الوقت- بعد ان خيمت ويلات الحرب على اليمنيين لاكثر من 5 سنوات عانى خلالها اليمنيون الأمرين نتيجة القصف السعودي اليومي للمراكز الحيوية في اليمن، وشل الحياة في جميع مدنها، تتوالى أخبار جديدة عن ان انتشار فيروس "كورونا" في اليمن سيأخذ مسارا خطيرا ويعم أرجاء البلاد بحسب توقعات منظمة الصحة العالمية، التي حذرت يوم أمس من أن الإمدادات اللازمة لمكافحة فيروس كورونا "كوفيد-19" في اليمن، غير كافية بشكل كبير، في ظل توقعاتها بانتشار الوباء بنشاط على مستوى البلاد، وإصابته 16 مليون يمني.
المشكلة الأساسية في اليمن أن البلد يعيش على حافة الفقر والجوع ويعاني غالبية السكان من نقص أبسط المواد الأساسية للبقاء على قيد الحياة، والأهم ان اليمن لا يملك امكانيات طبية تؤهله لمواجهة جائحة "كورونا" نظرا لانعدام توفر المواد الطبية أو ندرة وجودها، ناهيك عن ان الحرب لاتزال قائمة ولايزال القصف السعودي اليومي يضرب دون رحمة ويدمر ما تبقى من البلاد.
اليوم اليمن وبحسب الدراسات الجديدة سيكون عاجزا عن التصدي لانتشار فيروس كورونا، نظرا لكون النظام الصحي يعاني اساسا من الانهيار.
يوم امس أفاد بيان المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية على موقعها الإلكتروني الرسمي بتسجيل 7 حالات إصابة مؤكدة بفيروس كورونا المستجد جنوب اليمن، ومنها حالتي وفاة. ورغم عدم الإبلاغ عن أي حالات أخرى بشكل رسمي، إلا أن المنظمة تتوقع انتشار الفيروس "بنشاط" على مستوى البلاد.
وأشارت المنظمة إلى تسبب جائحة فيروس كورونا في إرهاق "بعض أكثر النظم الصحية تقدماً وتطوراً في العالم"، وفقاً للبيان.
وعندما يأتي الأمر إلى اليمن، قالت المنظمة: "بعد 5 سنوات من الحرب، لا يزال النظام الصحي في اليمن يعاني من الهشاشة والضعف، ونقص حاد في عدد العاملين"، مضيفةً أن الإمدادات اللازمة لمكافحة الفيروس "غير كافية بشكل كبير".
وطرحت المنظمة العديد من السيناريوهات التي تستند على أدلة للسلطات المحلية لتتضح لها الصورة الكاملة عن احتمالية تأثير الفيروس على 16 مليون رجل، وامرأة، وطفل، ويُشكل ذلك أكثر من 50% من سكان اليمن.
وذكرت المنظمة أن السلطات الصحية عززت قدراتها في 4 مختبرات مركزية للصحة العامة في صنعاء، وعَدَن، وسيؤون، بالإضافة إلى تعز، وسوف تتوفر القدرات ذاتها في 4 مختبرات أخرى للصحة العامة عمّا قريب.
وحذّرت المنظمة من أن الفيروس سيشكل تهديداً كبيراً للشعب اليمني والنظام الصحي "المتعثر" ما لم يتم تحديد حالات الإصابة، وعلاجها، وعزلها، وتتبع مخالطيها بالشكل السليم.
ولكنها أكّدت أيضاً أن العمل الجماعي سيؤدي إلى التخفيف من أثر الجائحة بشكل فعّال حتّى في البيئات الشحيحة الموارد.
محمد الشماع من منظمة "أنقذوا الأطفال" قلِقٌ هو الآخر بشأن حال المستشفيات في اليمن والتي لا يعمل سوى نصفها بسبب الحرب.
يقول الشماع: "يمكنك رؤية الخوف باديا على وجوه الأطباء. لدينا بعض الأطباء في مستشفى أو اثنتين أبعدوا حالات أمراض تنفسية عادية تخوّفا من أن تكون حالات إصابة بفيروس كورونا لأن هؤلاء الأطباء ليس لديهم معدات وقائية مناسبة".
كما يخشى الشماع من انقطاع الإمدادات الغذائية بسبب تدابير الإغلاق في بلد يعاني بالفعل من نسبة سوء تغذية مرتفعة.
ولا يمتلك اليمن في الوقت الراهن سوى 208 من أجهزة التنفس الصناعي، ومن المفترض أن البلاد تنتظر قدوم 417 جهازا آخر. ويا لبُعد المسافة بين هذا الوضع ونظيره في بلدان متقدمة حيث توجد الآلاف من تلك الأجهزة، وحتى في حال الحصول على جهاز تنفس صناعي فسيتعذر تشغيله بسبب انقطاع التيار الكهربائي وعدم وجود مولِّد كهربائي، وحتى لو وُجد فلا وقود لتشغيله.
تامونا سابادزي، من لجنة الإنقاذ الدولية، تقول إن السيناريو الأكثر احتمالا هو أنه ستكون هناك حاجة إلى أكثر من 18 ألف سرير رعاية فائقة.
التوترات مشتعلة في كل مكان. الحاجة ماسة إلى وقف الصراع أكثر من أي وقت مضى. لا أحد يستطيع الذهاب إلى مستشفى أو عيادة في ظل اشتعال حرب، ولو حدث تفشٍّ لفيروس كورونا فسيكون الوضع مرعبا.
يقول منسق منظمة أطباء العالم في اليمن إن معدل الوفيات المتعلقة بالكوليرا في البلاد ضخمٌ، ويتراوح بين 30% و50%، ويمكن أن تنخفض النسبة إلى أقل من 1% إذا تم العلاج في أقل من 72 ساعة.
وقد تضررت العام الماضي 96% من مديريات اليمن من الكوليرا، وأودى الوباء بحياة أكثر من 2500 شخص منذ أبريل/نيسان 2017، وأُبلغ عن الاشتباه في إصابة نحو 1.2 مليون بالمرض، حسب منظمة الصحة العالمية.
وتشير لجنة الإنقاذ الدولية إلى أن نصف المستشفيات اليمنية فقط تعمل بشكل كامل، ولا يحصل 18 مليون شخص على رعاية صحية كافية أو مياه.
ويعتمد 80% من اليمنيين، أي حوالي 24 مليون نسمة، على المساعدات الإنسانية، ويعيش ملايين على حافة المجاعة، وهم عرضة للإصابة بالأمراض.
وقد عبرت منظمة "أطباء بلا حدود" منذ يناير/كانون الثاني الماضي عن أسفها لانهيار النظام الصحي في اليمن، وأشارت إلى أن اليمنيين لا يستطيعون "الحصول على مياه الشرب، وبعضهم لا يمكنهم الحصول على الصابون".
ويفاقم انتشار كورونا من معاناة اليمنيين الرازحين تحت وطأة حرب مدمرة منذ ست سنوات، أدت لمقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، معظمهم من المدنيين، حسب منظمات إنسانية، واضطرت الحرب أكثر من ثلاثة ملايين مدني للعيش في مخيمات مكتظة.
كما دمر النزاع المسلح النظام التعليمي الهش أصلا في اليمن، حسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، إذ إن أكثر من مليوني طفل لا يذهبون للمدرسة، وقرابة نصف مليون منهم تخلوا عن الدراسة منذ بداية الحرب في العام 2015.