الوقت- بدأت قصة المفاوضات بين حركة المقاومة الإسلامية "حماس" و الكيان الصهيوني، في 2/4/2020، بعد أن قدم رئيس المكتب السياسي للحركة في قطاع غزة "يحيى السنوار" مبادرة لإطلاق سراح الأسرى، حيث أبدى جاهزية حماس لتقديم تنازل جزئي فيما يخص قضية الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية، مقابل إفراج الكيان الصهيوني عن الأسرى من كبار السن والمرضى كمبادرة إنسانية من الحركة في ظل جائحة كورونا، مبادرة جاءت بعد مرور يوم واحد على تصريح وزير أمن الكيان "نفتالي بينيت"، ربط فيه بين الحاجات الإنسانية المشتركة مع غزة، وقد تكتم الكيان الصهيوني طوال تلك المدة عن كل مايتعلق بتلك الصفقة وحيثياتها، إلا أنه أقر بعد ذلك، في ساعةٍ مُتأخرة من مساء يوم الثلاثاء المنصرم.
إقرارٌ صهيوني
إقرار الكيان الصهيوني بوجود مفاوضات مع حماس أكدته القناة العبرية الـ12، نقلاً عن مصادر سياسيّة وأمنيّة رفيعة المُستوى، الثلاثاء الماضي ، حيث أوضحت أن المفاوضات تجري عبر "طرف ثالث" من أجل إبرام صفقة لتبادل الأسرى، وأشارت المحلّلة السياسيّة في التلفزيون العبريّ "دانا فايس"، إلى أنّ الرقابة العسكريّة لم تسمح لها بنشر معلوماتٍ أخرى عن المفاوضات التي نجهل حتى هذه اللحظة مكان انعقادها.
أكثر من ذلك؛ وعلى إعلام الكيان الصهيوني نفسه، كشفت القناة العبرية الـ11، نقلاً عن مصادر إسرائيلية وفلسطينية رفيعة المستوى، أنَّ قائد حركة حماس في غزة، "يحيى السنوار" تلقّى في الفترة الأخيرة رسالةً من الأسرى الفلسطينيين، الذين يقبعون في سجون الاحتلال، وتحديداً الأسرى الذين كانوا قد أطلقوا في صفقة شاليط، ثم عاد الكيان الصهيوني واعتقلهم جميعاً.
وتؤكد القناة العبرية أن رسالة الأسرى الفلسطينيين تضمنت مطالبتهم للسنوار بأن تشملهم هذه الصفقة، بعد أن أصبحوا على دراية بأنّ الكيان الصهيوني وحماس توصلا إلى تقدمٍ في المفاوضات حول الصفقة، وأشار التلفزيون العبريّ، نقلاً عن المصادر ذاتها، إلى أن السنوار وجّه رسالةً لهم أكّد فيها على أنّه في حال التوصّل إلى صفقة مع الصهاينة فإنّهم سيشملون مع الأسرى الذين سيتّم إطلاق سراحهم.
وتجدر الإشارة إلى أنّ رئيس الوزراء المنتهية ولايته "بنيامين نتنياهو" دعا مؤخراً إلى إجراء حوار فوري عبر وسطاء بشأن الجنود الإسرائيليين الذين تحتجزهم الحركة في قطاع غزة، وكان مكتب نتنياهو قد أوضح في تصريح مكتوب أن منسق شؤون الأسرى والمفقودين "يارون بلوم" وطاقمه وبتعاون مع هيئة الأمن القومي، والمؤسسة الأمنية مستعدون للعمل بشكل بناء من أجل استعادة القتلى والمفقودين، وإغلاق هذا الملف، ودعوا إلى بدء حوار فوري من خلال الوسطاء، وهذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها الكيان الصهيوني عن استعداده للحوار بشأن جنوده المفقودين في غزة.
ملفٌ غامض
يبدو الحديث عن صفقة تبادل الأسرى بين حماس والكيان الصهيوني، متناغماً مع التوجه الدولي للإفراج عن الأسرى و المعتقلين في ظل انتشار فيروس كورونا، ما يرجح فرص إتمام صفقة تبادل الأسرى بينهما، وتقول سلطات الاحتلال الصهيوني أن حركة المقاومة الإسلامية تحتجز أربعة إسرائيليين منذ الحرب على غزة عام 2014، بينما تصر حماس على عدم إعطاء أي معلومات عنهم إلا بعد إفراج الكيان عن أسرى محررين أعيد اعتقالهم بعد أن تم الإفراج عنهم خلال صفقة "شاليط".
ولم تتضمن تصريحات السنوار الكثير من التوضيحات، فقد أشار إلى إمكانية أن تكون هذه الصفقة مبادرة لتحريك ملف تبادل الأسرى بحيث يقوم الكيان الصهيوني بعمل طابع إنساني أكثر منه عملية تبادل، بحيث يطلق سراح المعتقلين الفلسطينيين المرضى والنساء وكبار السن من سجونه “ومن الممكن أن نقدم له مقابلاً جزئيًا” على حد تعبيره .
يذكر أن “كتائب عزّ الدّين القسام”، الجناح العسكريّ لحركة المقاومة الإسلامية حماس، كانت قد أعلنت في نيسان من العام 2016 عن وجود أربعة أسرى من جنود الكيان الصهيوني لديها، دون أنْ تكشف عن حالتهم الصحية ولا عن هوياتهم، باستثناء الجندي "آرون شاؤول".
وكان الكيان الصهيوني قد أعلن عن فقدان جثتي الجنديين "آرون شاؤول، وهدار غولدن" في قطاع غزة خلال العدوان الصهيوني الذي بدأ في 8 يوليو عام 2014، واستمر لغاية 26 أغسطس من العام ذاته، لكن وزارة أمن الكيان عادت وصنفتهما من الأسرى والمفقودين في يونيو 2016، كما تحدث الكيان الصهيوني عن فقدان إسرائيليين اثنين، أحدهما من أصل إثيوبي والآخر من أصل عربيٍّ، وهو من منطقة النقب، القريبة من قطاع غزّة، دخلا غزة بصورة غير قانونية خلال عامي 2014 و2015.
إذن؛ تبدو البيئة السياسية مهيأة لنجاح صفقة التبادل الإنسانية، في ظل انتشار الوباء الذي يعرض حياة الأسرى للخطر، مع غياب أي معلومات عن الوسيط الذي يلعب هذا الدور بين حماس والكيان الصهيوني، ليبقى السؤال الأهم، إلى متى سيبقى الكيان الصهيوني ينتهك القانون الدولي الإنساني الذي يوجب الرعاية الصحية للأسرى، حيث يوجد حوالي 700 أسير بحاجة إلى رعاية صحية لم يتلقوها داخل سجونه لاقبل كورونا ولابعده.