الوقت - يعدّ الإصلاح الشامل لمعدات الطيران، سواءً كانت طائرات بطيار أو دون طيار أو طائرات هليكوبتر، قدرةً علميةً وتقنيةً عالية المستوى وهو أمر حيوي للحفاظ على أسطول البلاد على قيد الحياة.
في عملية الشراء والعمر التشغيلي للطائرة، فإن أحد أهم الموضوعات هو دورات الإصلاح وعمليات المراجعة الدورية التي يتم إجراؤها على مستويات مختلفة، وأخيراً سنصل إلى مرحلة الإصلاح. والدولة القادرة على تنفيذ هذه المرحلة من الإصلاحات، تکون قد أتقنت بالكامل تقريبًا موضوع إصلاح الطائرة المعنية.
على مدى عقود، تُعتبر جمهورية إيران الإسلامية واحدة من أصحاب هذه القدرة، ويمكن اعتبار مسألة القدرة على الإصلاح إحدی أهم نقاط القوة في صناعة الطيران في إيران، رغم أن هذه القضيةلم تتم مناقشتها على نطاق واسع في الرأي العام ووسائل الإعلام.
أحد أسباب التطور والتقدم في مسألة قدرة الصيانة الثقيلة في إيران هو العقوبات. في العديد من البلدان حول العالم، يتم إجراء بعض الفحوصات ما قبل الطيران وبعده داخل البلد حاليًا، ولكن في النهاية، بالنسبة للإصلاح الثقيل النهائي، يتعين على البلد المضيف إرسال الطائرة المذكورة إلى بلد التصنيع لهذه العملية.
وهذه عملية تستهلك الوقت والتکلفة الباهظة، وإضافة إلى مسألة التكاليف، تنفق الأصول المعنية للبلد المستهدف خلال فترة زمنية محددة. وهذا يمكن أن يسبب مشاكل للبلد المضيف في حالات الطوارئ.
بالنسبة إلی إيران، تعدّ مسألة الإصلاح والصيانة إلی جانب حركة صناعة القطع، من القضايا التي لفتت انتباه السلطات منذ بداية الحرب المفروضة.
خلال فترة الدفاع المقدس، وبسبب إغلاق الطريق لشراء الأسلحة وقطع الغيار، مورس ضغط شديد على سلاح الجو التابع للجيش الإيراني بشكل خاص، وكان على المتخصصين الإيرانيين الحفاظ على عدد من الطائرات في كثير من الحالات عن طريق فتح الأجزاء من المقاتلات المختلفة.
وبعد انتهاء الحرب المفروضة وانهيار الاتحاد السوفيتي السابق وشراء أسلحة ثقيلة من روسيا، تسبَّب الضغط الأمريكي والاتفاق بين البلدين في قطع دعم روسيا علنًا ورسميًا لطائرات القوات الجوية لجيش الجمهورية الإسلامية مثل "ميغ 29" و"سوخوي 24".
وفي سنوات ما بعد الحرب، وبسبب إضافة بعض المقاتلات الشرقية إلى التنظيم القتالي للقوات المسلحة الإيرانية، وبالطبع توقف الدعم الرسمي في هذا المجال، كان من الضروري وضع خطة طويلة المدى لمسألة الحفاظ على هذه الطائرات.
وبالنسبة إلی طائرة "سوخوي 24" التي يركز عليها هذا التقرير، فإن وجود أنظمة مثل رادار التتبع الأرضي والأجنحة المتغيرة، جعل الأمر أكثر صعوبةً بالنسبة لسلاج الجو التابع لجيش الجمهورية الإسلامية، الذي كانت معلوماته الفنية مرتبطةً إلى حد كبير بالطائرات الغربية.
لماذا تعتبر سوخوي 24 مهمةً؟
قاذفة القنابل "سوخوي 24" التي يتكون أسطولها في إيران من نماذج من أصول مختلفة، هي طائرة تم تطويرها بناءً على تفكير الحرب الباردة، وفي مقابل طائرة "إف 111" الأمريكية.
تعدّ القدرة على الطيران على ارتفاعات منخفضة جدًا، وتنفيذ هجمات دقيقة ليلاً أو نهارًا، من بين القدرات المهمة والرئيسية لهذه الطائرة. وبطبيعة الحال، فإن وجود أسلحة مثل الصاروخ المضاد للرادار KH-58 والقنبلة المضادة للدبابات KAB-1500، قد ضاعف من أهمية هذه الطائرة بالنسبة للقوات الجوية للجيش الإيراني.
وفي عالم اليوم، لا تزال هذه الطائرة في الصف الأول للخدمات القتالية في العديد من البلدان مع ترقيات مختلفة، وهناك رهانات خاصة عليها کطائرة مهاجمة.
تعتبر قاعدة "شيراز" الجوية هي المضيف الرئيس والقاعدة الأم لقاذفات "سوخوي 24"، ويعود تاريخ أول خبر حول الإصلاح الكامل لـ "سوخوي 24" في إيران إلى عام 2014.
ومن النقاط اللافتة والملحوظة فيما يتصل بالمعرفة والخبرة حول إصلاح سوخوي 24، يمكن ملاحظتها في مسألة تفعيل أسطول سوخوي 24 للقوات الجوية للحرس الثوري الإيراني، لأن كلتا طائرتي سوخوي 24 وسوخوي 22 تستخدمان محرك AL-۲۱ التوربيني، وکلتاهما تستخدمان آلية الجناح المتغير.
وقد ساعد إنشاء القدرة على صيانة سوخوي 24، على إعادة تفعيل طائرة مهمة أخری للقوات المسلحة، ودخولها في الخدمة بقوة مختلفة.
في الأشهر الأخيرة، شهدنا تسليم طارتين من طراز سوخوي 24 بعد إصلاحهما. تتعلق الحالة الأولى بشهر سبتمبر من هذا العام، والحالة الأحدث متعلقة بالأسبوع الماضي.
والمثير للاهتمام هو أنه في الصور المتعلقة بإصلاح وتسليم سوخوي 24 الجديدة في قاعدة شيراز، يتم إصلاح طائرتي سوخوي 24 على الأقل، وتم تسليم طائرة سوخوي 24 إلى الوحدة التشغيلية.
يمكن القول إنه مع هذا الوضع وفي الحد الأدنی، تتوافر قدرة إصلاح شاملة لـ 3 أو 4 طائرات سوخوي 24 في هذه القاعدة سنويًا. والنقطة المهمة في هذا الصدد، هي أنه في مسألة الإصلاح الشامل، تتم أيضًا مراعاة الحالة العامة للطائرة.
وقد تواجه بعض الطائرات المعنية مشاكل بسبب بعض الحوادث، أو يتم إبعادها عن العمل لفترة طويلة لأسباب مختلفة، والتي من الواضح أنها ستزيد من وقت وتكاليف الإصلاح.
ما يمكن الحصول عليه من الصور المنشورة، هو أن بعض مقاتلات سوخوي الموجودة قيد الإصلاح أو المستعدة للطيران، قد تعرضت لأضرار بالغة وكان لديها العديد من المشاكل الجسدية والتقنية، لكن الخبرة العلمية والإمکانات الفنية للقوات الجوية للجيش الإيراني قد تطورت كثيرًا في إصلاح وترقية هذه المقاتلات، بحيت إنه لم يتم توفير إمكانية إعادة تأهيل هذه الطائرات فحسب، بل أيضًا تطوير وتحديث هذه الطائرات للقوات المسلحة الإيرانية، وهو الأمر الذي يجعل موقع هذا القطاع وخصائصه فريداً من نوعه بين الجيوش الرئيسة في العالم.
العمل علی وسائل النقل مستمر
والمسألة الأخرى حول قاعدة شيراز الجوية هي صيانة طائرتين إيرانيتين للنقل، هما "سي 130" و"إليوشن 76". تشکل هاتان الطائرتان جزءًا مهمًا من قدرة النقل الجوي الإيراني، وتحملتا ضغوطاً هائلةً في الدعم اللوجستي لجبهة المقاومة، وخاصةً خلال العقد الماضي.
والنقطة المثيرة للاهتمام والجديرة بالملاحظة في التقرير المعدّ لإصلاح طائرة إليوشن 76، هي الإشارة إلى تلف جزء داخلي في أحد محركات هذه الطائرة، ثم إنتاج نموذج أولي بالداخل واستبداله.
وتشير النقطة الأخرى في هذا التقرير، إلى إنتاج الأجزاء المتعلقة بحامل خزان الوقود في طائرة "هرقل"، والتي تم تصميمها وتصنيعها بنجاح في إيران.
والنقطة الأخيرة التي يجب ذكرها في نهاية هذا التقرير، هي أنه اليوم وبعد نحو 42 عامًا من انتصار الثورة الإسلامية، تم تكوين قدر كبير من الخبرة في مجال الصيانة في إيران في قطاع الطيران، والتي تضم مجموعةً واسعةً جدًا من الطائرات الشرقية والغربية والعسكرية والمدنية، والتي يمكن أن تكون مصدر دخل وخلق فرص عمل لإيران، وخاصةً في فترة ما بعد حظر الأسلحة.
ولا ننسى أن مسألة الإصلاح ليست مجرد خبراء وعمال حول الطائرات، بل يمكن لقطاع تصنيع قطع الغيار أيضاً تحقيق دخل وتوظيف مناسبين، إلى جانب هذا القطاع.