الوقت_ خلال لقاء وطني في مدينة غزة بعنوان “تطورات المشهد الوطنيّ”، الثلاثاء المنصرم، كررت الفصائل الفلسطينيّة دعواتها لتغليب ملف المصالحة الفلسطينية على كل الملفات الأخرى، وعدم الرهان على عودة العلاقات مع الكيان الصهيونيّ في إشارة إلى قيام حركة "فتح" بالتراجع عن قرار قطع التنسيق الأمنيّ مع تل أبيب، مؤكّدة على ضرورة توحيد الصف الفلسطينيّ من أجل تحدي الاحتلال الغاصب ومقاومة التهويد والضم والاستيطان المستمر.
مخاطر جمّة
تدرك الفصائل الفلسطينيّة حجم المخاطر التي تواجه القضية اليوم، والمتمثلة بـ "صفعة القرن" الرامية إلى تصفيّة القضيّة الفلسطينيّة، والتطبيع الذي شكل طعنة في ظهر هذا البلد، ناهيك عن مخططات الاستيطان والضم التي لا تتوقف عن قضم ونهب أراضي الشعب الفلسطينيّ، حيث قال عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلاميّة "حماس"، خليل الحية، أنّ "ما يدور في المنطقة يستهدف وجودنا وقضيتنا، ويجب إعادة ترتيب صفوفنا"
وفي الوقت الذي أشارت فيه حركة حماس إلى أنّ الأمة تُسلب إرادتها وتنهب ثرواتها ليصبح الكيان الصهيونيّ سيداً في المنطقة، اعتبرت أنّ تل أبيب مستمرة في غيها وتغول كيانها من خلال الاستيطان، محذرة من أن يتم استدراج السلطة الفلسطينيّة لتكون جزءاً من عملية التطبيع في المنطقة، بعد قرار محمود عباس إعادة العلاقات مع العدو قبل أسبوعين، ما يشكل ضربة لأيّ شراكة عمل وطنيّ في عمقه ويناقض التفاهمات الداخليّة.
لذلك، لا يمكن أن يواجه الفلسطينيون التحديات إلا بوحدة وشراكة حقيقية من خلال الاتفاق على إستراتيجيّة وطنيّة يعيدون فيها بناء مؤسساتهم، ويطلقون يد المقاومة ليدفع الاحتلال الصهيونيّ، الثمن وفق الحركة.
ومن الجدير بالذكر أنّ لقاء بحث ملف المصالحة بين حركتي فتح وحماس في الـ 16 و17 من الشهر المنصرم برعاية مصرية، لم يحرز أيّ تقدم بشأن تحديد موعد الانتخابات العامة وتحقيق المصالحة.
سر المواجهة
رغم إفشال الحوار الفلسطينيّ الذي جمع حماس وفتح منتصف الشهر الجاري بالقاهرة، عقب إعلان السلطة استئناف التنسيق الأمنيّ مع الكيان الغاشم، تُقدر حركة "الجهاد الإسلاميّ" تصميم حركة "حماس" على المضي قدماً للمصالحة، حيث بيّن عضو المكتب السياسيّ للحركة، خالد البطش، أنّ إعادة بناء "منظمة التحرير" على أسس جديدة تم الاتفاق عليها في 2005 و2011، هو المدخل لمواجهة الاحتلال وحصاره ومقاومة مشاريع التطبيع والتهويد والضم والاستيطان.
وتؤكّد حركة الجهاد على وجوب الاستمرار في مسار المصالحة وعدم التسليم بالانتكاسة الأخيرة التي حصلت في ملف المصالحة، ودعت لاستئناف الجهود الوطنية المخلصة، والتراجع عن قرار إعادة العلاقات مع الاحتلال الصهيونيّ، واستكمال مخرجات لقاء الأمناء العامين من تشكيل قيادة وطنيّة موحدة في الميدان.
وحذرت الحركة من مغبة العودة إلى ما أسمتها "المناكفات الإعلاميّة"، وخطورة العودة للغة العقوبات على غزة، داعية الرئيس عباس لإنهاء الإجراءات العقابية التي فرضها على الأهالي في غزة، بالتزامن مع انتشار فيروس كورونا المستجد.
انتخابات شاملة
ركزت "الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين" على ضرورة إجراء انتخابات شاملة ومتزامنة تعيد بناء النظام الفلسطينيّ على أسس الشراكة، فيما عدّت عودة السلطة الفلسطينيّة للعلاقات مع الاحتلال ضربة لحالة الإجماع الوطنيّ الرافضة للتسوية والمفاوضات، في الوقت الذي يحاول فيه الكيان خلق أمر واقع على الأرض لإقامة دولته المزعومة.
وطالبت الجبهة الشعبيّة بعقد اجتماع فوريّ عاجل للأمناء العامين بالقاهرة من أجل استكمال الحوار الوطني، لإنهاء الانقسام والاتفاق على استراتيجية وطنية ناظمة للعلاقات الفلسطينية - الفلسطينية، ولطبيعة المواجهة مع الاحتلال، وتشكيل القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية الشاملة وفق ما تم الاتفاق عليه في اجتماع الأمناء العامين في رام الله – بيروت، وصولاً لإطلاق انتفاضة شعبيّة وعصيان مدنيّ.
وفي هذا الصدد، دعا عضو المكتب السياسيّ للجبهة الديمقراطيّة، صالح ناصر، إلى إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، قائلا: "آليات استعادة الوحدة متفق عليها، وإذا كان الخلاف على المقاومة فهناك توافق على المقاومة الشعبية، فلماذا لا تُنفذ؟".
إضافة إلى ذلك، نوه مسؤول حركة المبادرة الوطنية في قطاع غزة، عائد ياغي، إلى ضرورة الاتفاق على استراتيجية وطنية وتشكيل قيادة وطنية موحدة، مكرراً المطالبة بالتراجع عن التنسيق الأمنى مع العدو، وترك الرهان على التسوية وعلى الرئيس الأمريكي الجديد، داعيا السلطة لان تراهن على الشعب الفلسطينيّ وما يستطيع أن يفعل بصموده وكفاحه وليس على الإدارات الأمريكية والاحتلال، كما ويجب وضع خطة تنموية لتعزيز صمود المواطن الفلسطيني وتحقيق العدالة الاجتماعية ودعم القدس وأهلها.
وبناء على كل ذلك، خذلت السلطة الفلسطينيّة برئاسة محمود عباس الشعب الفلسطينيّ، وأعادت غرز خنجر الخيانة العربيّة في ظهر قضيّته، ورغم أنّ الفصائل الفلسطينية أجمعت على اختيار طريق المقاومة أصرت السلطة على استخدام منهج خنوعها الذي لم يجلب لها سوى الخيبة والهزيمة أمام العدو الصهيونيّ، وأسقطها من قلوب الفلسطينيين وجعلها أداة رخيصة تستعمل ضد إرادة الشعب وتطلعاته.