الوقت- بعد 11 عامًا من الجري في ماراثون المفاوضات، توصل الوفد الأمريكي برئاسة "زلماي خليل زاد" وممثلي حركة طالبان الافغانية أخيرًا إلى اتفاق لإنهاء الحرب الدموية التي استمرت 18 عامًا في هذا البلد الفقير، ويوم أمس السبت قام الجانبان بالتوقيع رسميًا على هذه الاتفاقية في العاصمة القطرية الدوحة بمشاركة وحضور ممثلين ووزراء خارجية 30 دولة من المنطقة والعالم. وفي حين كانت قضية خروج القوات الاجنبية من أفغانستان واحدة من أهم نقاط الخلاف الرئيسية التي تم التطرق إليها خلال المفاوضات السابقة، إلا أن الجانبان في هذه المفاوضات الاخيرة قالوا بيان مشترك إن الولايات المتحدة وحلفائها سوف تقوم بسحب جميع قواتها في غضون 14 شهراً.
على ماذا اتفق الامريكيين وحركة طالبان الافغانية؟
إن الاتفاق الذي وقعه "زلماي خليل زاد" مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى أفغانستان، ونائب المسؤول السياسي في حركة طالبان الملا "عبد الغني برادار"، بحضور وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" وممثلين عن 30 دولة، يمهد الطريق نحو انسحاب الولايات المتحدة على نحو تدريجي من أطول حروبها وفيما يلي أهم بنود اتفاق السلام بين واشنطن وطالبان:
1) تكمل الولايات المتحدة وحلفاؤها سحب قواتهم المتبقية من أفغانستان في غضون 14شهرا من توقيع الاتفاق وتخفض الولايات المتحدة عدد قواتها العسكرية في أفغانستان إلى 8600 في غضون 135 يوما.
2) تلتزم الولايات المتحدة وفقا للاتفاق بالامتناع عن استخدام القوة والتدخل في شؤون أفغانستان الداخلية وتقوم الحكومة الأفغانية بمخاطبة مجلس الأمن الدولي لإزالة أسماء قيادات حركة طالبان من القوائم السوداء وقوائم العقوبات في أسرع وقت.
3) تحترم الولايات المتحدة الأمريكية سيادة أفغانستان وتدعم واشنطن قوات الأمن الأفغانية والمؤسسات الحكومية الأخرى وتساعد واشنطن على خلق بيئة داعمة لإحلال السلام النهائي بأفغانستان من خلال دول الجوار.
4) تلتزم واشنطن بتسيير المناقشات بين أفغانستان وباكستان لوضع ترتيبات لضمان عدم تهديد أي بلد للآخر ويجب على واشنطن أن تكون مستعدة لمواصلة العمليات العسكرية في أفغانستان وبموافقة الحكومة الأفغانية لعرقلة خطط تنظيمي القاعدة والدولة.
الجزء الأول: انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان
1) وفقًا لهذا الاتفاق، فلقد وافقت الولايات المتحدة وحلفاؤها على القيام بما يلي في الـ 135 يومًا القادمة:
الف: سيتم تخفيض القوات الأمريكية إلى 8600
ب: سيتم إخلاء جميع القوات بالكامل من الخمس قواعد الرئيسية الموجودة في أفغانستان.
2) في غضون 9.5 أشهر القادمة، ستغادر جميع القوات الأجنبية أفغانستان وسيتم إخلاء جميع القواعد العسكرية الموجودة في أفغانستان. كما تعهدت الولايات المتحدة بالتشاور مع جميع الأطراف لتبادل الأسرى كخطوة لبناء الثقة بين الجانبان، حيث من المقرر إطلاق سراح 5000 سجين من طالبان و 1000 جندي حكومي افغاني في الـ10 مارس القادم مع بدء المحادثات بين الفصائل الأفغانية.
3) تم التعهد أيضًا بعد إنشاء إمارات اسلامية على الاراضي الافغانية وذلك لأن مثل هذه الإمارات قد تحتوي على بعض السجناء الذين قد يشكلوا تهديدًا لأمن الولايات المتحدة وحلفائها.
4) مع بدء المحادثات بين الفصائل الأفغانية، سيتم حذف عناصر من حركة طالبان الذين يخضعون للعقوبات من قائمة العقوبات الامريكية.
5) وفي نفس الوقت الذي تبدأ فيه المحادثات الأمريكية الأفغانية، سوف يتم التشاور مع أعضاء الأمم المتحدة الآخرين لرفع العقوبات على حركة طالبان.
6) تعهدت الولايات المتحدة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية الأفغانية وعدم استخدام القوة العسكرية ضد القادة السياسيين في هذا البلد الفقير.
الجزء الثاني: تعهدات حركة طالبان بعدم استخدام الأراضي الأفغانية لمهاجمة الولايات المتحدة وحلفائها
1) تعهدت حركة طالبان بأنها لن تسمح لأي جماعة، بما في ذلك القاعدة، باستخدام الأراضي الأفغانية لشن هجمات ارهابية ضد الولايات المتحدة وحلفائها
2) سوف ترسل حركة طالبان رسالة واضحة إلى الجماعات التي ستشكل تهديدًا لأمن الولايات المتحدة وحلفائها والتي سيكون مفادها بأنه لن يكون لتلك الجماعات مكان في أفغانستان.
3) لن تسمح حركة طالبان لأي شخص في أفغانستان يقوم بتوظيف وتدريب وتقديم الدعم المالي لبعض الجماعات التي تشكل تهديداً للولايات المتحدة ولن تقوم بإصدار جوازات سفر لهم.
الجزء الثالث: الخطوات التالية بعد الاتفاق
1) سوف تحاول الولايات المتحدة دفع مجلس الأمن للموافقة على هذا الاتفاق.
2) سوف تحاول حركة طالبان بناء علاقات طيبة مع الولايات المتحدة وستسعى جاهدة لإقامة علاقات إيجابية وبناءة بين الحكومتين في المستقبل.
3) ستسعى حكومة الولايات المتحدة إلى إقامة علاقة اقتصادية جيدة مع الحكومة الافغانية التي ستتشكل بعد الانتهاء من المفاوضات بين الفصائل الأفغانية.
الحكومة الافغانية تعيش حالة من الخوف والامل
ذكرت العديد من المصادر الاخبارية بأن أنباء الشعب الافغاني رحبوا يوم أمس السبت بتعهد حركة طالبان والقوات الأمريكية بخفض العنف فيما بينهما، رغم الشكوك التي تحيط بصمود اتفاق التهدئة بين الطرفين وإبرامهما الأسبوع المقبل اتفاق سلام شامل في بلاد تعيش ويلات الحرب منذ سنين طويلة. ومن المتوقع أن يعقب اتفاق السلام المرتقب تبادل للأسرى، إذ يجري الحديث عن خمسة آلاف أسير لطالبان وألف للحكومة، لكن الاتفاق المنتظر بين واشنطن وحركة طالبان يلفه الغموض، فالطرف الثاني يتحدث عن انسحاب كامل للقوات الأمريكية من الأراضي الأفغانية، في حين تتحدث واشنطن عن انسحاب جزئي فقط مقابل ضمانات أمنية بعدم استخدام أفغانستان منصة لمهاجمة القوات الأمريكية. وقبيل بدء حفل التوقيع في الدوحة، عقد الرئيس الأفغاني "أشرف غني" في العاصمة كابل مؤتمرا صحفيا مشتركا مع وزير الدفاع الأمريكي "مارك إسبر" والأمين العام لحلف شمال الأطلسي "ينس ستولتنبرغ"، حيث قال "غني": "نرحب بالمفاوضات بين واشنطن وطالبان، وهناك نقاط سنعمل عليها عبر مفاوضات مباشرة مع طالبان". وأضاف الرئيس الأفغاني أن بلوغ السلام تطلب تضحيات من الأطراف المعنية والتوافق بينها على ضرورة وقف الحرب، مؤكدا أن السلام جزء من خطة حكومته وهدف للمجتمع من أجل إعادة بناء البلاد. أما وزير الدفاع الأمريكي فقال محذرا إنه "في حال عدم احترام طالبان لالتزاماتها فستخسر فرصتها للجلوس مع مواطنيها الأفغان ومناقشة مستقبل بلادها".
واشنطن تؤكد على التزامها بهذا الاتفاق
أعرب وزير الدفاع الامريكي "مارك إسبر" أن الاتفاق مع طالبان ثمرة جهود شاقة بذلها من قاتلوا بشدة في أفغانستان لصالح الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الاتفاق خطوة مهمة لإحلال سلام دائم في أفغانستان الجديدة الخالية من القاعدة وتنظيم الدولة وأي جماعة إرهابية تسعى لإلحاق الأذى بواشنطن ومن جهته، قال وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب إن الولايات المتحدة لاحظت انخفاضا كبيرا في العنف بأفغانستان خلال الأيام الستة الماضية. كما أكد وزير الخارجية الأمريكي، أن عملية السلام في أفغانستان "لا تزال في بدايتها" لكن الخطوات التي اتخذت خلال الأسابيع الماضية تظهر أن من الممكن تحقيقها. وقال "بومبيو" خلال كلمة له أثناء مراسم توقيع الاتفاق في قطر إن تحقيق السلام يتطلب "عملا جديا وتضحيات من جميع الأطراف" للحفاظ على الزخم، وتابع قائلا: "أعلم أنه سيكون هناك إغواء لإعلان النصر"، على حد تعبيره. وشدد وزير الخارجية الأمريكي على أن النصر للشعب الأفغاني يكمن في تحقيق السلام والازدهار، وأكد أن النصر للولايات المتحدة يتحقق عندما لا تخاف واشنطن وحلفاؤها من تهديدات الإرهاب القادم من أفغانستان، وختم قائلا: "سنفعل كل شيء لحماية شعبنا".
حركة طالبان تتعهد بوقف اطلاق النار
أعلن المجلس الحاكم في حركة طالبان قبل عدة أيام أنه وافق على وقف مؤقت لإطلاق النار في أفغانستان ممّا قد يعزّز فرص توقيع اتفاقية سلام مع الولايات المتحدة. وكانت واشنطن قد طلبت وقف إطلاق النار قبل توقيع أي اتفاق سلام من شأنه أن يسمح للولايات المتحدة بإعادة قواتها من أفغانستان إلى الوطن للمرة الأولى خلال 18 عاماً من ميدان نزاع شهد الانخراط العسكري الأمريكي الأطول زمناً في تاريخ الولايات المتحدة كله. وفي سياق متصل، ذكرت بعض المصادر الاخبارية بأن حركة طالبان أمرت جميع المقاتلين بالتوقف عن شن أي هجوم والتمسك بعملية وقف اطلاق النار من أجل إحلال السلام في أفغانستان. ومن جانبه أعلن الجنرال "جون نيكلسون" قائد القوات الأمريكية، أن القوات الأمريكية ستحترم قرار الحكومة الأفغانية بوقف إطلاق النار مع طالبان الذى أعلن عنه خلال الفترة الماضية.
إلغاء الاتفاق إذا انتهكت طالبان الالتزام به
على الرغم من موجة الأمل التي أعقبت هذا الاتفاق التي تم التوقيع عليه بين حركة طالبان والولايات المتحدة بشأن أفغانستان، إلا أن وزير الدفاع الأفغاني أعلن على الفور إمكانية إلغاء هذه الاتفاق إذا لم تلتزم حركة طالبان بجميع بنوده. ووفقًا لبعض المصادر الاخبارية، فلقد صرح "أسد الله خالد"، وزير الدفاع الأفغاني الذي حضر حفل توقيع الإعلان المشترك حول الشراكة طويلة الأجل بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي مع الحكومة الأفغانية، قائلا: "الاتفاقية المزمع توقيعها في الدوحة ثابتة على الشروط ونأمل أن يؤدي إلى تراجع العنف وإلى وقف لإطلاق النار وإلى حدوث سلام عام في أفغانستان، ومن المرجح أن يتم إلغاء هذا الاتفاق في أي لحظة إذا قامت حركة طالبان بانتهاك بنوده".