الوقت- يشير الإعلان عن محادثات القاهرة وأنقرة الأولية على مستوى الخبراء إلى أن ليبيا أصبحت نقطة جديدة للنظر في أهمية إعادة العلاقات بين البلدين.
وربما لم يظن أحد أنه بعد الإطاحة بحكومة الإخوان المسلمين برئاسة محمد مرسي ورفاقه الآخرين في مصر على يد عبد الفتاح السيسي، يمكن إيجاد طريقة لتطبيع العلاقات التركية المصرية.
لكن الآن وصلت التطورات الليبية على الأرض إلى نقطة حيث يمكنها أن تجبر البلدين على إقامة علاقات بينهما ومن المحتمل أيضاً أن تعمّق هذه التطورات التوتر بين القاهرة وأنقرة.
وفي الآونة الأخيرة، أعلن جاووش أوغلو أنه تم إجراء محادثات على مستوى الخبراء الدبلوماسيين بين القاهرة وأنقرة.
ويشير الإعلان عن محادثات القاهرة وأنقرة الأولية على مستوى الخبراء إلى أن ليبيا أصبحت نقطة جديدة للنظر في أهمية إعادة العلاقات بين البلدين.
وفي غضون ذلك ، وضعت أنقرة شرطاً صارماً لإعلان وقف إطلاق النار في ليبيا ، حيث قال وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو في مقابلة متلفزة يوم الاثنين الماضي أنّ تسليم مدينتي سرت والجفرة لحكومة الوفاق الوطنية الليبية هو شرط أساس لوقف إطلاق النار في ليبيا وبدء المحادثات السياسية.
دعوة مصر رسميّاً للتدخل في ليبيا
يعتقد المحلل التركي Tanriverdi Yashar أن أمريكا ليست في عجلة من أمرها للتأثير على معادلات مصر وتريد مراقبة الوضع عن بعد، لكنّ هذه المواقف وإجراءات مصر هي التي يجب على السلطات في أنقرة الوقوف عندها بعناية.
يعتقد هذا المحلل أن الإعلان عن أسماء مدينتي الجفرة وسرت كخطوط حمراء لعبد الفتاح السيسي هو أمر يجب على أنقرة أن تأخذه على محمل الجد.
ومن الواضح الآن، ومن وجهة نظر قانونية ، أن الذريعة الضرورية لمصر للتدخل في ليبيا قد وجدت ، حيث أرسل عقيلة صالح ، رئيس برلمان طبرق في شرق ليبيا ، رسائل إلى السيسي يطلب منه إرسال قواته إلى ليبيا للحفاظ على أمن جارته إذا لزم الأمر.
الأوراق المصرية بوجه تركيا
يعتقد فهيم تاشتكين ، وهو محلل تركي معروف ، أن مصر لا تستطيع محاربة تركيا بالطريقة الكلاسيكية بسبب ظروفها الاقتصادية السيئة وجيشها ، وليس لديها ما تقوله لمواجهة تركيا ، ولكن يمكن أن تسبب مشكلات لأنقرة من خلال تسليح القبائل وكذلك استخدام الدعم المالي من الرياض وأبو ظبي.
ويعتقد مهمت برينجك في تحليله في صحيفة "إندبندنت التركية" أن تركيا يجب أن تلقي نظرة فاحصة على قضية ليبيا والمتوسط وأن تدخل مرحلة تطبيع العلاقات من خلال استراتيجية قائمة على أهمية الصورة الكبيرة ، ليس فقط مع مصر ولكن أيضاً مع سوريا.
وعلى الرغم من أن مصر لم تكن في وضع اقتصادي جيّد على الإطلاق في السنوات الأخيرة ولا تزال تواجه العديد من المشكلات الهيكلية، إلا أن عبد الفتاح السيسي تمكّن في الواقع من تحقيق نتائج يمكنه استخدامها كورقة ضغط على تركيا من خلال الاعتماد على سياسة دبلوماسية متوازنة.
البعض من هذه الأوراق عبارة عن:
1. تجاوزت علاقات مصر مع الكيان الصهيوني الإسرائيلي خلال ذروة حكم السيسي نطاق التعاون الأمني والاستخباراتي، والآن تشارك مصر مع الصهاينة، في حيفا وشرق البحر الأبيض المتوسط ، في مشاريع النفط والغاز بالإضافة الى اليونان وجنوب قبرص، وهذا يمكن أن يسبب مصدر إزعاج لتركيا.
2 - زود الهيكل الاجتماعي لقبائل البلد العربي الأفريقي ليبيا، السيسي بتسهيلات خاصة ، وعلى الحدود المصرية الليبية ، تمكنت حكومة السيسي من التعاون مع عشرات قادة القبائل الليبية المختلفة ووعدهم بالسلاح والتدريب العسكري.
3. أعطت علاقات مصر مع دولتين عربيتين مهمّتين ، وكلاهما لهما زاوية مع تركيا ، القاهرة المزيد من القوة في العالم العربي ، وهذان البلدان بالطبع هما السعودية والإمارات ، وفي جميع الحالات الإقليمية ، وخاصة في إفريقيا يمكنهم أن يقفوا في طريق أهداف تركيا ، ويمكن للجنرال السيسي استخدام القدرات الدبلوماسية لجامعة الدول العربية ، ومجلس التعاون الخليجي ، ومنظمة المؤتمر الإسلامي للقيام بذلك.
4 - وكان الحضور البارز للجنرال السيسي في مأدبة قصر اليمامة الشهيرة مع دونالد ترامب والملك سلمان وصهر ترامب جاريد كوشنر علامة على أن مصر تسببت في المزيد من المشكلات لتركيا خلال عهد ترامب.
وبالنظر إلى التصريحات الأخيرة لجو بايدن ، الذي رفع سيفه ضد السيسي ، يمكن توقع أن العلاقة مع السيسي لن تكون جيدة في حال تسلم الديمقراطيون لزمام السلطة ، ولكن إذا وصل ترامب إلى السلطة مرة أخرى ، فلن يسمح بأن تظهر مصر بموقف ضعيف في المعادلات الإقليمية ضد تركيا.
5. وحتى الآن ، يمكن القول أن فكرة تشكيل حلف ناتو عربي قد باءت بالفشل ، ولكن لا ينبغي إغفال أن القدرات العسكرية والاستخباراتية لمصر ، إلى جانب الدعم المالي من الإمارات والسعودية ، يمكن أن تظل أرضًا خصبة لأمريكا وأوروبا.
6 - تعمل تركيا مع حكومة الوفاق الوطنية الليبية وفائز السراج ، وقد شدد مسؤولو أنقرة مراراً وتكراراً على أن هذه الحكومة معترف بها رسمياً من قبل الأمم المتحدة وأن تركيا تفضل ان تكون جميع المحادثات الدبلوماسية والعسكرية المتعلقة بمستقبل ليبيا مع حكومة الوفاق فقط ، ومن ناحية أخرى ، تعتقد القاهرة أن البرلمان الليبي الشرقي لديه مثل هذه الشرعية ، وبالنظر بشكل خاص إلى أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف التقى أيضاً مع عقيله صالح ، فإن علاقات مصر مع البرلمان الليبي الشرقي لا تزال مهمة بشكل مضاعف ويمكن أن تشكل إمكانية محتملة لتفكك ليبيا.
7. تتمتع مصر بنفوذ وتسهيلات تمكنها إضافة الى مساعدة الإمارات من إيذاء وتوجيه ضربة لرفاق وشركاء جماعة الإخوان المسلمين في تركيا ، وإلى حد كبير ، منعهم من اكتساب القوة، ليس فقط داخل مصر ، ولكن أيضًا في ليبيا وتونس ودول عربية وأفريقية أخرى.
8. علاقات مصر مع روسيا على مستوى مقبول ، والمحادثات الوثيقة بين السيسي وبوتين ليست شيئًا يمكن لتركيا أن تتجاهله.
كل هذا في حين أن تركيا ليس لديها إمكانات كبيرة لإضعاف حكومة السيسي ومنع احتمال نفوذ مصر المتزايد وتأثير القاهرة على معادلات إفريقيا والعالم العربي ومنطقة البحر الأبيض المتوسط.