الوقت – اقدم الكيان الاسرائيلي على سن قانونين استفزازيين جدا للفلسطينيين والمسلمين خلال الشهر الاخير وهما قانون مساواة رشق الاسرائيليين بالحجارة برميهم بالرصاص والثاني قانون التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الاقصى ما يطرح تساؤلا حول اسباب هذه السياسة التي تتبعها الحكومة الاسرائيلية وهذا التهور في هذا التوقيت بالذات.
ويجيز القانون الاول للاسرائيليين اطلاق النار على الاطفال الفلسطينيين الذين يرشقونهم بالحجارة فيما يقضي القانون الثاني بأن المسجد الاقصى سيكون في جزء من النهار في تصرف اليهود ليقيموا فيه طقوسهم وفي جزء آخر من النهار يكون مخصصا للمسلمين.
وفيما تسبب القانون الاول بحدوث احتجاجات في اوساط الفلسطينيين ومعارضة عند بعض القضاة الاسرائيليين، هدد المسؤولون القضائيون الكبار في الكيان الاسرائيلي بأنهم سيعاقبون اي قاض اسرائيلي يتهاون في تطبيق هذا القانون وسيمنعون اي حقوقي اسرائيلي من ان يصبح قاضيا اذا كان يعارض هذا القانون، اما فيما يتعلق بالقانون الثاني فقد عارضه بعض المسؤولين اليساريين في هذا الكيان معتبرين انه يخالف القوانين الدولية ويضع الكيان الاسرائيلي في مواجهة مع المجتمع الدولي.
ومن جانبهم اختار الفلسطينيون الرد بقوة على القانون الثاني ودخول اليهود الى باحات المسجد الاقصى ودخلوا في مواجهة مستمرة منذ 6 أيام مع سلطات الاحتلال ما يدل على عزمهم على التصدي لهذا القانون الاسرائيلي.
ويؤكد المراقبون ان القانونين الاسرائيليين هذين ليسا امرا جديدا في الممارسات الاسرائيلية التعسفية التي اعتاد عليها الفلسطينيون وهناك العديد من هذه القوانين التي سنها كيان الاحتلال والتي ادت الى تشديد المواجهات بين الفلسطينيين والاحتلال.
ويقول هؤلاء المراقبون ان انتفاضة الفلسطينيين الاولى التي سميت بانتفاضة الحجر او انتفاضة المقاليع وانطلقت في عام 1978 كانت نتيجة لمثل هذه الممارسات الاسرائيلية وان انتفاضتهم الثانية التي سميت بانتفاضة الاقصى وانطلقت في عام 2000 كانت نتيجة تدنيس اليهود للمسجد الاقصى وقد أدت الانتفاضة الاولى الى تثبت هوية الشعب الفلسطيني في العالم كما ادت الانتفاضة الثانية الى ترسيخ ضرورة قيام الدولة الفلسطينية عند الرأي العام العالمي، اما السؤال المطروح هنا هو هل ان الاسرائيليين الذين جربوا الفلسطينيين في السابق يريدون تكرار التجربة مرة أخرى ويشاهدوا انطلاق الانتفاضة الثالثة التي يقول المحللون الاسرائيليون انها ستهدد وجود وبقاء كيانهم أم ان هدف نتنياهو من زيادة توتر الاوضاع والممارسات المتطرفة هو شيء آخر؟
ان المراقبين يعتقدون بأن السلوك العدائي الاخير للمجتمع الاسرائيلي هو رد على بعض الاحداث الداخلية والاقليمية والدولية اكثر من ان يكون برنامجا ومخططا لقتل المزيد من الفلسطينيين وهدم الاقصى لكن هذا لايعني بأن الاسرائيليين لايريدون قتل الفلسطينيين او لايعتزمون بناء هيكلهم على انقاض الاقصى بل ان قوانينهم الاخيرة هي ردة فعل على التهديدات التي تحاصر كيانهم من كل حدب وصوب بالاضافة الى فشل سياسات الحكومة الاسرائيلية في الداخل وعلى الصعيدين الاقليمي والدولي.
ويقول هؤلاء المراقبون ان أهم الهزائم الاسرائيلية في الوقت الحالي تتلخص في قضية الاستيطان وفي المسألتين السورية والايرانية وهي هزائم هزت مكانة الكيان الاسرائيلي الاقليمية والدولية، فالاستيطان اوصل مفاوضات التسوية الى طريق مسدود وتسبب بمقاطعة البضائع الاسرائيلية وفرض عقوبات على الجامعات الاسرائيلية واندلاع مواجهة بين الاتحاد الاوروبي وتل ابيب، كما ان تغيير السياسات الغربية تجاه سوريا والتراجع عن اسقاط النظام السوري أفقد نتنياهو ومؤيديه اعصابهم، وفيما يتعلق بايران فقد حافظت طهران على برنامجها النووي وهذا كان يعتبره ننتياهو خطأ أحمر وتسبب ذلك بتوتر في العلاقات الامريكية الاسرائيلية وبات البريطانيون يعارضون زيارة نتنياهو الى لندن كما يسعى اوباما الى التهرب من لقاء رئيس الوزراء الاسرائيلي.
ان المستوطنين الاسرائيليين باتوا الآن يشعرون بخطر طردهم من مستوطناتهم بسبب احتمال قيام الغربيين بالضغط على تل ابيب لطرد هؤلاء اذا اريد احياء مفاوضات التسوية وهذا ما سيدفع هؤلاء نحو مزيد من التطرف ضد الفلسطينيين ولذلك يريد نتنياهو ارضاء هؤلاء الذين اتوا به الى الحكم عبر وضع قوانين اجرامية جديدة.
ان وضع مثل هذه القوانين سيقود الاوضاع في فلسطين نحو مزيد من التوتر وهذا ما يريد نتنياهو استغلاله لانتزاع المزيد من النقاط من الدول الغربية المنشغلة بالموضوع النووي الايراني في المرحلة القادمة كما ان نتنياهو سيعزز مكانته امام الاحزاب الاسرائيلية الاخرى اذا اندلعت انتفاضة أخرى.