الوقت- بعد 3 سنوات على قرار المقاطعة الذي قامت به كل من السعوديّة والإمارات ومصر والبحرين لدويلة قطر، بعد ثبوت تورطها وفق ادعائهم، بدعم وإيواء جماعات وعناصر إرهابيّة تستهدف الإضرار بالأمن القوميّ العربيّ وزعزعة استقراره، أشار وزير الدولة القطريّ لشؤون الدفاع، خالد العطية، إلى أنّ ما أسماها "دول الحصار" كانت تخطط لغزو قطر عسكريّاً على مرحلتين، الأولى تتمثل بالحصار من خلال الضغط على الشارع القطريّ ومن ثم الغزو العسكريّ.
نوايا مبيّتة
رغم السنوات الثلاث التي مرت على قرار المقاطعة العربيّ أو ما تسميه قطر "الحصار"، وتأثيراته الاقتصاديّة والسياسيّة والاجتماعيّة على البلاد إلا أنّ سياسات حكام الدوحة لم يطرأ عليها أيّ تغيير، وخاصة مع وجود اتهامات لها في دعم الإرهاب، ومواصلة ما يقولون أنّه الدور التخريبيّ بالمنطقة.
والغريب في الأمر، أنّ الدول التي تفرض حصاراً على دويلة قطر هي نفسها غارقة إلى أبعد الحدود في دعم الإرهاب والتخريب والتدمير الذي أصاب الكثير من البلدان العربيّة، وعلى رأسها سورية واليمن وليبيا.
وإنّ ما كشفه وزير الدفاع القطريّ، في المقابلة التي أجراها على قناة الجزيرة، التابعة لنظام آل ثاني، يوكّد النوايا المبيّتة لتلك الدول وعلى وجه الخصوص السعوديّة والإمارات، بعد إعلانها قطع علاقاتها الدبلوماسيّة مع الدوحة أوائل حزيران عام 2017، والذي ترافق مع إجراءات اقتصاديّة من بينها إغلاق الحدود البريّة والبحريّة مع قطر، إضافة إلى قطع الرحلات الجويّة وفرض قيود على حركة القطريين في تلك الدول.
وفي إطار أسوأ أزمة بين الدول الخليجيّة، منذ تأسيس "مجلس التعاون الخليجيّ" عام 1981، ترتكز قطر في اتهاماتها لدول الحصار أو المقاطعة على أدلة وثقها بعض رؤساء الدول، بينهم الراحل أمير الكويت، صباح الأحمد الصباح، ورئيس رومانيا، كلاوس يوهانيس، في لقائهما بأوقات مختلفة مع الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، إضافة إلى وزير خارجيّة سابق لألمانيا، حيث أكّدوا جميعاً وجود نوايا سابقة لغزو قطر عسكريّاً.
في هذا الخصوص، كشف برنامج "المسافة صفر" على القناة القطريّة، وثائق ومعلومات جديدة، تتحدث عن شبكات منظمة تعمل في سريّة تامة على فبركة مجموعة من القصص والأخبار، وشن حملات إعلاميّة مضللة تستهدف الدوحة وحلفاءها، كذلك فضح البرنامج تفاصيل وأسماء العاملين في تلك المواقع ومقراتها في القاهرة، وإدارتها من العاصمة الإماراتية أبوظبي صاحبة التمويل الرئيس لتلفيق تهم وهميّة ضد قطر بدواع مختلفة.
كذلك، أوضح مدير مبادرة الشفافيّة في مركز السياسة الدوليّة "بن فريمان" أنّه كانت هناك مراكز أبحاث ممولة من أبوظبي والرياض في أمريكا تنظم مؤتمرات ضد الدوحة قبل إعلان مقاطعتها، بينما تتم الإشادة بالدور السعوديّ والإماراتيّ في مواجهة الإرهاب، ليتم التأثير على أعضاء في الكونغرس بغية اتخاذ قرارات تضر بالمصالح القطريّة.
ردود دول المقاطعة
بيّن وزير الدولة الإماراتيّ للشؤون الخارجيّة، أنور قرقاش، في رده على ما قاله وزير الدفاع القطريّ، خالد العطية، بأنّه محضُ هذيان، موضحاً عبر صفحته الرسميّة على موقع تويتر، أنّ التصريحات القطريّة حول خطة دول المقاطعة لغزو الدوحة عسكرياًّ، لا تستحق الرّد، على حد تعبيره.
إضافة على ذلك، دعا مستشار ملك البحرين، خالد آل خليفة، الأمين العامة لمجلس التعاون الخليجي، إلى وضع حد لما أسماه الكذب والهذيان الذي تتبعه الدوحة في تصريحاتها عن دول المقاطعة العربيّة، متسائلاً: "ألا يتوجب على الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجيّ أن تضع حداً لهذا الكذب والهذيان المتكرر؟"، وفق وصفه في تغريدة له على تويتر.
ومع استمرار صراع الممالك في منطقة الخليج الفارسی، والذي يصفه البعض بالـ"حرب الباردة" بين دول مجلس التعاون وعلى وجه الخصوص بين مملكة آل سعود و مملكة آل ثاني، يتمحور الخلاف حول التنافس على النفوذ الإقليميّ، وخاصة بعد ما سميّ "الربيع العربيّ" الذي خلق استماتة عند تلك الدول لإيجاد موطئ قدم لنشر نفوذها في العالم العربيّ.
خلاصة القول، وبعيداً عن صحة التصريحات القطريّة أو عدمها، يُظهر الإعلام السعوديّ والقطريّ حجم تشعب الخلافات المتجذرة بين الدولتين، والتي لم تكن وليدة اللحظة في كثير من القضايا، بل ظهرت جلياً على السطح في السنوات الأخيرة، ما يدل على أنّنا لا يمكن أن نشهد انفراجاً في الأزمة المتشعبة بين حكومتيّ البلدين، بعد اندلاع الأزمة عام 2017، لذلك من المبكر جداً الحديث عن أيّ تقدم في إصلاح العلاقات السعوديّة - القطريّة، بل العكس ربما تشهد الأيام القادمة تطوراً أكبر للأزمة بينهما.