الوقت- خلقت الخطة الصهيونيّة التي اقترحها الرئيس الأمريكيّ، "دونالد ترامب"، لقضم أجزاء من الضفة الغربيّة وغور الأردن، وضمها إلى سلطة الاحتلال الغاشم، قلقاً كبير لدى عَمان، فتارة تُصرح وتارة تهدد وتارة تُوجد الحلول، حيث أوضح رئيس الوزراء الأردنيّ، "عمر الرزاز"، الثلاثاء المنصرم، أنّ بلاده قد تنظر بإيجابيّة إلى "حل ديمقراطيّ" لدولة واحدة لتسوية ما أسماه النزاع الإسرائيليّ- الفلسطينيّ، بشرط أن تتساوى في تلك الدولة الحقوق الفلسطينيّة والإسرائيليّة، محذراً من أنّ الخطط الإسرائيليّة يمكن أن تُطلق موجة جديدة من التطرف في الشرق الأوسط.
دولة فصل عنصريّ
بيّن رئيس الوزراء الأردنيّ، "عمر الرزاز"، أنّ سياسة الضم التي يتبناها رئيس الوزراء الصهيونيّ، "بنيامين نتنياهو"، ستطلق دولة فصل عنصريّ جديدة يمكن أن تصبح قوة متشددة تزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة، موضحاً أنّ أيّ حل غير حل الدولتين القابل للتطبيق، سيدفع، ليس فقط الأردن أو فلسطين أو الكيان الصهيونيّ، وإنما المنطقة والعالم إلى حالة من الفوضى، وذلك في حوار له مع صحيفة "الغارديان" البريطانيّة.
وفي ظل تعثر صيغة حل الدولتين منذ عقود، أشار الرزاز إلى أنّ الأردن يمكن أن ينظر بشكل إيجابيّ إلى إقامة دولة واحدة، فلسطينية-إسرائيليّة، شريطة أن تمنح تلك الدولة حقوقاً متساويّة لكلا الشعبين، على حد تعبيره، وكأنّ ما يحدث في فلسطين هو خلاف بين عشيرتين من منطقة واحدة.
وفي هذا الصدد، يبدو أنّ عَمان التي فتحت أبوابها للعدو الغاشم خائفة على مصالحها الداخلية لا أكثر، أما القضّية الفلسطينيّة لو كانت تهمهم لما وصل بنا الحال إلى هنا، وإذا كنا الآن نسمعها تطالب بفتح باب حل الدولتين، أو حل تسميه ديمقراطيّاً لدولة واحدة، ربما نسمعها في الغد تطالب برمي الفلسطينيّين في البحار، لكي يهنأ العدو الغاصب و"لكي لا تتحول الأردن إلى دولة فلسطينية"، بحسب الرزاز.
وعلى هذا الأساس، شدد رئيس الوزراء الأردنيّ أنّ بلاده لن تستوعب الفلسطينيّين، مبيّناً أنّ عمان لن تسمح بنقل الفلسطينيّين إلى أراضيها، مؤكّداً على تمسك بلاده بمسؤوليّتها تجاه الأماكن المقدسة في القدس.
ومن الجدير بالذكر أنّ وزارة الخارجيّة الأردنيّة، في وقت سابق، دعت لاجتماع عبر تقنية الفيديو، لوزراء خارجيّة عدد من الدول العربيّة، لمناقشة مستجدات القضيّة الفلسطينيّة، وعمليّة السلام، وبحث الاجتماع التحركات والجهود المبذولة لدعم الفلسطينيّين وتجاوز التحديات التي تواجه "العمليّة السلميّة"، كما تطرق الاجتماع الوزاريّ العربيّ إلى إعادة إطلاق ما قالوا أنّها مفاوضات جادة وفاعلة لتحقيق السلام العادل والشامل، على أسس حل الدولتين، ووفق القانون الدوليّ ومبادرة السلام العربية.
وكان الرئيس الفلسطينيّ، "محمود عباس"، قد أعلن عن حلّ كل الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأمريكيّة والصهيونيّة، ومن جميع الالتزامات المترتبة على الفلسطينيّين بما فيها الأمنية، في رد على الخطوة الإسرائيليّة التوسعيّة والتصعيديّة.
مستقبل العلاقة مع العدو
لا شك أنّ العلاقات الأردنيّة مع كيان الاحتلال الصهيونيّ، تعيش فترة تدهور ظاهريّ واضح بعد أن شهدت تحديات متكررة في السنوات الأخيرة، كان أشدّها التهديدات التي أطلقتها الأردن بقطع العلاقات مع الكيان الصهيونيّ الغاشم إذا مضى قدماً في تطبيق خطة الضم، كما رفض الملك الأردنيّ "عبد الله الثاني" تلقي مكالمات هاتفية متكررة من رئيس وزراء الكيان الصهيونيّ، "بنيامين نتنياهو".
ووفقا للمعطيات، لم تعد تجدي لغة التهديد العربيّة في زمن القوة والحاجة إلى وحدة الموقف، فأيّ عدو ذاك الذي ستخيفه التصريحات، وإنّ الكيان الصهيونيّ لو لم يكن يعلم حجم التآمر العربيّ معه لما تجرأ أبداً على حقوق الشعب الفلسطينيّ.
وما ينبغي ذكره، بحسب مسؤول أردنيّ، أنَّ عمان رفضت في وقت سابق، تحديد موعد لعقد اجتماع لمناقشة خطط الضم مع "بيني غانتس"، الذي سعى إلى تنسيق هذه الخطوة مع مجموعة أكبر من الحلفاء إضافة إلى أمريكا، لكن الرفض الأردنيّ كان حازماً، وحذر الملك عبد الله ثاني من احتمالية أن تؤدي هذه الخطوات إلى "نزاع واسع النطاق".
كذلك، أوضح الخبير الإسرائيليّ في الشؤون العربيّة، "جاكي حوجي"، أنَّ انعدام الثقة بين عمان و "تل أبيب" أصبح عميقاً، ومؤشراته تتبين بشكل واضح في أزمة الضم، مبيناً أنّ المملكة الأردنيّة تفكر بشكل جديّ في مراجعة اتفاق السلام الموقع مع كيان الاحتلال الصهيونيّ عام 1994، بحسب ما ذكرت صحيفة "معاريف" العبرية.