الوقت- بالتزامن مع الرفض العارم لدخول بعض الدول حظيرة التطبيع الأمريكيّة مع العدو الصهيونيّ المجرم، من قبل الأحزاب السياسيّة والمنظمات الشبابيّة الموريتانيّة، دعا الفريق البرلمانيّ لأحزاب: الصواب ذي الميول القومية العربيّة، والتحالف الشعبيّ التقدميّ والتحالف من أجل العدالة والديمقراطيّة، كل الفرق النيابيّة في البرلمان الموريتانيّ للموافقة على تشكيل لجنة لصياغة قانون يجرم ويحرم التطبيع مع الكيان الصهيونيّ وتقديمه إلى الجمعية الوطنيّة في أقرب وقت للمصادقة عليه.
تشريع عاجل
بالتزامن مع اتساع دائرة الخيانة والعمالة مع الكيان الصهيونيّ الغاشم ووصول موجته إلى المنطقة المغاربيّة والإفريقيّة، يشعر الموريتانيون وأحزابهم السياسيّة بقلق كبير من أن تلتحق بلادهم بهذا الركب، في ظل الضغوط المكثفة التي يمارسها مروجو التطبيع علناً وفي الخفاء لإلحاق المزيد من الدول بقطار التطبيع المشؤوم، وفق بيان الفريق البرلمانيّ للأحزاب الموريتانيّة.
وعقب قرار التطبيع الأخير بين المغرب والكيان الصهيونيّ سارق الأرض وقاتل الأبرياء في أرض فلسطين، يدعو الفريق الحزبيّ زملاءه في بقية الفرق البرلمانيّة لبذل جهد تشريعيّ عاجل يؤكد حقيقة الإجماع الوطنيّ والتاريخيّ الدائم منذ قيام الدولة الموريتانيّة حول دعم قضايا التحرر العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينيّة، وآخرها التحام كل مكونات وأطياف الشعب الموريتانيّ وتصميمها الجماعيّ على رفض العلاقة مع الصهاينة، ضمن التحام أدى تنامي زخمه إلى تطهير البلاد من دنس العلاقة المشينة التي أقامها النظام السابق، وكانت من أهم أسباب بغضه والخروج عليه والقضاء على وجوده في النهاية.
وتشير الأحزاب الموريتانيّة إلى أنّ جريمة التطبيع، تشكل اعترافاً بكل الجرائم التي قام على أساسها الكيان الصهيونيّ الغاصب وما زال يرتكبها بشكل يومي، ناهيك عن كونها خروجاً عن إجماع شعوب العالم المُحبة للسلم والتحرر ومناهضة الاستعمار، في الوقت الذي يتحدث فيه مسؤولون صهاينة عن التحاق وشيك لموريتانيا بالدول المطبعة مع عدو العرب والمسلمين الأخطر، غير أنّ الرئيس الموريتانيّ، محمد ولد الغزواني لم يعلق على ذلك، كما لم تظهر علامات لنية التحاقه بركب المطبعين.
استنكار كبير
بمجرد دخول الإمارات والبحرين في الحلف الصهيونيّ ضد الفلسطينيين والمقاومين في المنطقة وتوقيعهما على "اتفاق العار" تحت العباءة الأمريكيّة قبل أشهر، استنكرت أحزاب سياسية ومنظمات شبابية موريتانية إبرام دولة الإمارات التي تصف نفسها بالعربيّة اتفاق الاستسلام للعدو الصهيونيّ المعتدي، أدان ائتلاف قوى التغيير الديمقراطيّ الذي يضم أحزاب اتحاد قوى التقدم، والتناوب الديمقراطيّ، وتكتل القوى الديمقراطيّة (أحزاب معارضة وازنة)، كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيونيّ، مشددة على أنّ ما قامت به الإمارات يعتبر تغطية على جرائم المُستعمر السالب لحق الشعب الفلسطينيّ الشقيق، وأنّه تآمر فاضح على قضية العرب والمسلمين الأولى.
وبالنظر إلى الأهميّة القصوى التي تمثلها القضية الفلسطينية المُقدّسة في وجدان الشعوب العربيّة والإسلاميّة والأحرار في العالم وبالأخص لدى الشعب الموريتانيّ، استنكرت حينها أحزاب ائتلاف قوى التغيير الديمقراطيّ، كل ما من شأنه مُباركة هذا التوجه، وشدّد ائتلاف قوى التغيير على تمسكه بمساندة الشعب الفلسطينيّ، مؤكّداً على التزامهم بالتصدّي لكل الخطوات الاستسلاميّة، التي من شأنها التخلّي عن القضية الفلسطينيّة العادلة، مهما كانت الإغراءات، ومهما كلّف ذلك من تضحيات.
ودعا الائتلاف الحزبيّ الموريتانيّ وقتها، كل القوى الحية في العالمين العربيّ والإسلاميّ، وجميع الأحرار في العالم، إلى تفعيل هيئات مقاومة التطبيع مع الكيّان الصهيوني، على جميع الأصعدة، ومُناصرة الشعب الفلسطيني الأبيّ، بكل الوسائل، مشيراً إلى أنّ دولة الإمارات قررت على غرار أقطار عربيّة وإسلاميّة سبقتها على هذا النهج المُشين (الأردن ومصر)، تطبيع علاقاتها مع الكيّان الصهيوني، في الوقت الذي تواصل فيه الإدارة الامريكية دعمها اللا محدود للاستعمار الإسرائيلي، من خلال “صفقة القرن” التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وتعمل هذه الإدارة جاهدة على ترغيب وترهيب كل من لا يرضخ لضغوطها من أجل الانضمام لهذا المسار المشؤوم، وهذا بالفعل ما حصل مع الخرطوم والرباط.
إضافة إلى ذلك، أعلنت حركة “كفانا” الشبابيّة في ذلك الحين، أنّ أبو ظبي قررت تطبيع علاقاتها مع تل أبيب في موقف خطير اعتبرته الحركة "خيانة عظمى" لقضية الأمة المركزيّة ودعماً للاستيطان الصهيونيّ لفلسطين التي هي ملك لسكانها الأصليين وليس للصهاينة المغتصبين للأرض، واعتبرت "كفانا" أنّ بيان وزارة الخارجية الموريتانيّة الداعم للإمارات باطل وتبعيةً غير مبررة اطلاقاً ولا يعبرُ عن تطلعات الشعب الموريتانيّ الذي عرف عبر التاريخ باحتضانه للقضية والشعب الفلسطيني الشقيق.
وفي هذا الصدد، شدّت الحركة الشبابيّة الموريتانيّة على وقوفها بحزم ضد جميع اشكال التطبيع مع الكيان الصهيونيّ، مع يقينها أنّ تحرير فلسطين التاريخية على يد المقاومين من أبنائها سيتم حتماً من النهر الى البحر، مع بناء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمته القدس الشريف، مؤكّدة على وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطينيّ وقضيته العادلة، وتبنيها القضية الفلسطينيّة كقضية إسلاميّة وعربية مقدسة، داعية الشباب الموريتانيّ إلى لم الشمل ورفض أيّ تطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل وقطع الطريق على مشاريع الخيانة المدمرة والعمل معاً من أجل كل القضايا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينيّة.
وبعيد التطبيع المغربيّ الأخير مع العدو السادي مؤخراً، عبر عدد من السياسيين والنشطاء الموريتانيين عن رفضهم لقرار الرباط التطبيع مع الاحتلال الغاشم، معربين عن قلقهم في الوقت ذاته من أن تلتحق بلادهم بهذا المسار، وقالت هيئة "الرباط الوطنيّ لنصرة الشعب الفلسطيني" أنّها تابعت ببالغ الأسف نبأ قرار التطبيع بين المغرب والكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين المدنس للقدس ومقدساتها.
وفي هذا الشأن، استغربت الهيئة من قرار المملكة المغربيّة التي ترأس لجنة القدس، التطبيع مع الاحتلال، مضيفة إن المغرب كانت له أدوار تاريخيّة مشهودة في نصرة قضية الأمة المركزيّة فلسطين، وها هو اليوم يعترف بالكيان الصهيوني في موقف غير متوقع، معتبرة أنّه لن يحقق أكثر مما حققت الأنظمة العربيّة السابقة للتطبيع التي عادت من وهم الاتفاقيات مع الصهاينة "بخفي حنين".
وفي هذا الخصوص، أدانت الضغط غير المسبوق من الرئيس الأمريكيّ الذي جعل تصفية القضية الفلسطينيّة من أول أولوياته متبنياً في ذلك سياسة المتطرف الصهيونيّ بنيامين نتنياهو رئيس وزراء العدو، وجددت الهيئة دعوتها لشعوب الأمة لأن تدرك بأن القضية الفلسطينية تحتاج إلى استنفار كل الجهود للإبقاء على مركزية القضية وعدم التنازل عنها مهما وقع الرسميون من معاهدات لن تلزم الأمة المحتفظة بحقها الأزلي في فلسطين كل فلسطين من البحر إلى النهر.
ومن الجدير بالذكر أنّ الشعب الموريتانيّ يرفض بشكل مطلق مسألة التطبيع مع "سرطان الاحتلال" في المنطقة لأنّه يدرك أسباب وجود ذلك العدو، وإجرامه بحق العرب والفلسطينيين، فيما يعتبر الموريتانيون أنّ التطبيع "إساءة بالغة لفلسطين وقضيتها" لمصلحة مجرمي تل أبيب، على حساب حاضر ومستقبل الأمة.
وما ينبغي ذكره أنّه سبق لموريتانيا أن أقامت علاقات دبلوماسيّة مع الكيان الصهيونيّ في عهد الرئيس الأسبق، معاوية ولد الطايع، قبل أن يتخذ الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، قراراً بقطع العلاقة بين موريتانيا والعدو عام 2009، احتجاجاً على الحرب الهمجيّة والإرهابيّة التي قام بها الكيان في غزة، حيث تم طرد السفير الصهيونيّ من نواكشوط.