الوقت- مع تصاعد لهجة التهديد المتبادلة بين أنقرة والقاهرة حول القضية الليبيّة، تتزايد التكهنات باقتراب معركة "سرت والجفرة" الواقعتان تحت سيطرة ما تعرف بـ "قوات شرق ليبيا"، بقيادة اللواء المتقاعد، " خليفة حفتر"، المدعوم مصرياً، في الوقت الذي تحشد فيه حكومة الوفاق الوطنيّ، المدعومة من تركيا، قواتها حول مدينة سرت، استعداداً لمعركة حاسمة، بحسب مواقع إخباريّة، فيما تشير مواقع أخرى إلى الاستعدادات المتواصلة التي تقوم بها قوات اللواء حفتر، في ظلّ الحديث عن تقديم إمدادات عسكرية لقواته، بالإضافة إلى طائرات روسية هبطت في سرت خلال الأيام المنصرمة.
معركةٌ كبرى
انسحبت القوات الأجنبيّة الداعمة للواء المتقاعد، "خليفة حفتر"، من مدينة سرت وسط مؤشرات على أنّ قوات ما تعرف بـ "حكومة الوفاق" قد تشنّ عمليّة عسكريّة في وقت قريب، بيد أنّ المتحدث باسم القيادة العامة لقوات حفتر، اللواء "أحمد المسماري"، قيادة القوات التابعة لحفتر أشارت إلى أنّ "معركة كبرى" ستشهدها الساحة الليبيّة في الساعات المقبلة وستدور رحاها في محيط سرت والجفرة.
وفي هذا الصدد، بيّن المسماري وجود ما وصفها بـ "تحركات كبيرة" لقوات الوفاق وتركيا في محيط المنطقتين، معبّراً عن أنّ المعركة القادمة لن تكون ليبية فقط، وإنّما ستتدخل فيها أطراف عربيّة وأجنبيّة، على حدّ تعبيره.
وفي هذا السياق، أعلنت مصادر مقرّبة من حكومة الوفاق أن عناصر شركة "فاغنر" انسحبوا من مدينة سرت الواقعة على بعد 450 كيلومتراً شرق طرابلس، الثلاثاء المنصرم، باتجاه موانئ ما يسمى "الهلال النفطيّ" الواقعة شرقاً، والتي تخضع لسيطرة قوات حفتر.
وبحسب قناة الجزيرة القطريّة، فإنّ انسحاب "فاغنر" من غرب وجنوب سرت، يشير إلى تفاهم روسيّ تركيّ بهذا الخصوص، وفي حال تأكّد الانسحاب، فإن ذلك يعني اقتراب اقتحام سرت من قبل قوات الوفاق، كما حصل من قبل في ضواحي العاصمة طرابلس.
وكان المتحدث باسم قوات حكومة الوفاق الوطنيّ، العقيد "محمد قنونو"، قد أعلن في وقت سابق أنّ الوقت قد حان ليتدفق النفط مجدداً وضرب ما وصفها بالـ "الأيدي الآثمة العابثة بقوت الليبيين"، وإنهاء الوجود العسكريّ الأجنبيّ الداعم لحفتر في ليبيا، متوعداً قوات حفتر بقوله: "الجواب ما ترون لا ما تسمعون".
مصر وتركيا
تفيد الوقائع والمعطيات الميدانيّة أنّ معركة سرت التي اقتربت، لن تكون معركة بين الأطراف الليبيّة المعروفة، أيّ قوات حكومة الوفاق وقوات حفتر، لكنها بالتأكيد ستكون مواجهة عسكريّة مباشرة في حال وقوعها، بين مصر وتركيا، خاصة وأنّ القاهرة تعتبر أنّ الأزمة الليبيّة تمثل تهديداً مباشراً لأمنها القوميّ، أما أنقرة فتدعي أنّها تدعم حكومة ليبيا الشرعيّة، لبسط سيطرتها على الأراضي الليبيّة.
وقد اشتعلت حرب التصريحات بين الطرفين خلال الأيام الماضية، حيث ردّت الخارجيّة المصريّة بقوة، على تنديد الرئيس التركيّ، "رجب طيب أردوغان"، بالتدخل المصريّ في ليبيا واعتبره "غير مشروع"، وأعرب المتحدث باسم الخارجيّة المصريّة "أحمد حافظ"، عن الرفض المصريّ للتدخلات التركيّة في الشؤون العربيّة، سواء أكان ذلك في العراق أم سوريا أم ليبيا، مضيفاً أنّ أنقرة بتدخلاتها تنتهك قرارات مجلس الأمن، فيما أدان مغامرة إدارة أردوغان بمقدرات الشعب التركيّ عبر التدخل والتورط في أزمات الدول العربيّة.
وبحسب وكالة "سبوتنيك" الروسيّة، نقلاً عن وكيل لجنة الشؤون العربيّة في البرلمان المصريّ، "أحمد أباظة"، في وقت سابق، قوله: أنّ البرلمان المصريّ سيناقش تفويض الرئيس المصريّ، "عبد الفتاح السيسي" بإرسال قوات مصريّة إلى ليبيا لمواجهة ما وصفها بالتحديات التي تواجه الأمن القوميّ المصريّ.
كذلك، قال الرئيس المصريّ، في لقاء مع شيوخ القبائل الليبيّة في القاهرة، الخميس المنصرم، أنّ التدخل العسكريّ المصريّ في ليبيا، سيكون قادراً على تغيير المشهد العسكريّ بشكل سريع وحاسم حال رغبتها في ذلك، بعد أن حصلت القاهرة على تفويض برلمان طبرق الليبيّ، الواقع في سرت، لتدخل القوات المسلحة المصريّة وحماية الأمنيّن القوميّين الليبيّ والمصريّ، إذا رأت أن هناك خطراً يطول الأمن المشترك، بحسب الموقع الإلكترونيّ لـBBC.
بعد كل ما يحكى عن ضغوط إقليميّة تمارس على القاهرة، خاصة من قبل الإمارات والسعوديّة، من أجل حسم الأمر عسكرياً في ليبيا، يبدو أنّ المواجهة العسكريّة في ليبيا أصبحت أمراً حتمياً، بين أنقرة والقاهرة، ومع سعي الأطراف الإقليميّة، المتورطة في النزاع الليبيّ، لتحقيق مكاسب أكبر من الكعكة الليبيّة، يبدو أنّ حدوث المواجهة العسكريّة بات قريباً للغاية.