الوقت - إذا كان الحرس الثوري، حتى وقت قريب، كقوة مهمة في مجال الطائرات المسيرة في المنطقة والعالم، يعتبر كابوساً كبيراً للأعداء، وخاصةً الکيان الصهيوني والولايات المتحدة، ولكن في السنوات الأخيرة شهدنا زيادةً في كمية ونوعية أسطول الطائرات بدون طيار التابع لجيش جمهورية إيران الإسلامية في مختلف الفئات، الأمر الذي حوّل هذه القوة إلى إحدى الأدوات المهمة لردع وتعزيز القوة الدفاعية لإيران بشكل كبير.
وبالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الطائرات الاستطلاعية والقتالية، فإن إحدى المجالات التي حظيت مؤخرًا باهتمام أكثر جديةً من الجيش الإيراني هي الطائرات بدون طيار، وفي السنوات الأخيرة تم تحسين مستوى ومصداقية هذا الجزء من الطائرات بدون طيار في الجيش الإيراني بشكل كبير.
ومن الأمثلة الناجحة في هذا القسم الطائرة بدون طيار "رعد 85"، وهي من أوائل الطائرات الانتحارية بدون طيار في إيران التي دخلت في خدمة الجيش الإيراني. إنها طائرة انتحارية صغيرة بدون طيار عُرفت لسنوات عديدة كواحدة من أنظمة الانتحار الرئيسية بدون طيار في إيران. يصل مدى هذه الطائرة إلى حوالي 100 كيلومتر، ووفقًا للمسؤولين لديها القدرة على إرسال الصور مع القدرة على الاشتباك مع أهداف ثابتة ومتحركة.
لكن خلال المناورة الكبيرة للطائرات بدون طيار العام الماضي، كشف الجيش الإيراني النقاب عن طائرة "أراش" المسيرة لأول مرة. إنها طائرة بدون طيار بمدى 2000 كم ذات قدرة انتحارية، وهي أطول مدى في فئتها في العالم. هذه الطائرة بدون طيار لديها القدرة على الإغلاق على محطات الرادار، وما يسمى بقمع الدفاع الجوي للعدو.
تم تطوير طائرة "أراش" المسيرة في الواقع على أساس سلسلة "کيان". تتكون عائلة مسيرات "کيان" من عضوين، أولهما کيان 1 الذي انضم إلى منظمة الدفاع الجوي القتالية التابعة للجيش الإيراني في عام 2014، مع مهمة دور الطائرة المستهدفة لاختبار أنظمة الرادار.
والثاني هو مسيرة کيان 2 الذي دخل الخدمة بمهمة مكافحة اعتراض ومهاجمة أهداف أرضية على شكل انتحار في عام 2019، وهو أكبر بكثير من النموذج الأصلي. وبحسب المعلومات المعلنة، فإن مدى مسيرة کيان يزيد عن ألف كيلومتر، وبحسب التقديرات المتاحة فهي تستخدم أول نظام تسريع للوقود الصلب والمحرك النفاث.
طائرة "آرش" المسيرة هي بنفس حجم کيان 2 تقريبًا، ولكن هناك فرق كبير هنا. فبالإضافة إلى البعد الانتحاري، تمتلك طائرة آرش بدون طيار القدرة على قمع الدفاع الجوي.
لم يتم نشر أي أخبار دقيقة حول الأنظمة التي تحملها هذه الطائرة بدون طيار، ولكن يبدو أنه داخل هذه الطائرة غير المأهولة، تم تثبيت الأنظمة التي تستقبل موجات الرادار ويمكنها اكتشاف الهدف ومهاجمته من خلال إنشاء وضع الكشف الراداري.
دخول جيش جمهورية إيران الإسلامية إلى نادي الهجوم الفوجي المسير والذكاء الاصطناعي
كشف جهاد الاكتفاء الذاتي للجيش الإيراني في الأيام الأخيرة، عن سلسلة من الإنجازات الجديدة التي تظهر قفزةً كبيرةً للغاية في قدرة جيش جمهورية إيران الإسلامية في مجال الطائرات بدون طيار.
ومن أهم الإنجازات المعروضة هي الطائرات بدون طيار الانتحارية ذات القدرة على الهجوم الفوجي في مجموعات من 10 طائرات، فضلاً عن القدرة على استخدام الذكاء الاصطناعي.
النقطة المثيرة للاهتمام في الأمر هي أنه أثناء مناورات الرسول الأعظم (ص) الـ 15 للقوات الجوية للحرس الثوري الإيراني في أواخر العام الماضي، تمت الإشارة لأول مرة إلی استخدام الذكاء الاصطناعي في الطائرات بدون طيار التابعة للحرس الثوري الإيراني رسميًا، وأظهرت صورة تحليق الطائرات المسيرة التابعة للحرس الثوري الإيراني بطريقة ما وجود خوارزمية توجيه بين هذه الطائرات.
وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن هذه الطائرات بدون طيار تستخدم محطةً أرضيةً للتحكم، ويتراوح مدى طيرانها بين 40 و 400 كيلومتر. وتتمتع هذه الطائرات بدون طيار أيضًا بالقدرة على التواصل ومشاركة المعلومات، جنبًا إلى جنب مع إرسال المعلومات إلى نظام التحكم. کما أن هذه الطائرات بدون طيار لها رؤوس حربية تزن من 5 إلى 15 كجم.
بالنظر إلى الطائرات بدون طيار الانتحارية الجديدة لجيش جمهورية إيران الإسلامية، نجد أن هناك طائرةً بدون طيار أكبر وعدداً من الطائرات بدون طيار أصغر. ووفقًا للمعلومات المتاحة، تلعب الطائرة بدون طيار الكبيرة دور طائرة الأم ووحدة التحكم الرئيسية نوعًا ما، ومن خلال هذه الطائرة الكبيرة بدون طيار يتم أيضًا التحكم في الطائرات الانتحارية الأصغر الأخرى.
ويمكن أن تكون مسألة التحكم هذه فوريةً وعبر الإنترنت من خلال وحدة التحكم الأرضية أو في شكل ذكاء اصطناعي ومحددة مسبقًا، واستنادًا إلى المعلومات المخزنة من قبل في الطائرة بدون طيار الرائدة أو ما يسمى بالأم.
وربما يمكن اعتبار هذا النوع من أنظمة التوجيه والتحكم بمثابة عتبة تكنولوجيا التحكم في الطائرات المسيرة وتشغيلها في العالم، وهو مصمم أيضًا للمقاتلات المأهولة في مقاتلات الجيل الجديد.
على سبيل المثال، تشير المفاهيم المقترحة لمقاتلات الجيل السادس إلى مزيج من الذكاء الاصطناعي وتحليق الطائرات بدون طيار، جنبًا إلى جنب مع مقاتلة مأهولة كالأم ووحدة التحكم؛ وإذا لزم الأمر، بالطبع، يمكن أن يكون هذا التحليق مستقلًا وقائمًا على الذكاء الاصطناعي.
تعمل الطائرات بدون طيار في هذا السيناريو في بيئات عالية الخطورة، وتقلل من التهديد للمنصة المأهولة. في الوقت نفسه، تسمح القدرة القتالية القائمة على الشبكة لهذه الطائرات بتبادل المعلومات مع بعضها البعض، الأمر الذي يوسِّع المعرفة بالوضع العام المحيط ويزيد من معدل نجاح العملية.
وهناك مسألة مهمة أخرى تم الإعلان عنها حول الجيل الجديد من الطائرات بدون طيار التابعة للجيش الإيراني، وهي القدرة المضادة للطائرات ومواجهة الأهداف الجوية.
يدرك المهتمون بالمجال العسكري أن مسألة تطوير الأنظمة غير المأهولة تتزايد في العالم يومًا بعد يوم، وخاصةً في مجال الهجمات الفوجية، تطوير الطائرات الصغيرة بدون طيار، واستخدام الطائرات التجارية بدون طيار في عمليات التجسس والعمليات الإرهابية.
في السنوات الأخيرة، تم تطوير أنظمة دفاعية مختلفة في إيران للتعامل مع هذه المجموعة من التهديدات، لكن أحد الأساليب الجديدة تقريبًا في هذا المجال هو الرد على طائرات العدو المسيرة بالطائرات الإيرانية المسيرة.
يمكن إنتاج الطائرات الانتحارية الصغيرة بدون طيار، مثل النموذج المنتج لجيش جمهورية إيران الإسلامية، بأعداد كبيرة بسبب الإمكانات الصناعية للبلاد في هذا المجال، وفي حال التعرض لهجوم بموجة من الطائرات بدون طيار، يمكن إرسال عدد كبير من هذه الطائرات المسيرة إليها وتدمير التهديد من خلال الانفجار في السماء.
وفي مجال العمليات البرية أيضاً، المسألة الأولی هي موضوع الاستطلاع والأخری هي مسألة الهجوم البري. فيما يتعلق بالاستطلاع، تجدر الإشارة إلى أن المعلومات التي يتم جمعها من مجموعة من الطائرات بدون طيار، يمكن أن توسِّع مساحةً أكبر بكثير. وفيما يتصل بالهجوم أيضاً، فإن النقطة المهمة هي أن الهجوم في مجموعات أكبر سيزيد بشكل كبير من فرص النجاح وتجاوز الحاجز الدفاعي للعدو.
وفيما يرتبط بالرأس الحربي، ينبغي القول إن المقدار المخصص لهذه الطائرات بدون طيار، وخاصةً ملف الطيران والهجوم من الأعلى، يمكن استخدامه للقضاء على مجموعة واسعة من التهديدات على الأرض، مثل الدروع والدبابات والمركبات الانتحارية وخاصة الرادار وحتى أنظمة الدفاع.
وبهذا، تكون القوات البرية للجيش الإيراني، مع الكشف عن النظام الجديد، قد اتخذت في الواقع خطوةً كبيرةً لدخول ساحة المعركة القائمة على الشبكات والطائرات غير المأهولة في القرن الجديد، وإلى جانب الحرس الثوري الإسلامي، فهو حاليًا واحد من القلائل الذين يمتلكون هذه القدرة بين جيوش العالم.
والآن بإمکاننا أن ندرك بشکل أفضل سبب اعتراف الجنرال ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأمريكية الإرهابية في غرب آسيا(سنتكوم)، في الأيام الأخيرة بأن إيران قد تحدَّت التفوق الجوي الأمريكي في المنطقة بعد عقود، باستخدام الطائرات القتالية والاستطلاعية المسيرة.