الوقت- لا تكف الولايات المتحدة الأمريكية التحريض على سوريا بشتى الوسائل، فلا تستطيع الادارة الأمريكية استيعاب فكرة أن سوريا تمكنت من الخروج من الحرب منتصرة بعد عشر سنوات دمر خلالها الارهاب بالتعاون مع واشنطن غالبية البنى التحتية السورية ولا ننسى أن القوات الأمريكية تتواجد على الأراضي السورية وتحتل هذه الاراضي وتعمل على توسعة قواعدها بطريقة غير شرعية ودون اذن من احد.
أما الأمر الأكثر اغاظة بالنسبة للادارة الامريكية فهو حجيج دول العالم نحو سوريا، خاصة تلك التي كانت لا تريد تطبيع العلاقات مع سوريا، وفي النهاية وجدت هذه الدول أنه لا مفر من التعاون مع سوريا، ومنها الامارات التي اعادت فتح سفاراتها وهاهي السعودية تسير على الطريق نفسه بعد قطيعة طويلة مع سوريا.
الإدارة الأمريكية مدركة لخطورة هذا الموقف لأن عودة العلاقات بين هذه الدول وسوريا هو بمثابة انتصار للدول السورية، ومن هذا المنطقل ورغبة منها في تحذير الدول من اعادة العلاقات مع سوريا، جددت واشنطن "الرفض القاطع لتطبيع" علاقاتها مع سوريا، وأرجعت ذلك إلى "الجرائم والفظائع الإنسانية" التي ارتكبت في السنوات العشر الماضية.
ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية يوم الأحد عن متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية القول إن إدارة الرئيس جو بايدن "قطعا لن تقوم بإعادة تأسيس أو ترقية علاقاتها الدبلوماسية مع الرئيس السوري بشار الأسد"، وأنها لا تزال على موقفها الثابت منذ اندلاع الثورة السورية في آذار من عام 2011.
وفيما يخص الدول التي أبدت رغبتها في إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، قال المتحدث إن واشنطن تحث كل دول المنطقة على النظر "بعناية في الفظائع ضد الشعب السوري، وذلك على مدار العقد الماضي"، مطالباً كذلك بالأخذ في الحسبان جهود سوريا المستمرة لمنع وصول الكثير من المساعدات الإنسانية إلى البلاد وعدم توفير الأمن.
لا نعلم كيف تملك واشنطن كل هذه الوقاحة وكيف بإمكانها الحديث بهذا المنطق وهي تعتدي على السيادة السورية ليل نهار، وتحتل اراضي سوريا وتسيطر على آبار النفط فيها وكذلك محاصيلها الزراعية، وبعد كل هذا تتحدث عن الفظائع التي يتم ارتكابها في سوريا، إن كان هناك من جرائم في سوريا فسببها الأول والأخير الوجود الأمريكي في المنطقة والذي لم يجلب للشرق الاوسط سوى الخراب والدمار.
ومنذ مجيء الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن فى بداية عام 2021 والعالم يترقب السياسات الأمريكية الجديدة فى العالم وتعامل أمريكا مع الشرق الأوسط وكذلك مع الملف السوري. ماذا كانت النتيجة حتى اللحظة؟.
اعتداءات أمريكية مستمرة هنا وهناك، وعوضا عن خفض عدد القوات الامريكية في سوريا واحلال السلام، انتشرت أخبار مقلقة قبل يومين عن قيلم التحالف الدولي شمال شرق سوريا، بنقل معدات عسكرية وشاحنات لا حصر لها وهذا الأمر مقلق جدا وينذر بشيطنة امريكية قريبة في المنطقة وربما في سوريا بالتحديد، ولا سيما ان الامور في سوريا تتماثل للشفاء وهذا لا يرضي الادارات الامريكية المتعاقبة.
بكل الأحوال يجب ان يعلم الجميع أنه لا يسمح الدستور الأمريكي بإعلان الحرب الا بعد موافقة الكونغرس؛ لكن الإدارات الامريكية تتدخل وتنشر قواتها وتشن الحروب في البلدان الأخرى دون اعلان الحرب الذي يتطلب أخذ موافقة الكونغرس وتشريعه في إطارات متعددة مثل الهجمات الاستباقية لمواجهة التهديدات المحتملة على الامن القومي.
منذ بداية الحرب السورية ظل الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما يردد في أكثر من مناسبة أنه لا يعتزم ارسال جنود أمريكيين إلى سوريا؛ لكن بحلول تشرين الأول 2015 نشرت الولايات المتحدة أول دفعة من جنود القوات الخاصة الامريكية بواقع "خمسين جنديا ًمن القوات الخاصة في سوريا في دور استشاري غير قتالي" كأول تواجد عسكري أمريكي على الأرض منذ بدء الحرب السورية وتشكيل التحالف الدولي في آب 2014 بعد أحداث الموصل.
استمرت الولايات المتحدة بتعزيز تواجدها العسكري على الأراضي السورية بشكل متواصل لقتال تنظيم الدولة إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية ليبلغ تعدادهم نحو 500 جندي في نهاية العام 2016 لمهام متعددة بعد استقدام "200 جندي كقوات اضافية بينها مدربون من القوات الخاصة ومستشارون وفرق تفكيك المتفجرات ومقاتلون في القوات الخاصة".
ومع استلام دونالد ترامب إدارة البيت الأبيض أوعز لوزارة البنتاغون في 27 ديسمبر/كانون الأول 2016 بإعداد "خطة هجومية بقدر أكبر لمحاربة تنظيم داعش في سوريا وتقديمها خلال شهر، وخطة أخرى حول مناطق آمنة، في غضون 3 أشهر". في توافق تام مع ما سبق أن أعلنه خلال حملته الانتخابية التي أكد خلالها على امتلاكه "خطة سرية" لمواجهة تنظيم الدولة؛ وقدمت وزارة الدفاع خطتها للرئيس الأمريكي تضمنت "تدمير تنظيم الدولة على نطاق واسع ، وتكثيف محاربة تنظيم داعش ليس في سوريا والعراق فحسب، انما في العالم بأسره تشمل حزمة من الإجراءات العسكرية والدبلوماسية والمالية مع إعطاء القادة العسكريين صلاحيات أوسع لتسريع عملية اتخاذ القرارات".
ودخلت القوات الامريكية بشكل مباشر في ساحة الصراع عندما نشرت جنوداً في منطقة منبج إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر على المدينة لردع أي تحركات للقوات الروسية أو قوات النظام أو القوات التركية والفصائل المتحالفة معها.
بعد كل هذا التدخل وكل هذا الاجرام بحق السوريين وجدت الادارة الامريكية أنها خاسرة هي وحلفائها، وأن كل ما دفعته من تكاليف لم يحقق ما كانت تبحث عنه، ومصدر القلق الجديد لها اليوم هو توافد الدول الاعادة علاقاتها مع سوريا.