الوقت- سافر آية الله "السيد إبراهيم رئيسي" رئيس السلطة القضائية في جمهورية إيران الإسلامية إلى العراق منذ 8 فبراير 2021، بدعوة رسمية من "فائق زيدان" رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي.
ولدى وصوله إلى بغداد، تواجد آية الله رئيسي في موقع استشهاد قائد قوة القدس الشهيد الحاج قاسم سليماني، والشهيد الحاج أبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي قرب مطار بغداد الدولي، وأحیی ذكرى الشهيدين ورفاقهما.
كما تفقَّد آية الله رئيسي خلال هذه الزيارة معرضاً لإنجازات القضاء العراقي، يتضمن تاريخ إنشاء القضاء العراقي في القرون الماضية، بما في ذلك سلسلة من الأحكام القضائية التاريخية.
ثم واصل آية الله رئيسي لقاءاته، حيث التقی برئيس الوزراء العراقي "مصطفى الكاظمي"، والرئيس "برهم صالح"، ورئيس مجلس النواب العراقي "محمد الحلبوسي".
كما وضع آية الله الرئيسي علی جدول أعماله، زيارة ضريح الإمامين الكاظمين(عليهما السلام).
إضافة إلى ذلك، وقع الوفدان الإيراني والعراقي القضائيان رفيعا المستوى ثلاث مذكرات تفاهم بشأن التعاون في مجالات القضاء والتفتيش والسجون، عقب المشاورات التي جرت بينهما.
أهداف زيارة آية الله رئيسي
زيارة آية الله رئيسي إلى العراق ذات أهمية كبيرة في هذا التوقيت، ويمكن أن تكون مكمّلةً للعمل السياسي والدبلوماسي بين طهران وبغداد.
وفيما يتعلق بهذه الزيارة، أعلنت السلطات القضائية عن أهداف واضحة لا لبس فيها، تشمل الجهود المبذولة لتوقيع مذكرة تفاهم في مجال القضاء وزيادة التعاون القضائي في مختلف المجالات، مثل تسليم المجرمين، مكافحة الاتجار بالبشر، تسهيل قوانين التبادل الاقتصادي، ومحاربة الإرهاب، كأهداف رئيسية لهذه الزيارة.
وفي هذا الصدد، كتب "علي باقري كني" الذي رافق رئيس السلطة القضائية خلال الزيارة إلى العراق، على صفحته الرسمية على تويتر، عن الهدف من الزيارة: "نتوجه إلى بغداد بدعوة رسمية من فائق زيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي، لتعزيز التعاون القضائي وحقوق الإنسان. والغرض هو استخدام الطاقات القضائية لزيادة الأمن في البلدين، ومتابعة قضية اغتيال قادة مكافحة الإرهاب، وتسهيل التعاملات الاقتصادية، ومتابعة ملف الأسرى".
وفي تغريدة أخرى من العراق، كتب المساعد الدولي لآية الله رئيسي قائلاً: "الأخبار السارة في الطريق. وخاصةً للتجار ورجال الأعمال الإيرانيين والعراقيين وأهالي الأسرى".
المحاور الخمسة لاتفاق طهران - بغداد القضائي
خلال اللقاء الثنائي بين آية الله السيد إبراهيم رئيسي وفائق زيدان، تم التوصل إلى اتفاق قضائي بين الطرفين على خمسة محاور بالتحديد، وهي:
1. المتابعة الجدية لملف الشهيد الحاج قاسم سليماني، وبخصوص هذه القضية وأثناء هذه المفاوضات، فإن الجانب العراقي، مع تأكيده على المتابعة الكاملة لهذه الجريمة والتعامل مع جميع العوامل المتورطة فيها، سرد تفاصيل من عملية التحقيق إلى إصدار مذكرة الاعتقال بحق الرئيس الأمريكي السابق.
2. المزيد من التأكيد على مكافحة الفساد؛ حيث قال آية الله رئيسي إنه يجب أخذ مكافحة الفساد في الحكومات على محمل الجد. وأضاف إن التنمية الاقتصادية هي بمثابة نافذة تُفتح، والمراقبة والتفتيش هما شبكة تمنع مرور الحشرات التي هي في الحقيقة المفسدون. ويمكن أن تساعد الشفافية بشأن ممتلكات المسؤولين وأصولهم، في منع الفساد. وإيران مستعدة لنقل تجربتها في إنشاء نظام لتسجيل ممتلكات وأصول المسؤولين. کذلك، أعلن الجانب العراقي في هذا الاجتماع عن استعداده للتعامل مع المفسدين الهاربين، وإعادتهم إلى إيران.
3. اتفاقية مهمة لإنشاء محاكم متخصصة لتسريع الإجراءات وتسهيل العلاقات التجارية بين البلدين. حيث اقترح آية الله رئيسي خلال هذا الاجتماع إنشاء محاكم متخصصة للتعامل بسرعة وسهولة مع الخلافات المحتملة في العلاقات التجارية بين رجال الأعمال الإيرانيين والعراقيين، وهو ما تم الاتفاق عليه. وبهذا الاتفاق، وبحسب تجار وغرف التجارة في إيران والعراق، فإن عملية الاستثمار في البلدين سترتقي بعدة خطوات دفعةً واحدةً، مع تهيئة الظروف الأمنية للاستثمار.
4. وضع المواطنة للمرأة الإيرانية المتزوجة من رجل عراقي. هناك أكثر من 35 ألف امرأة إيرانية لديهن أزواج عراقيون، لكن وضع جنسيتهن غير معروف. وقد سعى الجانب الإيراني بجدية في هذا الاجتماع إلى متابعة حقوق هؤلاء النساء، وأخيراً بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الجانبين، تم تشكيل لجنة مشتركة من السلطة القضائية ووزارة الخارجية الإيرانية، وكذلك المبعوث الخاص لفائق زيدان، لحل هذه القضية بسرعة.
5. التشاور والاتفاق على العفو عن عدد كبير من السجناء الإيرانيين والعراقيين في سجون البلدين. بناءً على المباحثات بين آية الله رئيسي وفائق زيدان، اتفق الجانبان على أن نسبةً كبيرةً من السجناء الإيرانيين سيحصلون على عفو من الرئاسة العراقية، وأن السجناء الآخرين سيعادون إلى إيران لمواصلة عقوباتهم. كما أعلن آية الله رئيسي عرض العفو عن عدد من السجناء العراقيين بمناسبة ذكرى انتصار الثورة الإسلامية، وموافقة سماحة قائد الثورة المعظم على هذا الاقتراح. وتقرر إعادة عدد من السجناء الإيرانيين في العراق إلى إيران لقضاء مدة عقوبتهم.
آثار هذه الزيارة على تعزيز العلاقات بين طهران وبغداد
في السنوات التي تلت عام 2003، لعب العراق دور الصديق والجار وحتى الحليف في مكافحة الإرهاب.
في الواقع، أقامت إيران في السنوات الأخيرة علاقات خاصة مع المسؤولين والمواطنين العراقيين، في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
في غضون ذلك، فإن العلاقات الثقافية بين إيران والعراق على مستوى واسع ومميز، وربما لا يوجد بلد آخر لديه مثل هذا المستوى من التعاون والتنسيق مع إيران في المجال الثقافي.
إن العلاقات الثقافية العميقة بين إيران والعراق ليست ناتجةً عن عمل سياسي أو دبلوماسي أو اقتصادي فقط. ولا شك أنه في ظل الوضع الجديد، فإن زيادة مستوى التعاون والتنسيق القضائي في شكل تعاون طهران مع بغداد في تطوير وتعزيز النظام القضائي في هذا البلد، يمكن أن تعزز العلاقات بين البلدين.
کما أن الحجم الكبير للتبادلات الثقافية بين المواطنين الإيرانيين والعراقيين، يتطلب حتماً إنشاء آليات قانونية خاصة ومتطلبات قضائية.
وحتى على مستوى التبادلات التجارية عبر الحدود، فيحتاج الجانبان إلى اتخاذ خطوات جديدة لتحسين العلاقات القانونية والقضائية وشفافيتها. ولذلك، يمكن اعتبار زيارة آية الله رئيسي إجراءً مهماً لتوطيد العلاقات الطيبة بين إيران والعراق وترسيخها.