الوقت- لا يمكن الفصل بين الكيان الإسرائيلي وجماعات التخريب والتدمير التي صنعها الغرب الإستعماري، فالمنشأ واحد والهدف من صناعتهما واحد، وما التفكيك بينهما إلا على نحو التعددية وتوزيع المهام ضمن هيكلية الجسد الواحد. في الحديث عن الهدف فإن وقائع الميدان تثبت بأن كلا آلة التدمير التي يستخدمها الغرب الإستعماري تتمثل في ضرب أي مشروع شعبي يولّد حكومة قوية من شأنها التصدي للمشروع الإستعماري. ففي فلسطين زُرِعَ الكيان الإسرائيلي كمركز ونقطة محورية يمكن من خلالها الإنطلاق لخلق الفوضى وتدمير البنية الشعبية، وعندما تشكلت مقاومات شعبية بوجه الكيان المحتل كان الحل الإستعماري بخلق الوجه الأخر للكيان الإسرائيلي والذي تمثّل بالجماعات التدميرية التخريبية لتوزيع المهام وتخفيف الضغط عنه، واليوم في سوريا وُكِّلَ لهذه الجماعات مهام ضرب العامود الفقري لمحور المقاومة والممانعة في المنطقة، وفي العراق الهدف ضرب أي مشروع ولادة دولة قوية متينة تعزز دور المقاومة ومحورها بعد أن فشل الإحتلال الأمريكي، وفي اليمن أيضا من غير المسموح خروج الشعب اليمني من دائرة تسلط الحكومات العائلية المنصاعة لإرادة الغرب ومشروعها، إذن آلة تدمير واحدة تعددت أوجهها.
آلية عمل آلة التدمير
قد يبدو ظاهراً أن عمل الكيان التدميري والجماعات التخريبية مستقلاً عن بعضه وأن التقت المهام، إلاّ أن واقع الحال يشير إلا آلية عملهما كالجسم الواحد، فإعتداء الكيان الإسرائيلي المحتل على المصلين وانتهاكه لحرمة المسجد الأقصى لا يمكن إلغاء دور الجماعات التخريبية فيه، فإجرام هذه الجماعات التخريبية في سوريا والعراق وغيرهما أعطى الفرصة للكيان التدميري بالإعتداء على المسجد الأقصى في ظروف إنشغال العالم الإسلامي والعربي في مواجهة الجماعات، وكما أنه أعطى طابع الأعتياد الاإرادي على مثل هكذا انتهاكات، في المقابل لا يمكن إلغاء دور الكيان التدميري في سوريا والعراق وغيرهما، فالتقارير الأخيرة التي استلمتها الأمم المتحدة ووزّعت على الأعضاء فيه تشيير بوضوح إلى دور الكيان الاسرائیلی بتقديم الدعم اللوجستي والعسكري لهذه الجماعات، ونقل المصابيين من الجماعات التخريبية إلى مستشفيات الكيان بمواكب عسكرية وزيارة المسؤولين العسكريين في الكيان لهم دليل واضح على مستوى التعاون الوثيق بينهما، والأسلحة التي يعثر عليها بحوزة الجماعات والمكتوب عليها عبارات عبرية أوضح دليل على ذلك، واختراق طائرات الكيان للأجواء السورية لتغطية الجماعات وضرب اهداف مدنية وعسكرية سورية لدعمهم، وتدريبهم للجماعات في العراق وإلى ما هنالك من أدلة تثبت أن آلية عملهم ليست مستقلة أبداً بل هي متجسدة بأسماء ومسميات مختلفة.
غزة الفلسطينية وآلة التدمير... المخطط القادم
آلة التدمير الإستعمارية وبناءً على الهدف الذي صنعة لأجله، فإن غزة الفلسطينية وكل فلسطين لن تكون بعيدة عن مخططها، فآلة التدمير أولويتها كانت في العمل ضرب شريان الحياة لمحور المقاومة والممانعة والمتمثل بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولأجل ذلك فرض حصار اقتصادي عليها وحرب اعلامية وتجيش قومي والتي لا زالت مستمرة، ولكن بعد أن تبيّن عدم الجدوى من ذلك وبالرغم من الإستمرارية إلا أن الخيارات توجّهت لضرب العامود الفقري لمحور المقاومة والمتمثل بالشعب السوري وحكومته، وبعد مضي ما يقارب الخمس سنوات، بدأت تلوح في الأفق وبوضوح أن خيار ضرب سوريا لم ولن يؤثر بل زادها عزماً وإصرارا على المضي قدماً في خياراتها المحقة. عليه وبناءً على مجموعةٍ من المقدمات الحاصلة فإن الأمور تشير بأن خيار آلة التدمير المتمثلة بالكيان الإسرائيلي والجماعات التخريبية قد تتوجه مستقبلاً إلى خيار عدوان على غزة الفلسطينية بل وكل فلسطين.
مقدمات عدوان آلة التدمير
بغض النظر عن طبيعة العدوان وأجله إلا أن مقدمات ما سبق تشير إلا أن أي عدوان مستقبلي على غزة لن يكون كسابقاته من الإعتداءات التي اتخذت طابع الطرف الواحد والمتمثل بالكيان الإسرائيلي التدميري بل أن نوعاً من الإشتراك سيقوم به العنصر المضاف على آلية التدمير والمتمثل بالجماعات التخريبية، مقدمات مثل هكذا عدوان وإن كانت بداياته تتمثل بإطلاق صواريخ من قطاع غزة بين الفينة والأخرى على تل أبيب تحمل اسم وبصمات الجماعات التخريبية، وإن لم يكن الحديث في الأصل والمبدأ على نفس عنوان الإطلاق بإعتباره عملاً مقاوماً إلا أن المسألة تكمن في الهدف، والذي قد يعطي تبريراً للكيان بشن عدوان على الفلسطينيين هناك، خاصة أن المقاومة الفلسطينية تتبع في أعمالها ونشاطاتها مخطط يراعي التوقيت والظروف التي من شأنها أن تؤدي الهدف والمطلوب، إلا ذلك تأتي السيارات المفخخة التي احبط الكثير منها قبل تفجيرها ونفذ البعض منها في الفترات الأخيرة كمقدمة لنشر فكر الجماعات ولو على المدى البعيد. ليبقى التعويل والرهان على صمود المقاومة وحكمة انتخاب المسار والخيارات.