الوقت- في اجواء الحديث عن رغبة مشتركة روسية سورية عراقية ايرانية لإنشاء عمل مشترك لضرب جماعات التدمير، ومع رفع مستوى التنسيق والتعاون الروسي السوري، وبعد التصريح الأخير الذي أدلت به رئيسة مجلس الشيوخ الروسي ماتفيينكو حول دراسة امكانية مشاركة القوات الجوية الروسية في العمليات الجوية في العراق في حال تلقي طلب رسمي من بغداد، جاءت زيارة الوفد العسكري العراقي إلى موسكو للتنسيق بشأن ضربات جوية ضد الجماعات التدميرية التخريبية، هذه الأجواء يرافقها توقف مفاجئ للعمليات التي تقوم بها القوات الأمريكية في الرمادي والأنبار ضد الجماعات بحسب ما تدّعيه، يرافق ذلك أيضاً التوقف عن تقديم المساعدات اللوجستية والعسكرية والتدريبية للقوات العراقية، مضافاً إلى ذلك فإن الخبراء العسكريين أوقفوا مهامهم بشكل مرحلي بإنتظار الأوامر الجديدة من واشنطن، هذا التوقف المفاجئ يأتي بسبب ارتفاع درجة الحرارة، وبغض النظر عن العمليات التي تقوم بها واشنطن في الرمادي والأنبار، وعن الأهداف الحقيقية التي تقف خلف هذه العمليات، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه يتعلق بالسيناريو الأقرب للواقع الذي يُفسّر التّبدّل الطارئ على التحرك الأمريكي الأخير بموازاة التوجه الروسي العراقي نحو شكل من أشكال التعاون والتنسيق لضرب الفكر التدميري التخريبي؟
سيناريوهات محتملة
أولاً: السيناريو الأول والأكثر وقوعاً على الساحة العراقية هو التوجه الروسي المتسارع نحو انشاء علاقات وتحالفات لمواجهة هذه الجماعات التدميرية، وهذا لا يعني أن روسيا في السنوات الماضية ومنذ بروز هذه الجماعات لم تكن ضمن أولوياتها مواجهة الجماعات، لكن فشل الحلف الأمريكي وشكوك منشأه هو ما فسر هذا التوجه، فمن تحرك نحو انشاء مركز اطلاعات مشترك والذي صار يعرف بالحلف الرباعي إلى تعاون وتنسيق مع سوريا وتوجه إلى تعاون مع العراق مضافاً إلى الدعم العسكري وإرسال طائرات إلى سوريا ونية بإنشاء قاعدة بحرية أكثر امكانيات من طرطوس، كل ذلك شكّل حرباً نفسية روسية على أمريكا وضعها في موقع المربك وحتم عليها إعادة دراسة الواقع المستجد، خاصة أن احراز انجاز روسي قد يضع أمريكا في دائرة الإستفهام حول كل ادعاءاتها خلال الأشهر الماضية عن توجهها لضرب هذه الجماعات والذي لم يعط أي نتيجة.
ثانياً: السيناريو الآخر الذي قد يكون سبباً وراء توقف التحرك الأمريكي في الرمادي والأنبار هو شكل من أشكال الإعتراض على روسيا حيال الواقع الجديد الذي يفرضه تدخلها، هذا الواقع والذي ترى فيه أمريكا بلا شك تعارضاً مع مصالحها ومنافعها على الساحة العراقية والقائمة على استمرار تأجيج الصراعات. على الجانب الآخر قد يكون اعتراضاً امريكياً على العراق في حال قبولهم بالتوجه الروسي لإنشاء آلية تعاون مشترك، وهو مقدمة أمريكية لإيقاف الدعم بكافة أشكاله حال العمل المشترك مع روسيا بغض النظر عن طبيعة وأهداف الدعم الأمريكي.
ثالثاً: لعل السيناريو الآخر والأقرب للواقع يكمن في الفشل الأمريكي في العراق، وهذا ما يحتم على أمريكا الذهاب نحو التعاون والتنسيق مع روسيا. وهي أمام واقع ومستجدات جديدة تجد نفسها مضطرة إلى ايقاف تحركها بانتظار أن يأخذ التعاون شكلها الطبيعي. ما يعزز هذا السيناريو هي الأخبار التي نقلت عن نائب وزير الدفاع الروسي قوله إن وزارته دعت ضباطاً عسكريين أجانب للحضور إلى موسكو لتنسيق الحملات ضد الجماعات التخريبية التدميرية. كما قال مسؤول أمريكي بأن روسيا أعلنت استعدادها لإستئناف محادثات عسكرية بين الجانبين. لكن على كل حال فالأمور تغيرت، ولم يعد بالإمكان العمل ضمن نفس الآلية الأمريكية السابقة والتعويل على الجماعات التدميرية التخريبية في نفاذ المشروع، فهو أثبت فشله وتحول إلى ورقة خاسرة.