الوقت- عجّت المواقع الإخباريّة العربيّة بتصريحات رئيس الوزراء السودانيّ، عبد الله حمدوك، الذي أوضح أنّ الحكومة الانتقاليّة لا تملك تفويضاً لتحديد العلاقة مع العدو الصهيونيّ، وذلك خلال محادثات وصفها بالـ "شفافة" مع وزير الخارجيّة الأمريكيّ، مايك بومبيو، في العاصمة الخرطوم، الثلاثاء المنصرم، في أول زيارة لوزير خارجيّة أمريكيّ إلى السودان منذ 24 عاماً.
فشل مفاوضات التطبيع
ناقش رئيس الوزراء السودانيّ، عبد الله حمدوك، مع وزير الخارجيّة الأمريكيّ، مايك بومبيو، بعد وصوله إلى العاصمة السودانيّة الخرطوم، الأوضاع في السودان ومسار العملية الانتقاليّة والعلاقات الثنائيّة بينهما ومساعي رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، لكن الزيارة جاءت لغاية في نفس واشنطن، ألا وهي التطبيع ولا شيء غيره.
وعلاوة على ما تقدّم، بيّن بومبيو أنّ واشنطن تدعم العمليّة الانتقاليةّ في السودان، كما أكّد دعم الإدارة الأمريكيّة لعملية السلام وجهود تحقيق الأمن والاستقرار في "دارفور" وبقية المناطق المتأثرة بالنزاع، كما أظهر اهتماماً بإجراءات حماية المدنيين في دارفور خلال المرحلة القادمة، فيما أوضح حمدوك، أنّ الحكومة السودانيّة تولي موضوع حماية المدنيين في دارفور اهتماماً كبيراً، بحسب البيان الرسميّ.
وبما يخصّ الطلب الأمريكيّ بتطبيع العلاقات مع العدو الغاشم، أوضح رئيس الوزراء السودانيّ، أنّ المرحلة الانتقاليّة في السودان يقودها ما أسماه "تحالفاً عريضاً" بأجندة محددة لاستكمال عمليّة الانتقال وتحقيق الاستقرار والسلام في البلاد، وصولاً للقيام بانتخابات حرة، مشيراً إلى أنّ الحكومة الانتقاليّة في السودان، لا تملك تفويضاً يتعدّى هذه المهام لاتخاذ القرار بشأن التطبيع مع العدو الغاصب، مبيّناً أن هذا الأمر يتمّ حسمه بعد إكمال أجهزة الحكم الانتقاليّ، ما يترك باب التطبيع مع الصهاينة مفتوحاً على مصراعيه.
وجاءت دعوة رئيس الوزراء السودانيّ واشنطن لضرورة الفصل بين عمليّة رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ومسألة التطبيع مع الكيان الصهيونيّ، من القناعة بأنّ أمريكا لا يمكن أن تتقدم خطوة في تلك المسألة من دون رضوخ السودان وانخراطه في التطبيع مع العدو الصهيونيّ.
ومن الجدير بالذكر أنّ وزير الخارجيّة الأمريكيّ، قام فور وصوله إلى الخرطوم بعقد مباحثات مكثفة مع رئيس الوزراء السودانيّ، وأعقب ذلك لقاء مع رئيس مجلس السيادة السودانيّ، عبد الفتاح البرهان، والذي دعا للعمل على تعزيز العلاقات بين الخرطوم وكيان الاحتلال، بعد أن التقى نتنياهو في العاصمة الأوغنديّة كمبالا، في شباط المنصرم.
تصريحات متناقضة
أقال السودان في وقت سابق، المتحدث باسم وزارة الخارجيّة، حيدر بدوي، بسبب تصريحات له حول عزم الخرطوم التطبيع مع العدو الصهيونيّ الغاصب، واستنكرت وزارة الخارجيّة السودانيّة، تصريحات المتحدث باسمها، معبرة عن دهشتها من تصرفه، وذكرت أنّ تلك التصريحات أوجدت وضعاً ملتبساً يحتاج إلى توضيح.
وبحسب ما أكّد وزير الخارجيةّ السودانيّ المكلف، عمر قمر الدين، لم تتم مناقشة موضوع التطبيع والعلاقات مع العدو الصهيونيّ بأي شكل من الأشكال في وزارة الخارجيّة السودانيّة، ولم يتم تكليف المتحدث باسمها، السفير حيدر بدوي، للإدلاء بأي تصريحات حول هذا الموضوع،
وقد رد رئيس وزراء العدو الصهيونيّ، بنيامين نتنياهو، على تصريحات المتحدث باسم الخارجيّة السودانيّة المُقال، حيث رحّب بتلك التصريحات التي لا تمت إلى الرسميّة بِصلة، معتبراً أنّها تعكس ما وصفه بـ "القرار الشجاع" الذي اتخذه رئيس ما يسمى "مجلس السيادة السودانيّ"، عبد الفتاح البرهان.
وادّعى نتنياهو أنّ كيانه و السودان والمنطقة بأسرها ستربح من اتفاقية الاستسلام، بيد أنّ العدو الصهيونيّ هو الرابح الوحيد من اتفاقيات التطبيع، وإنّ ما ذكره نتنياهو لا يعدو كونه تصريحات إعلاميّة واهية، خاصة بعد النفي الصهيونيّ لما اختلقته أبو ظبي حول أنّ اتفاق الخيانة، سينهي مشاريع العدو في قضم المزيد من أراضي الفلسطينيين لوضعها تحت سلطة الاحتلال الغاشم.
ومن الجدير بالذكر، أنّ مسؤولين في كيان الاحتلال أشاروا إلى أنّ العدو الصهيونيّ والسودان اتفقا على التحرك نحو إقامة علاقات رسميّة، بحسب ما ذكرته مواقع إخباريّة.
أكثر من ذلك؛ رجح يوسي كوهين، أن توقّع الخرطوم اتفاقية مماثلة للاتفاقية الإماراتيّة مع الكيان قريباً، موضحاً أنّ هذا العام سيحقّق الكيان اختراقاً آخر مع إحدى الدول الإفريقيّة، وقد أشار بشكل مباشر في حديثه إلى السودان، بحسب ما ذكرته القناة الـ 13 العبريّة.
وبحسب هيئة البث العبريّ، فإنّ كوهين قد كشف النقاب عن أنّ العدو الصهيونيّ والسودان على وشك توقيع ما وصفها بـ "اتفاقية سلام" بينهما، مبيّناً أنَها ربما توقع قبل نهاية العام الحالي، موضحاً أنّ الاتصالات مع الخرطوم مستمرة، وأشار إلى أنّ بعثات من كلا الطرفين تواصل الاستعدادات للتوصل إلى هذا الاتفاق.
في الحقيقة، إنّ فشل بومبيو في ضم السودان إلى قائمة المطبعين مع العدو الصهيونيّ سيلقي بظلال من الشك على التطبيع الذي تسعى إليه عدة دول عربيّة أخرى، كالبحرين وسلطنة عمان، اللّتين رحبتا باتفاق العار الذي سيوقع بين الإمارات والكيان الغاصب، ما يجبر الإدارة الأمريكيّة على دفع مزيد من الأثمان لقاء ذلك.