الوقت- منذ أشهر، ترسل جمهورية أذربيجان رسائل ودية ودافئة إلى واشنطن، معربة عن رغبتها في رفع العلاقات مع الولايات المتحدة إلى مستوى استراتيجي، لكن هل استجابت إدارة دونالد ترامب الجديدة بالشكل المناسب لهذه الرسائل؟ وحتى الآن، كان الاتصال العلني الوحيد بين الحكومتين عبارة عن تحية متأخرة بمناسبة عيد النوروز من البيت الأبيض، في المقابل، تشير التقارير الإخبارية إلى أن جلسة استماع خاصة بشأن وضع حقوق الإنسان في أذربيجان ستعقد في الكونجرس الأمريكي الأسبوع المقبل.
أمل علييف في ترامب وانتقاداته لبايدن
وفي أوائل أبريل/نيسان، خلال كلمة ألقاها في منتدى جامعة آدا في باكو، قام الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف بتقييم العلاقات مع واشنطن من منظور الإدارات الأمريكية السابقة، وأعرب عن خيبة أمله من أداء إدارة جو بايدن وأنتوني بلينكن (وزير الخارجية السابق)، وقال إن الثقة التي كانت لديه فيهما قد ضاعت.
من جانبه، تحدث علييف بحماس عن تطلعه إلى بدء أو استئناف علاقات "قوية للغاية ويمكن التنبؤ بها واستراتيجية طويلة الأمد" مع إدارة ترامب، مضيفًا إن الرئيس الأمريكي الجديد وفريقه مشغولون في الوقت الحالي بقضايا عالمية أكثر أهمية.
رد فعل واشنطن البارد وانتقاداتها لنهج علييف
لكن الصحفي المقيم في واشنطن أليكس راووفوغلو يعتقد أن علييف سيضطر إلى الانتظار لفترة طويلة، وأن خطاب علييف بدا "غير مكتمل وغير جاد" بالنسبة للمراقبين في واشنطن، ما يعكس "إدراكه المحدود" لموقف وسلطة الرئيس الأمريكي.
وحسب رؤوف أوغلو، فإن علييف تحدث وكأنه ناخب أمريكي، ويبدو أنه لم يكن على علم بحقيقة أن ترامب غادر الساحة الانتخابية منذ فترة طويلة.
وأضاف: "إن الخدمة التي يقدمها علييف لترامب تعتمد على صورة ترامب الإعلامية أكثر منها على الحقائق السياسية في واشنطن".
جدل حول تحيات النوروز والإشارة إلى وسائل الإعلام الأمريكية
وفي الخطاب نفسه، أشار علييف أيضًا إلى إجراءات إدارة ترامب لوقف المساعدات لبعض المؤسسات الأجنبية وتقليص ميزانية الوكالة الأمريكية للإعلام العالمي (USAGM)، واصفًا ذلك بأنه جهد لزيادة كفاءة الميزانية في الولايات المتحدة.
وانتقد رؤوف أوغلو أيضا هذا الجزء من خطاب علييف، قائلا: "إن أمريكا لن تضحي أبدا بمصالح مواطنيها ومؤسساتها من أجل أنظمة أخرى".
في هذه الأثناء، انعكست رسالة تهنئة ترامب بعيد النوروز إلى علييف، والتي أُرسلت بعد 20 يومًا من النوروز ويوم واحد من خطاب علييف، في وسائل الإعلام الرسمية والدوائر الموالية للحكومة في باكو باعتبارها "إشارة سياسية مهمة" وعلامة على تحسن العلاقات في العصر الجديد، واتُّهمت إدارة بايدن بتبريد العلاقات، وهذا على الرغم من أن حجم التجارة بين البلدين تضاعف إلى 1.75 مليار دولار في عام 2024، خلال رئاسة بايدن.
تفاؤل حذر في باكو
ومع ذلك، فإن بعض الشخصيات السياسية في باكو متفائلة بشأن مستقبل العلاقات مع إدارة ترامب.
يعتقد عاصم مولا زاده، عضو الجمعية الوطنية وعضو مجموعة الصداقة البرلمانية الأذربيجانية الأمريكية، أن ترامب يقدر الدور الإقليمي لأذربيجان وأن العلاقات الثنائية ستتطور بسرعة خلال فترة ولايته.
وأشار إلى إمكانات التعاون في مجال الطاقة المتجددة ومواءمة المصالح بين البلدين في مشروع "الممر الأوسط".
العقبات والمخاوف المستمرة
لكن راووف أوغلو ومراقبين آخرين يشيرون إلى عقبات وتحديات: فقد ظل منصب السفير الأمريكي في باكو شاغرا للشهر الرابع على التوالي، ولم يقم ترامب، على عكس الممارسة المعتادة مع البلدان الأخرى، حتى الآن بتسمية مرشح لهذا المنصب.
كما أن "التعديل رقم 907" لقانون دعم الحرية، الذي يحظر تقديم المساعدة المباشرة من الحكومة الأمريكية لأذربيجان، لا يزال ساري المفعول.
جلسة استماع في الكونغرس بشأن حقوق الإنسان في أذربيجان
تم تأكيد عقد جلسة استماع خاصة بشأن وضع حقوق الإنسان في أذربيجان في الـ 29 من أبريل في لجنة توم لانتوس لحقوق الإنسان في الكونجرس الأمريكي.
العنوان الدقيق لهذا الاجتماع هو "حقوق الإنسان في أذربيجان بعد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29". إن هذه الإشارة إلى مؤتمر المناخ COP29 (الذي عقد في باكو في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي) ترجع، وفقاً للجنة، إلى أنه على الرغم من أن الحكومة الأذربيجانية حاولت استخدام استضافة الحدث لتحسين صورتها الدولية، إلا أن موجة جديدة من القمع ضد الصحفيين ونشطاء المجتمع المدني حدثت قبل وبعد المؤتمر.
واستناداً إلى تقارير من منظمات مثل فريدوم هاوس، وصفت اللجنة وضع حقوق الإنسان في أذربيجان بأنه "خطير"، مشددة على تركيز السلطة في أيدي إلهام علييف وعائلته منذ عام 2003، والفساد المستشري، وإضعاف المعارضة، والضغوط على الحريات المدنية.
صمت وزارة الخارجية الأمريكية
ولم ترد وزارة الخارجية الأمريكية لإدارة ترامب حتى الآن على رسائل علييف الدافئة، وكانت الوزارة قد أعربت مرارا وتكرارا عن قلقها إزاء الاعتقالات المستمرة للصحفيين ونشطاء المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان في أذربيجان، ودعت الحكومة الأذربيجانية إلى احترام حرية التعبير ووقف الرقابة والتوقف عن قمع المعارضة.