الوقت- لم تستطع الإدارة الأمريكية تحمل فكرة اقتراب سوريا والعراق من الخلاص من الارهاب والاتجاه نحو الاستقرار واعادة الاعمار، فالولايات المتحدة الامريكية لاتزال تعمل على نشر الفوضى في الشرق الأوسط للحفاظ على نفوذها من جهة وأمن "اسرائيل" من جهة أخرى، ومن هنا بدأت تعمل على اعادة تفعيل دور "داعش" الارهابي في منطقة البادية السورية وعلى الحدود مع العراق للحفاظ على ذريعة البقاء في سوريا والعراق ودورها في محاربة "الارهاب" كما تدعي.
قبل عدة ايام عاد نشاط فلول الارهابيين من تنظيم "داعش" في البادية السورية، وهاجمو نقاط ومواقع للجيش السوري في جبل البشري شرق دير الزور، ما أسفر عن استشهاد مجموعة من الجنود، الأمر الذي طرح مجموعة من التساؤلات حول توقيت الاعتداء واين كان يختبئ هؤلاء الارهابيين ومن يقف خلفهم ومن حرضهم وجمع شتاتهم ودفعهم للنشاط مجددا بعد ان القضاء عليهم امرا محتوما؟.
الأيدي الخفية التي تقف كل هذا الارهاب اصبحت واضحة للجميع، ولا داعي للقول بأن واشنطن هي من تقف خلف كل هذا الاجرام، فهذه الدولة اعتادت الاجرام وهي بالاساس قائمة عليه، ولذلك لايمكنها تصور أن تنعم بلاد الشرق بالأمن والسلام، لأن هذا الامر يخالف سياستها ومصالحها الاقتصادية والاستراتيجية الرامية لابقاء المنطقة غارقة في اتون الفوضى لتكسب المعركة لصالحها، ولذلك كلما شعرت بأن الامور تتجه نحو الاستقرار تبدأ بالتصعيد حتى لو كانت البلاد تمر بحالات انسانية مثل انتشار فيروس "كورونا"، على العكس هي تستغل مثل هذه الحالات لتنشر فوضاها في ظل انشغال العالم والمجتمع الدولي بقضاياه الداخلية وكيفية مكافحة هذا الفيروس.
ولكل من يشكك بأن الولايات المتحدة الامريكية هي من تقف خلف هؤلاء الارهابيين، فقد قطعت سوريا الشك باليقين، حيث نشر التلفزيون السوري اعترافات مجموعة من المسلَّحين التابعين لتنظيم "داعش" الإرهابي، أقرُّوا فيها بارتكاب عمليات إرهابية بالتنسيق في جزء منها بين زعيمهم المحلِّي حسن علقم الجزراوي وقوات الاحتلال الأميركية المنتشرَة في منطقة التنف.
وأشار المسلحون ، في الاعترافات التي نشرتها وكالة سانا الرسمية للأنباء ايضا، إلى تلقِّي الجزراوي تعليمات وتوجيهات باستهداف مقاتلي الجيشِ السوري في منطقة تدمر وحقولِ النفط القريبة منها خاصَّة حقلَ الشاعر، إضافةً إلى مطار "تي فور"، عبرَ وسيطٍ يدعى حسن الوالي على صلةٍ وثيقةٍ بالأمريكيين في قاعدةِ التنف، مقابلَ وعودٍ بدعمٍ مالي ولوجستي يشملُ أسلحةً وراجماتِ صواريخ ورشاشات، بتغطيةٍ من طائراتِ استطلاع أمريكية.
كما نوَّه الإرهابيونَ بالعلاقاتِ الوثيقة التي جمعتهم بفصيلِ مغاويرِ الثورة التابع لما يسمى الجيش الحر المعارض، وتعاونِهم في العديدِ من جرائمِ الخطف لمدنيين.
وهناك معلومات ادلى بها المرصد السوري المعارض، تفيد بأن اجتماعاً جرى قبل أيام قليلة، بين وفد من قوات سوريا الديمقراطية، وقيادات من قوات مغاوير الثورة، وقوات النخبة العاملة ضمن منطقة التنف في البادية السورية والتابعة للولايات المتحدة تمحور حول تقدم مشترك لتلك القوات في منطقة البادية وشن عمليات عسكرية ضد القوات الإيرانية، بدعم من التحالف الدولي بغية إغلاق طريق طهران – بيروت الدولي بشقه السوري.
في ظاهر الامر يبدو ان اميركا تحاول إعادة إحياء جماعة "داعش" الوهابية في العراق وسوريا بعد المطالبة بخروج قواتها من كلا البلدين. وبدأت تستخدم "داعش" كإداة لتنفيذ مشروعها في المنطقة، حيث ان "داعش" الارهابي لايزال يملك جيوب ومقرات مجهة ومحصنة في البادية السورية، إذ يتم تأمينها بشكل مباشر تحت إشراف القوات الاميركية التي قامت بدورها بتهيئة هذه النقاط وتجهيزها، وعلى سبيل المثال منطقة ال 55 كيلومتر مربع ضمن منطقة التنف، ومواقع أخرى يحتلها الامريكيون لضمان حماية وتأمين عناصر داعش بكافة أشكال الدعم والتأمين.
وما تعمل عليه واشنطن في الوقت الراهن هو ايجاد بيئة لجماعة داعش الارهابية غربي العراق وشرقي سوريا وذلك بهدف تثبيت نطاق جغرافي يسهل انتقالها بين البلدين، وكذلك لوجود قوات اميركية داخل العراق، وما يؤكد ذلك ان الولايات المتحدة تصر على بقاء مخيم الركبان الواقع على الحدود الأردنية السورية، لأن المعلومات تتحدث عن وجود عناصر من جماعة داعش داخل المخيم بعد اختفاء أكثر من 8 الاف عنصر ارهابي اثر هزيمتهم في معركة الباغوز بسوريا التي دامت شهرا. كما توجد معلومات أخرى تتحدث عن قدوم أكثر من 400 خبير ومستشار اميركي وبريطاني الى قاعدة التنف قرب مخيم الركبان لأجل مشروع اميركي جديد، بحسب ما يرى المراقبون.
وفي هذا الاطار، اشار خبراء الى ان لمنطقة كردستان العراق دور في تقديم الدعم للاجندات الاميركية بإعادة توظيف "داعش" في المنطقة عبر تدريب عناصرها الارهابية.
وفي سياق منفصل، قال محللون سياسيون ان واشنطن تعرقل الحل السياسي الذي لن يصب في صالحها بسوريا ولذلك توظف جماعة داعش لاستنزاف الجيش السوري في في شرق البلاد وتستهدف البنية التحتية في اطار الحصار الاقتصادي المفروض على سوريا.
ويرى هؤلاء ان ظهور "داعش" في العراق مجددا مرتبط بالوضع السياسي اثر المطالبة بخروج القوات الاميركية من البلاد، ما ساهم في ظهور نشاط كبير وواسع للجماعة، وهذا ما يشير الى ان اميركا وراء ظهور هذه الجماعة الارهابية في سوريا والعراق وتستخدمها كإداة لتنفيذ مشروعها في المنطقة، معتبرين ان من اهداف وجود واشنطن داخل العراق هو للحفاظ على امن الكيان الصهيوني والمشروع الاميركي بتقسم البلاد واقتصاد العراق.
بكل الاحوال اصبحت سياسة الولايات المتحدة الامريكية واضحة وشفافة للقاصي والداني، وما تقوم به في سوريا ما هو الا محاولة منها لاطالة امد الازمة ومنع سوريا من الوصول الى مواردها النفطية والاقتصادية لممارسة اكبر ضغط عليها، واجبارها على الرضوخ لما تطلبه منها في اللقاءات الدولية أو الاجتماعات التي تجري مع الاطراف المعارضة، ولكن حتى اللحظة لم تستطع الولايات المتحدة ان تجبر سوريا على ما لاتريده وذلك بفضل تقدم قوات الجيش السوري وسيطرته على غالبية مساحات البلاد، وبالتالي ما تقوم به واشنطن ما هو الا محاولة أخيرة للحيلولة دون وصول الجيش السوري والحكومة السورية الى النصر المطلق، والذي سيكون حقيقة واقعة في الرقيب العاجل سواء شاءت امريكا ام آبت.