الوقت - في عالم اليوم، يعدّ الجهد المبذول لتطوير العلاقات الاقتصادية، أحد الأهداف الرئيسة للوحدة السياسية وامتداداً لها.
وإيران وقطر هما من البلدان التي رفعت في السنوات الأخيرة مستوى علاقاتهما السياسية بشكل كبير مقارنةً بالماضي، وأصبحتا نموذجًا للتقارب الإقليمي على جانبي الخليج الفارسي.
في غضون ذلك، على الرغم من نمو العلاقات الاقتصادية بين البلدين وبما يتماشى مع التعاون السياسي، إلا أنها لم تمر بعملية متوازية، الأمر الذي أدى إلى جهود الجانبين لملء هذه الفجوة وزيادة مستوى العلاقات الاقتصادية.
وفي هذا الصدد، عقد بالأمس في "أصفهان" الاجتماع السابع للجنة التعاون الاقتصادي بين إيران وقطر، بحضور وزير الطاقة "رضا أردكانيان" ووفد من دولة قطر، وتم التوقيع على مذكرة تفاهم للجنة التعاون الاقتصادي المشتركة. وكان من المقرر عقد الاجتماع في أبريل من العام الجاري، لكن تم تأجيله بسبب تفشي فيروس كورونا.
تم الاتفاق في وثيقة هذه المذكرة على إنشاء مجموعة عمل تجارية مشتركة، فضلاً عن إنشاء مراكز تجارية بين القطاعات الخاصة في إيران وقطر، وإنشاء ملحق تجاري في سفارتي البلدين في طهران والدوحة، واستخدام موانئ البلدين لتطوير التجارة.
كما تتضمن البنود الأخرى للوثيقة، توافقاً حول المشاريع المشتركة والنقل والعبور والخدمات الفنية والهندسية والثقافة والتكنولوجيا والزراعة.
العلاقات الاقتصادية بين إيران وقطر
شكَّل الحظر المفروض على قطر من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر في عام 2017، نقطة تحول في تاريخ العلاقات الاقتصادية والتعاون بين طهران والدوحة.
فور إعلان العقوبات على قطر وإغلاق حدود الدول المقاطعة للدوحة، التي کانت تستورد أكثر من 80٪ من غذائها من السعودية والإمارات، سمحت إيران لطائرات الركاب التابعة لها بالتحليق فوق إيران، وقدمت مساعدات مهمة لتلبية الاحتياجات الأساسية لهذا البلد، وخاصةً في مجال الغذاء.
وقد أدى ذلك إلى وصول حجم التبادل التجاري الرسمي بين البلدين، والذي بلغ 113 مليون دولار في عام 2016(103 ملايين صادرات إيرانية إلى قطر و10 ملايين واردات من قطر)، إلى 247 مليون دولار عام 2019(234 مليون دولار صادرات إلى قطر و13 مليون دولار واردات من هذا البلد)، وذلك بسبب الأزمة في قطر وحاجتها للبضائع الإيرانية، ما يدل على نمو بلغ أكثر من 100٪.
ومن السلع التي تشكل أكبر كمية من صادرات الشركات الإيرانية إلى قطر، يمکن الإشارة إلی الجبس، الجير، الجابرو، الأسمنت، الكلنكر، المواشي الحية، المنتجات المعدنية والصفائح الفولاذية، الأرضيات والكليم والسجاد، الجبس والرخام، البلاط والسيراميك، الحصى والرمل، البرسيم والقش، والأطعمة بما في ذلك الفواكه والخضروات، الفستق والمكسرات والزعفران، وألواح الصلب والحيوانات الحية، والمواد الكيميائية العضوية والمنتجات المعدنية.
تهدف إيران وقطر الآن إلى تحقيق مليار دولار في المبادلات الاقتصادية، وهو أمر ليس بعيد المنال بسبب الإمكانات الكبيرة للاقتصاد الإيراني.
ويتخذ البلدان حالياً الخطوات اللازمة لتحقيق مثل هذا الهدف، ویعدّ انعقاد اللجنة الاقتصادية السادسة المشتركة بين إيران وقطر في أبريل 2019 في الدوحة بعد انقطاع دام 13 عامًا، بحضور وفد مؤلف من 70 شخصاً من الخبراء ورجال الأعمال في القطاعين العام والخاص بجمهورية إيران الإسلامية، خطوةً مهمةً في هذا المجال.
وفي نفس الشهر، شاركت نحو 40 شركة إيرانية في المعرض الخامس عشر للتشييد والبناء والصناعات المرتبطة بهما، والذي أطلق عليه اسم "مشروع قطر"، وهو يعدّ أهم حدث اقتصادي في قطر في مجال البناء.
في السنوات الأخيرة، خصصت قطر 200 مليار دولار ميزانية للبنية التحتية، وذلك للتحضير لكأس العالم لكرة القدم 2022، ما جعل قطر سوقًا رئيسةً لمواد البناء والقوى العاملة الفنية والهندسية.
وبلغت واردات قطر 7 مليارات دولار في 2020، بانخفاض 6.8 بالمئة عن العام السابق بسبب أزمة كورونا. وأهم واردات هذه الدولة هي: معدات النقل وقطع الغيار(19٪ من إجمالي الواردات)، الغلايات البخارية والآلات والأجهزة والقطع الميكانيكية(15٪)، المعادن الأساسية ومنتجاتها(11٪)، والآلات والمعدات الكهربائية وقطع الغيار(10.7٪).
کما أن أهم المصدِّرين لدولة قطر في عام 2019، هم: الولايات المتحدة بحصة 18.6٪(5.44 مليارات دولار)، الصين بحصة 11.9٪(3.48 مليارات دولار)، ألمانيا بحصة 7.14٪(2.08 مليار دولار)، بريطانيا بحصة 6.63٪(1.93 مليار دولار)، الهند بحصة 5.15٪(1.5 مليار دولار)، إيطاليا بحصة 4.3٪(1.25 مليار دولار)، تركيا بحصة 4.11٪(1.2 مليار دولار)، عمان بحصة 3.41٪(995 مليون دولار)، واليابان بحصة 2.97٪(867 مليون دولار).
وفقًا للإحصاءات أعلاه، من الواضح تمامًا أن مستوى العلاقات الاقتصادية بين طهران والدوحة، وعلى الرغم من نموه بشكل كبير حاليًا، ولکنه ليس كافياً، وبالنظر إلی العلاقات الودية المتنامية بين البلدين، فإن التبادلات الاقتصادية لديها إمكانات أكبر بكثير.
في هذه الأثناء، فإن جذب الاستثمارات القطرية إلی إيران، هو أحد المكونات التي يمكن أن تكون مفيدةً لكلا البلدين. على سبيل المثال، في مارس 2018، قال "الكابتن الخنجي" رئيس هيئة الموانئ القطرية: "إن خطط الدوحة لتوسيع الترانزيت إلى رابطة الدول المستقلة، هي باستخدام الموانئ الإيرانية، ولن يعيق أي شيء تفاعلنا مع إيران".