة الخوف والرعب الذي بثته الانتفاضة في نفوسهم.
وإذا ما تم دعم الإنتفاضة في الضفة بالسلاح فسيكون بمقدورها تحقيق أربعة إنجازات علی الاقل وهي: طرد الكيان الإسرائيلي من الضفة الغربية وإنهاء حصار غزة وارغام الكيان علی اطلاق سراح الأسری الفلسطينيين وإنهاء بناء المستوطنات الإسرائيلية في أراضي الضفة الغربية، وجميع هذه الإنجازات ستکون مقدمةً لتحرير فلسطين بشکل کامل.
يحاول البعض رسم صورة عن انتفاضة القدس هذه الايام بأنها جاءت فقط بسبب إنتهاك حرمة المسجد الاقصی ومدينة القدس من قبل الکيان الإسرائيلي، وفي حال وافق الكيان علی وقف هذه الإنتهاكات فانها ستتوقف، بالطبع هذا غير صحيح ومثل هذه الافکار تعتبر محاولة للطعن بالظهر، لاخماد انتفاضة القدس والإلتفاف علیها. كما رأينا خلال الايام الماضية صنفاً آخر من الناس يحاول التعريف عن نفسه والنظام التابع له بأنهم يدعمون إنتفاضة القدس، لكن ليس بالسلاح بل عبر الدعاء فقط. وبالرغم من أننا لا نريد التشكيك في مكانة الدعاء وقيمته السامية عندالله سبحانه وتعالی باعتباره أحد اعظم العبادات، لكن بالطبع في هذه الظروف التي يمر بها الشعب الفلسطيني لا يمكن أن نعوّل علی الدعاء فقط لهذا الشعب، ونتركه فريسة أمام المستوطنين الذين تعودوا علی إفتراس البشر. حيث سمعنا بالامس الشيخ «صالح آل طالب» إمام وخطيب المسجد الحرام في السعودية والذي نعرفه جيدا بانه لايلفظ إلا في إطار سياسة اسرة آل سعود حتی إن كان ذلك لا يتماشی مع مبادئ الدين الإسلامي، رأيناه كيف يدعو للفلسطينيين وللمسجد الاقصی بان ينقذهم الله من الإسرائيليين!.
لا نعرف ما هي العقلية التي يفكر بها هذا الرجل، حيث أنه يعتقد أن الله هو المسؤول الوحيد الذي يجب عليه أن ينقذ الشعب الفلسطيني والمسجد الاقصی. تفكيرنا نحن يختلف تماما مع مثل هذا الشيخ ونعتقد أن الشعب الفلسطيني في البداية يحتاج الی السلاح ومن ثم يجب أن ندعو له بالنصر علی المعتدين. حيث لا يمكن أن ندعو لشعب بالإنتصار أمام اعتی جيش في المنطقة دون أن يملك هذا الشعب ابسط أنواع السلاح. إذن يا شيخنا العزيز!، ان لم تكن تعلم، فنحن نقولها لك وبملء الفم إن دعوتك هذه غير مستجابة.