الوقت- توقفت معارك الجيش السوري العنيفة ضد تحالف الإرهابيين والجيش التركي بشكل مؤقت الأسبوع الماضي عقب توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين الرئيس الروسي بوتين ونظيره التركي أردوغان في موسكو. لكن تحتوي هذه العمليات من وجهة نظر عسكرية ، على دروس رائعة وقواعد قيمة.
النتيجة النهائية للعمليات والخريطة الميدانية لشمال سوريا
استمرت العمليات العسكرية الرئيسية للجيش السوري ومحور المقاومة في محافظة ادلب وغرب حلب منذ حوالي 100 يوم. وفي نهاية هذه العمليات ، تمكن الجيش من تطهير مساحة تبلغ حوالي 2378 كيلومتر مربع من هذه المنطقة وإعادة فتح الطريق السريع الاستراتيجي بين دمشق وحلب وتأمين مدينة حلب من جانبيها الشمالي والغربي.
تواجد الطائرات بدون طيار التركية في ساحة المعركة
قبل حادثة 27 فبراير ومقتل 36 جنديًا تركيًا في غارة جوية روسية ، امتنع الجيش التركي عن اتخاذ أية إجراءات مباشرة ضد مواقع الجيش السوري باستثناء إطلاق بعض القذائف المدفعية أو تسليح الإرهابيين بناقلات جند مدرعة مضادة للدروع. لكن الحادث قد تسبب في انخراط الجيش التركي في مواجهة مباشرة مع الجيش السوري باستخدام طائرات الاستطلاع الهجومية بدون طيار. حيث تم تنفيذ الجزء الأول من هجوم الجيش التركي بطائرة بدون طيار عبر طائرات من طراز Anka-S المسلحة في منطقة جبل الزاوية ، والتي أسقطتها وحدة دفاعية تابعة للجيش السوري.
لكن في الأيام التي تلت ذلك ، زاد حجم وحدة الهجمات على مواقع الجيش السوري ، ودفعت الأضرار التي لحقت بالمدرعات والمدفعية الميدانية التابعة للجيش السوري القادة السوريين إلى الدعوة إلى دخول الأنظمة الدفاعية الى ساحة المعركة. ومع وجود هذه الأنظمة في ساحة المعركة ، تم إسقاط عدد من الطائرات الهجومية التركية من طراز Anka و Bayraktar على أرض المعركة ، مع توفر أربعة أدلة مرئية على الأقل على ذلك. وقد أدت الإطاحة بعدد من الطائرات بدون طيار التركية من قبل منظومات الدفاع السورية الى تركيز عمليات الطائرات بدون طيار التابعة للجيش التركي على البحث عن أنظمة الدفاع الميداني التابعة للجيش السوري وتدميرها.
تدمير منظومة بانتسير التابعة للجيش السوري ؛ الصياد الذي تم اصطياده
قام الجيش السوري بنشر منظومتي Pantir-S1 و Buk-M2 الدفاعيتين بالقرب من خطوط النزاع من أجل مواجهة الطائرات العسكرية الهجومية للجيش التركي واعتراضها. وفي ذات اليوم التي بدأت فيه عمليات الطائرات بدون طيار العسكرية التركية الواسعة، أصدرت وزارة الدفاع التركية بيانًا تدعي فيه تدمير منظومة بانتسير واخرى بوك في الجيش السوري. ولم يتم تأكيد تدمير منظومة بوك ، ولكن مع انتشار فيلم مصور عبر وسائل إعلام تركية يظهر فيه أن منظومة واحدة تابعة للجيش السوري من نوع بانتسير قد تم تدميرها بشكل غريب من قبل طائرة بدون طيار تركية من مسافة قريبة بينما كان رادار المنظومة في حالة نشطة.
بينما كانت هناك العديد من التكهنات والتساؤلات حول كيفية تدمير هذه المنظومة وعدم القدرة على اكتشاف واعتراض الطائرات بدون طيار المهاجمة في الأسبوع الماضي ، تم اصدار فيلم جديد في 4 مارس من هذا العام ، يظهر تدمير منظومة بانتسير ثانية بنفس طريقة تدمير الأولى تقريباً.
ووفقًا للعديد من الخبراء العسكريين ، يعد نظام Pantsir واحدًا من أفضل أنظمة الدفاع الجوي النقطوي الموجودة في العالم وهو مثال قوي على الإمكانيات المختلفة في مجال الكشف والتتبع والاستهداف استنادًا إلى المعلومات التي أصدرتها الدولة المصنعة لهذا النظام. وبالنظر إلى أن نظام Pantir مصمم خصيصًا لمواجهة الأهداف التي تطير على ارتفاع منخفض ، بما في ذلك مواجهة مجموعة متنوعة من الأسلحة الموجهة ، فإن مسألة عدم قدرة هذا النظام على التعامل مع طائرات بدون طيار الجيش التركي ذات السرعة المحدودة وارتفاع تحليق واضح ، يثير التساؤل.
دراسة حول التاريخ التشغيلي لنظام بانتسير في الحرب السورية
بدأ برنامج تحديث وتطوير منظومات الدفاع الجوية في الجيش السوري عام 2006 من خلال شراء منظومتي بانتسير وبوك من روسيا. وقد تم اجراء اول تجربة تشغيلية لنظام بانتسير بسرعة فائقة في سبتمبر 2007.
وفي الهجوم الذي نفذه سلاح الجو الإسرائيلي على الموقع النووي السوري في محافظة دير الزور بينما كانت هذه المنظومة تتمركز بالقرب من المقر الرئيسي لهذا الموقع ، دمرت المقتلات الإسرائيلية الموقع بشكل كامل. وجاء الهجوم في وقت لم يستطع فيه "بانتسير" أو أي من منظومات الدفاع السورية الأخرى الرد بسبب الحرب الإلكترونية وهجمات التشويش الجوية الإسرائيلية الشديدة.
في السنوات الأولى من الحرب الأهلية السورية ، شن سلاح الجو الإسرائيلي عدة غارات جوية على منشآت عسكرية داخل الأراضي السورية. وفي أول هجوم مسجل في عام 2012 ، استهدفت المقاتلات الإسرائيلية جزءًا من منشأة الأبحاث العسكرية في منطقة جمرايا شمال غرب دمشق من خلال إطلاق صواريخ بعيدة من مرتفعات الجولان المحتلة. وجاء الهجوم عندما تم نشر أنظمة بانتسير بالقرب من المقر العسكري. أثار عجز النظام عن التعامل بفعالية مع الهجمات اللاحقة التي شنها الكيان الصهيوني احتجاجات قوية من قبل قادة سلاح الجو السوري ضد المستشارين الروس. لكن المسؤولين الروس يعتقدون أن السبب في ضعف الاداء يرجع لقلة خبرة الطاقم السوري في التحكم بالمنظومة.
وفي أبريل 2012 ، بعد حوالي عام من بدء الحرب الأهلية ، طلب مركز البحوث العسكرية التابع للجيش السوري من السلطات الروسية اختبار أنظمة Pantsir التابعة للجيش السوري في حالات الاشتباك الواقعي تحت قيادة المشغلين الروس.
وقد قبل الروس هذا الاقتراح لإثبات أن الأنظمة غير قادرة على الصمود أمام الهجمات الإسرائيلية بسبب انخفاض مهارات الطاقم السوري.
ويجري الاختبار في القاعدة الجوية حميميم في محافظة اللاذقية (والذي أصبح موقعًا للطائرات المقاتلة الروسية بعد ثلاث سنوات ونصف).
وقام الطاقم الروسي لمنظومة الدفاع بانتسير بإجراء الاختبار ذي الصلة في موقع قاعدة حميميم الجوية في محافظة اللاذقية (التي أصبحت موقعًا للطائرات المقاتلة الروسية بعد ثلاث سنوات ونصف).
وكان من المقرر تقييم أداء هذه المنظومة في اطار الهجمات الإلكترونية الشديدة كمحاكاة الهجمات المماثلة من قبل سلاح الجو الإسرائيلي. لذلك ، تقوم وحدة التجهيزات الالكترونية من طراز 59 التابعة للقوات الجوية السورية بنشر جهاز اعتراض إلكتروني من طراز TACAN كوري الصنع على متن الحوامة Mi-17 وإرساله إلى نطاق عمل منظومة الدفاع الروسية.
ومع بدء عمل النظام الكوري للتشويش ، بدأ طاقم منظومة الدفاع الروسية عمله ، ولكن وسط اندهاش وتعجب مراقبي نظام بانتسير والطاقم الروسي ، كانت المنظومة عاجزة تمامًا أمام ظروف التشويش ، وباءت جهودهم للتصدي بالفشل.
وعلى الفور ، طلب المسؤولون الروس المتواجدين في المنطقة من طاقم المروحية السورية (Mi 17) إغلاق نظام التشويش دون توضيح سبب فشل نظام PentSir S1 ، والذي يُعتقد أيضًا أنه قادر على العمل في ظل حرب إلكترونية شديدة.
أدت نتائج الاختبار إلى نشوب نزاعات ومشاجرات حادة بين مسؤولي القوات الجوية السورية ومسؤولي المخابرات في الجيش السوري ، ومن خلال قرار صادر عن الإدارة المركزية لحزب البعث تم الاعتماد أن أنظمة بانتسير التي تم شراؤها في ظل نفس الظروف سيتم الموافقة عليها وسيتم استخدامها ضمن القوات الجوية.
في الواقع ، لم يكن لدى السوريين خيار آخر لأنهم لم يكن لديهم أي حليف آخر يمكنه تزويدهم بنظام أكثر قوة ، ولم يتمكنوا من إلقاء اللوم على ضعف هذه الأنظمة كدليل لعدم شرائها ، لانه تبقى منظومات الدفاع الجوي بانتسير وبوك بكافة اصداراتها أقوى من مثيلاتها الموجودة في صفوف قوات الجيش السوري مثل (SA3) و(SA6) مقابل هجمات العدو حتى وان كانت ضعيفة امام تسليحات الجو الإسرائيلية.
كيف تم اصطياد منظومات الدفاع الجوي السورية بانتسير من قبل الطائرات بدون طيار التركية؟
لقد تم تسليط الضوء على مسألة عدم قدرة نظام بانتسير على التعامل مع طائرات صغيرة بدون طيار منخفضة السرعة منذ وقت ليس ببعيد في قاعدة حميميم الجوية عام 2018. ويقوم الإرهابيون المتواجدين شمال محافظة حماة واللاذقية في بعض الأحيان بتنفيذ هجمات من خلال طائرات بدون طيار أو صواريخ غراد يدوية الصنع على القواعد الموجودة هناك. وقد نشرت روسيا أنظمة Pantsir لمواجهة هذه الهجمات منذ تمركز طائراتها المروحية الخاصة في تلك القاعدة. ووفقًا لمصادر روسية ، كان النظام ناجحًا للغاية في مواجهة صواريخ المدفعية التي أطلقها الإرهابيون ، لكن من الصعب للغاية اكتشاف وتدمير الطائرات الصغيرة بدون طيار منخفضة السرعة ، مما تسبب في أضرار على عدة طائرات هليكوبتر روسية متمركزة في قاعدة حميميم الجوية خلال أحد الهجمات.
وفي أعقاب هذا الحادث ، أرسل الجيش الروسي منظومة Tor-M2 القوية لتغطية ضعف منظومة Pantsir ضد هجمات الطائرات بدون طيار. ومع ذلك ، تجدر الإشارة إلى أنه قد تم تلافي هذا الضعف في الإصدار المحدّث من منظومة Pantsir-SM ، حيث يواجه طراز S1 فقط هذه المشكلة ، والذي يعد الجيل الأول من هذه المنظومات.
خلال العملية الثانية من تدمير منظومةPantsir التابعة للجيش السوري ، استغلت الطائرات التركية بدون طيار ضعف هذه المنظومة في الكشف عن الأهداف منخفضة السرعة وتجربة ضعف أدائها في الحروب الإلكترونية.
ووفقًا لبعض المصادر غير الرسمية في تركيا ، فإن منظومات التشويش "كورال" تقوم بشن حرب إلكترونية على منظومة الدفاع بانتسير التابعة للجيش السوري مما تحول دون عمل الرادار الكاشف لهذه المنظومة بشكل صحيح ، والذي يؤدي في النهاية إلى عدم الكشف عن الهدف ، مما يجعل الخطوة الفعالة الأولى الفعالة في المواجهة لا تحدث.
وبالتزامن مع التشويش الذي أحدثه نظام كورال ، تستخدم الطائرات بدون طيار من سلسلة Anka نظام النمذجة والتتبع MX15_D للشركة الأمريكية الكندية WESCAM مع صواريخ يصل مداها الى أكثر من 20 كيلومترا (خارج نطاق صواريخ منظومة بانتسير) وتقوم بالإشارة الى المنظومة المستهدفة من خلال شعاع الليزر. وفي هذه الأثناء ، تقترب الطائرات بدون طيار من طراز (Bayraktar) على ارتفاع منخفض وقريب من مكان تواجد الهدف المشار اليه بالليزر ، وتقوم بتدمير الأنظمة الدفاعية للجيش السوري من خلال إطلاق أسلحة موجهة.