الوقت- قال سكوت ريتر، مسؤول مخابراتي أمريكي سابق، في مذكرة كتبها على موقع "رشا توداي" على الإنترنت إنه إذا كان الرئيس الأمريكي جو بايدن يتطلع إلى العودة للاتفاق النووي، فلا ينبغي له وضع شرط مسبق لذلك.
وكتب ريتر في المذكرة "لن ترضخ إيران للمطالب غير الواقعية وغير العقلانية لحكومة بايدن بالعودة للاتفاق النووي. لذلك، يجب على الرئيس الامريكي أن يتقدم من خلال البراغماتية والمرونة.
وبالإشارة إلى تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي لاعطاء الثقة لويندي شيرمان كمساعدة لوزير الخارجية الامريكية، كتبت ريتر: لقد أيدت شيرمان المطالب غير الحزبية لتوسيع الاتفاق النووي من خلال الالعاب اللفظية. حيث تقوم إدارة بايدن الآن بنصب فخ لايران مشابه لذلك الذي شوهد في إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
وجاء في المذكرة انه في عام 2014 أصرت إدارة أوباما على أنه يجب على إيران تعليق تخصيب اليورانيوم تماما كشرط مسبق لرفع العقوبات. وفي النهاية، لم ترضخ إيران لذلك بل زادت من حجم وقدرة التخصيب المحلي. حيث دفع أوباما نفسه إلى العزلة، وكان السبيل الوحيد للخروج منها هو شن حرب لا منتصر فيها وذات عواقب وخيمة على غرب آسيا والاقتصاد العالمي. وفي النهاية، أُجبر أوباما على التنحي وقبول تخصيب محدود من قبل إيران. هذه هي النتيجة التي لعبت فيها شيرمان دورا مهما.
ويضيف ريتر إن إدارة بايدن على ما يبدو اتبعت نهج ذات الخط الأحمر حول عودتها للاتفاق النووي. وبهذه الطريقة، إما أن تقبل إيران ما يسمى بالشروط المسبقة للعودة إلى الاتفاق النووي أو انه لن يتم التوصل إلى اي اتفاق. إن نتيجة هذا النهج واضحة بالفعل؛ فلن يتم التوصل لأي اتفاق.
ومضى يقول إن اقتراح حكومة بايدن لإيران للانضمام إلى محادثات مباشرة مع امريكا وأعضاء آخرين في الاتفاق النووي قوبل بمعارضة طهران. حيث ان قرار إيران برفض مثل هذه المحادثات هو أنه لا يوجد ضمان بأن المحادثات ستقتصر على الاتفاق النووي. لكن إيران صرحت بأنها مستعدة للمشاركة في مفاوضات تشمل عودة امريكا غير المشروطة إلى الاتفاق النووي ورفع جميع العقوبات. وتشعر طهران بالقلق من أن إدارة بايدن وحلفائها الأوروبيين سوف يستغلون أي اجتماع رسمي لإعادة تحديد شروط عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي والاعتراف بهذه الشروط رسميا. اقتراح حكومة بايدن كان فخاً، لكن الإيرانيين أدركوه مقدماً وقاموا باحباطه.
وجاء في هذه المذكرة إن إيران تمكنت من إحباط محاولة أخرى من جانب حكومة بايدن لفرض شروط على عودتها إلى الاتفاق النووي من خلال مجلس الحكام. حيث قدمت امريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، مسودة قرار مهمة لايران إلى مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية. حيث عكس هذا القرار المقترح مخاوف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في بيان أمام مجلس الحكام.
وكتب ريتر في مذكرته "أعرب غروسي عن قلقه بشأن قرار إيران تعليق البروتوكول الإضافي واتفاقيات الضمانات، وكذلك اكتشاف جزيئات اليورانيوم مع تغيرات نظيرية في إيران". وما لم يُقال هو أن جميع القضايا المذكورة كانت مدرجة في الاتفاق النووي، لكن غروسي ذكرها خارج إطار الاتفاق والذي هو من وجهة نظر إيران عبارة عن تسييس القضايا فنياً. إضافة إلى ذلك، من خلال التهديد بإثارة هذه القضايا كقرار في مجلس الحكام، كانت طهران قلقة من تكرار الإجراءات الأمريكية في عامي 2005 و 2006. في الوقت نفسه، أصبحت المخاوف الفنية قضايا سياسية ووصلت إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وأضاف إن أحد المطالب الرئيسة لإيران في الاتفاق النووي كان بالتأكيد نقل قضيتها من مجلس الأمن إلى مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية. حيث حذرت إيران من أنه إذا تبنى مجلس الأمن هذا القرار، فسيتم تعليق كل تعاون الاتفاق النووي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأن ذلك سيكون بمثابة موت الاتفاق النووي. وفي النهاية، أنهت بريطانيا وألمانيا وفرنسا دعمها للقرار الأمريكي.
وقال ريتر إن إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية توصلتا الآن إلى اتفاق على أن البنية التحتية للتحقق من الاختبارات الواردة في الاتفاق النووي يجب أن تظل في إطار تنظيمي وأن إيران يجب أن تمتثل على الفور لالتزاماتها في الاتفاق النووي إذا تم رفع العقوبات. حيث ان أسرع طريقة لتحقيق هذا الهدف هي عودة امريكا للاتفاق النووي دون قيد أو شرط. وفي الوقت نفسه، فإن الاتفاق بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية يمتد لثلاثة اشهر فقط، وبعد ذلك ستعلق إيران بشكل دائم مراقبة مفتشي الوكالة وقد أوضحت إيران أنها لن تتراجع عن مطالبها.
وجاء في نهاية المذكرة ان إدارة بايدن كما إدارة أوباما قامت بعزل نفسها في الزواية من خلال وضع شروط مسبقة غير واقعية. حيث أكد التصويت على منح الثقة لشيرمان حقيقة أن أي العودة إلى الاتفاق النووي في اي شكل من الاشكال ستلقى معارضة من قبل الكونجرس الأمريكي. في النهاية تواجه حكومة بايدن خيارين؛ اما الإصرار على مواقفها ومشاهدة انهيار الاتفاق النووي وزيادة مخاطر المواجهة مع إيران، أو إصدار أمر تنفيذي وإعادة واشنطن إلى الاتفاق النووي دون شروط مسبقة. هذه "حقائق ميدانية" ولا يمكن لأي قدر من "الأبابة" تغييرها.
انسحبت الحكومة الأمريكية من هذه الاتفاقية التي وافق عليها مجلس الأمن الدولي في مايو 2018 في انتهاك لالتزاماتها. لكن امتثلت إيران بالكامل لالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي في غضون عام بعد الانسحاب الأمريكي، ما أعطى الدول الأوروبية التي وعدت بسداد آثار الانسحاب فرصة للوفاء بالتزاماتها. لكن بعد عام، عندما فشلت الحكومات الأوروبية في الوفاء بوعودها، أعلنت طهران أنها ستخفض التزاماتها بموجب الاتفاق النووي في بضع خطوات، وفقا لبنود الاتفاق النووي.
والان أعلن مسؤولو حكومة بايدن أنهم يعتزمون إعادة واشنطن إلى الاتفاق النووي. ومع ذلك، فإن الإدارة الأمريكية الجديدة لم تحدد بعد آليتها للعودة إلى الاتفاق النووي. حيث يدلي أعضاء فريق بايدن بتصريحات غامضة بأنهم ينوون استخدام العودة إلى الاتفاق كأساس لـ "تعزيز وإطالة أمد" الاتفاق النووي.
هذا وصرحت جمهورية إيران الإسلامية أنه بالنظر إلى أن واشنطن كانت هي من انتهك الاتفاقية وان تقليص التزامات طهران جاء ردا على العمل غير القانوني للولايات المتحدة، فإن أي خطوة ستتخذها طهران ستكون بعد رفع جميع العقوبات.
وافق مجلس الشورى الإسلامي في كانون الأول من العام الجاري على خطة استراتيجية لرفع العقوبات وحماية مصالح الشعب الإيراني، وبعد موافقة مجلس الوزراء عليها، أعلنت الجمهورية الإسلامية الأسبوع الماضي عزمها على تعليق التنفيذ الطوعي للبروتوكول الإضافي والرقابة التي تتخطى الضمانات في رسالة إلى الوكالة، والتي دخلت حيز التنفيذ يوم امس.
وافقت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخرا على تعليق تنفيذ البروتوكول الإضافي والوصول التي ينص عليه الاتفاق النووي تماما، وسيتم تنفيذ التزامات إيران الوقائية فقط. وبناءً على ذلك، ووفقا للقانون البرلماني، لن يتم منح أي وصول إشرافي إضافي للوكالة ولن يتم إجراء عمليات تفتيش رقابية إضافية.