الوقت- بعد أن ضجّت المواقع الإخباريّة السودانيّة بالرفض الشعبيّ لتصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجيّة، حيدر بدوي، حول عزم الخرطوم التطبيع مع العدو الصهيونيّ الغاصب، استنكرت وزارة الخارجيّة السودانيّة، في بيان، الثلاثاء المنصرم، تصريحات المتحدث باسمها، معبّرة عن دهشتها من تصرفه، وذكرت أنّ تلك التصريحات أوجدت وضعاً ملتبساً يحتاج إلى توضيح.
تصريحات جنونيّة
لم تتم مناقشة موضوع التطبيع والعلاقات مع العدو الصهيونيّ بأي شكل من الأشكال في وزارة الخارجيّة السودانيّة، ولم يتم تكليف المتحدث باسمها، السفير حيدر بدوي، للإدلاء بأيّ تصريحات حول هذا الموضوع، بحسب ما أكّد وزير الخارجيةّ السودانيّ المكلف، عمر قمر الدين.
وما ينبغي ذكره أنّ المتحدث باسم وزارة الخارجيّة السودانيّة، قد أشار، في مؤتمر صحافيّ، الثلاثاء الماضي، إلى أنّ الخرطوم تسعى لأن يكون ملف التعامل مع العدو الصهيونيّ لدى الخارجيّة باعتبارها وزارة سياديّة، مبيّناً أنّ الاتجاه نحو إقامة علاقات مع الكيان الغاشم ليس بالجديد وقد سبقهم إليه وزير خارجيّة النظام السابق، إبراهيم غندور.
وفي تصريح أشعل غضب الشارع السودانيّ، تحدّث بدوي أنّ بلاده ليست أول دولة تطبع مع العدو الصهيونيّ، وأنّ علاقاتهم مع اليهود قديمة منذ عهد موسى عليه السلام، وكأنّ مشكلة العرب والفلسطينيين هي مع دن بعينه وليست مع احتلال إجراميّ متسلّط يمارس الساديّة بأقذر الوسائل ضد أبناء الأرض الذي احتلها ونشر شروره فيها وفي محيطها وأبعد من ذلك.
ومن المثير للاهتمام ما ذكره المتحدث باسم الخارجيّة السودانيّة، حول أنّ تطبيع السودان مع العدو سيكون مختلفاً ومن نوع فريد ولا يشبه التطبيع مع الدول الأخرى، لأنّ ما أسماه "السلام مع العدو" يسوق الخرطوم لنفي تهمة الإرهاب عنها، وبذلك تكون الخيانة مبرراً للصهاينة العرب للتعامل مع أشد الكيانات إرهاباً، بذريعة رفع تهم الإرهاب، وإذا كانت الدول صاحبة المواقف المشرفة تتهم بالإرهاب، فما أعظم هذه التهمة مقابل صفات الخيانة والعمالة والخنوع.
وفي هذا الصدد، وصف المتحدث باسم نفسه، بناء على بيان الخارجيّة السودانيّة، الخيانة الإماراتيّة وتطبيع العلاقات بين الإمارات والعدو الصهيونيّ بأنّه خطوة جريئة وشجاعة، على حد تعبيره، معتبراً أنّ الاستسلام للعدو هو المسار الصحيح لتحقيق السلام في الشرق الأوسط والعالم.
ترحيب صهيونيّ
لم يكن مستغرباً تعليق رئيس وزراء العدو الصهيوني، بنيامين نتنياهو، على تصريحات المتحدث باسم الخارجيّة السودانيّة المُقال، حيث رحب بتلك التصريحات التي لا تمت إلى الرسميّة بِصلة، معتبراً أنّها تعكس ما وصفه بـ "القرار الشجاع" الذي اتخذه رئيس ما يسمى "مجلس السيادة السودانيّ"، عبد الفتاح البرهان، والذي دعا للعمل على تعزيز العلاقات بين الخرطوم وكيان الاحتلال، بعد أن التقى نتنياهو في العاصمة الأوغنديّة كمبالا، في شباط المنصرم.
وادعى نتنياهو أنّ كيانه والسودان والمنطقة بأسرها ستربح من اتفاقية الاستسلام، بيد أنّ العدو الصهيونيّ هو الرابح الوحيد من اتفاقيات التطبيع، وإنّ ما ذكره نتنياهو لا يعدو كونه تصريحات إعلاميّة واهية، خاصة بعد النفي الصهيونيّ لما اختلقته أبو ظبي حول أنّ اتفاق الخيانة، سينهي مشاريع العدو في قضم المزيد من أراضي الفلسطينيين لوضعها تحت سلطة الاحتلال الغاشم.
ومن الجدير بالذكر، أنّ مسؤولين في كيان الاحتلال أشاروا إلى أنّ العدو الصهيونيّ والسودان اتفقا على التحرك نحو إقامة علاقات رسميّة، بحسب ما ذكرته مواقع إخباريّة.
بناء على ما تقدم؛ لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن يقبل الشعب السودانيّ تطبيع العلاقات مع العدو الصهيونيّ الذي لم يترك منجهاً إجرامياّ ووحشياً إلا وارتكبه بحق العرب والمسلمين ومقدساتهم، وإنّ هذا الشعب المقاوم ليس استثناءً بين الشعوب العربيّة، بل يمثل جزءاً من حقيقة الشارع العربيّ، وقد رأينا أمثلة عظيمة جسدت معاني البطولة والكرامة التي تمتلكها الشعوب العربيّة، بدءاً من الرفض الشعبيّ القاطع للتطبيع، و الذي عبرت عنه مواقع التواصل الاجتماعيّ في الكويت و صنعاء ودمشق وبيروت وبغداد والكثير من العواصم، وليس انتهاءً عند المواطنين الجزائريين الذين بدلوا تسمية متاجرهم من "دبي" إلى فلسطين، تعبيراً عن سخطهم بسبب السياسات الاستسلاميّة التي تتبعها بعض الأنظمة الخليجيّة وعلى رأسها النظام الإماراتيّ.