الوقت - أثارت الضربات الجوية الأمريكية على مواقع المقاومة في منطقة "البوكمال" السورية صباح 26 شباط ردود فعل واسعة النطاق.
الجماعات والتيارات العراقية المختلفة أدانت الهجمات وتعهدت بالانتقام. كما ألقى معارضو بايدن داخل الولايات المتحدة باللوم على بايدن، في تعريض حياة الجنود الأمريكيين للخطر.
وفي مثل هذه الظروف، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو، ما هي آثار هذا الهجوم على المعادلات السياسية والعسكرية في العراق؟
رد فعل الجماعات السياسية العراقية علی عدوان الولايات المتحدة
أثار العدوان الأمريكي على مواقع فصائل المقاومة في منطقة البوكمال، ردود فعل قوية من التيارات والفصائل السياسية في العراق.
وفي هذا الصدد، أعلنت فصائل المقاومة العراقية في بيان لها مساء السبت رداً على الهجوم الأمريكي على مواقع الحشد الشعبي، أن هذا الهجوم سيكلف واشنطن الكثير.
ووفق موقع "السومرية نيوز" العراقي، جاء في بيان فصائل المقاومة العراقية: إن هذه الهجمات "لا يمكن أن تقبل بها أصغر الدول في العالم؛ فضلاً عن دولة بحجم العراق، وتاريخه، وخلفيته الثقافية، والدينية، ونسيجه الاجتماعي المعروف".
وأضافت فصائل المقاومة العراقية في بيانها: أن "الفرصة أصبحت ضيقةً جداً على الحكومة العراقية لكي تبيّن موقفها بوضوح من الانتهاك المتكرر لسيادة العراق، سواء من قوات الاحتلال المختلفة أم من دول الجوار التي تجعل من أراضيها منطلقاً للعدوان على العراق".
وفي رد فعل آخر، أكد "أبو علاء الولائي" الأمين العام لكتائب سيد الشهداء(عليه السلام) في العراق: أن "هذه الهجمات الأمريكية على مواقع قوى المقاومة كانت متوقعةً". وأضاف الولائي: "هذه الهجمات حدثت بينما تقاتل قواتنا لتحرير أراضيها من المحتلين".
من جهته قال "أحمد الأسدي" المتحدث باسم ائتلاف فتح وعضو مجلس النواب العراقي: إن "القصف المتكرر لقوات الحشد الشعبي وثكنات القوات المسلحة العراقية على الحدود السورية من قبل الولايات المتحدة انتهاك واضح لسيادة(العراق)، وهو أمر مدان".
بايدن يصب الزيت على نار الهجمات الأمريکية في العراق
إن رد فعل التيارات والقوى السياسية العراقية على الهجوم العدواني للمقاتلات الأمريكية على منطقة البوكمال، لم يساعد فقط في زيادة أمن القوات الأمريكية على الأراضي العراقية، بل يمكن وصفه أيضًا بأنه صبُّ بايدن الزيت على الهجمات ضد أمريكا في العراق.
لقد أثبت هذا الهجوم مرةً أخرى أن الوجود الأمريكي في العراق عدواني ومزعزع للاستقرار، وأنه ينتهك السيادة الوطنية للحكومة العراقية عملياً. ونتيجةً لذلك، يمكن التوقع بأن تصبح هجمات مجموعات المقاومة المختلفة ضد المعتدين الأمريكيين أكثر شرعيةً وانتشارًا في المستقبل.
على صعيد آخر، ستزيد هذه الهجمات حتمًا من صرامة الحكومة المركزية وحزمها تجاه الولايات المتحدة وتنفيذ قرار مجلس النواب العراقي بشأن ضرورة سحب القوات الأجنبية، والذي تمت الموافقة عليه في 5 كانون الثاني 2020.
في الواقع، تطالب التيارات السياسية العراقية الآن بإجراء تحقيق من قبل حكومة الكاظمي، على الرغم من تصريح وزارة الدفاع العراقية بأنها لم تتعاون مع الولايات المتحدة خلال الهجوم الأخير، لإظهار أنها ستواصل الضغط من أجل سحب القوات الأمريكية بجدية أكبر.
وجاء هذا الطلب بعد أن شكر وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن "شركاء واشنطن العراقيين على إجراء تحقيقات وعمليات استخباراتية والمساعدة في نجاح هذه الهجمات".
ونتيجةً لذلك، سيتعين على حكومة الكاظمي الآن اتخاذ خطوات للحد من غضب المعارضين، لتبرئ نفسها من الاتهام بالتعاون مع الولايات المتحدة.
خطأ بايدن الاستراتيجي
أثار إصدار جو بايدن الأوامر بمهاجمة مواقع مجموعات المقاومة العراقية، ردود فعل انتقادية كبيرة داخل الولايات المتحدة أيضاً.
حيث قوبل هذا الهجوم باستياء من جانب الديمقراطيين، الذين وصفوا تحرك بايدن بأنه غير دستوري، ويشكل تهديداً لحياة القوات الأمريكية في العراق.
وفي هذا الصدد، أعرب "بيرني ساندرز" عن ولاية "فيرمونت" مساء الجمعة، عن قلقه بشأن هجوم المقاتلات الأمريكية على شرق سوريا ليلة الخميس. من جهته قال السناتور الديمقراطي عن ولاية فرجينيا "تيم كين"، إن هذا الهجوم غير دستوري.
كما تحدث السناتور الديمقراطي عن ولاية "كونيتيكت" وعضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ "كريس ميرفي" عن الهجوم قائلاً: إن "الضربات الانتقامية ليست ضروريةً لمنع تهديد وشيك، ويجب أن تكون في نطاق تفويض الكونغرس لاستخدام القوة العسكرية".
کذلك، انتقد النائب الديمقراطي في مجلس النواب عن ولاية كاليفورنيا "رو خانا" إدارة بايدن، وقال إن الهجوم على سوريا "غير مبرر بالتأكيد".
في غضون ذلك، فإن بايدن ومن أجل التخلص من الضغوط الداخلية للمنتقدين وتبرير خطأه الاستراتيجي في الأمر بالهجوم على قوات الحشد الشعبي، قال إن هذا الهجوم تم تنفيذه على قوات کانت خارج سيادة العراق.
هذا الموقف، إضافة إلى كونه غير صحيح تمامًا بموجب قانون مجلس النواب العراقي، الذي يعترف بالحشد الشعبي كجزء من القوات المسلحة العراقية وتحت قيادة رئيس الوزراء بصفته القائد العام، يعكس حقيقة أن إدارة بايدن، مثل سابقتها، تعاني من عدم وجود سياسة متماسكة وواضحة بشأن العراق، وجاء الأمر بشن الهجوم کمحاولة يائسة للخروج من المأزق الذي يواجهه البيت الأبيض في العراق هذه الأيام.
