الوقت- تبنّى مجلس الأمن يوم الاربعاء الماضي قراراً بشأن حظر تصدير الأسلحة إلى اليمن وينص هذا القرار الذي صاغته الدول الغربية، وخاصة بريطانيا، على تمديد عقوبات تصدير الأسلحة إلى اليمن حتى شهر فبراير عام 2021 القادم وهنا تجدر الاشارة إلى أن هذا القرار تم تعديله بسبب معارضة موسكو لأي إشارة مباشرة أو ضمنية إلى إيران تأتي في هذا القرار ولقد تمت الموافقة على هذا القرار من قبل 13 دولة من أصل 15 دولة، بينما امتنعت روسيا والصين العضوان الدائمان في مجلس الأمن الدولي عن التصويت على هذا القرار. ويعكس قرار مجلس الأمن الجديد بشأن اليمن، أن هناك تطورات كبيرة تحدث في الساحة الدولية فيما يتعلق بقضية اليمن وذلك عقب قيام تحالف العدوان السعودي بالكثير من المجازر في حق أبناء الشعب اليمني المظلوم.
وعلى صعيد متصل، أكد القرار الصادر تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، على الالتزام القوي بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامته الإقليمية، وعبّر عن القلق إزاء التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية المستمرة في اليمن، بما في ذلك أعمال العنف وحالات الاختفاء القسري المستمرة، والتهديدات الناشئة عن النقل غير المشروع للأسلحة وعن تكديسها وإساءة استعمالها بما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار. وحث القرار 2511، جميع الأطراف والدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية والدولية، على التعاون مع فريق الخبراء لتنفيذ مهمته الموكلة إليها. ويخضع اليمن لعقوبات تحظر تصدير السلاح منذ عام 2015، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2216، الصادر ضد جماعة "أنصار الله"، والقوات الموالية للرئيس السابق "علي عبد الله صالح".
الدعم الغربي للسعودية واستغلال ورقة الحرب
مما لا شك فيه أن العقوبات الغربية التي فرضها مجلس الامن يوم الاربعاء الماضي على تصدير الاسلحة إلى اليمن، جاءت عقب تمكن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية من تحقيق الكثير من الانتصارات داخل الساحة اليمنية وداخل العمق السعودي وهذه العقوبات تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأنها جاءت كورقة نجاه للسعودية وهذا الامر يؤكد بأن الدول الغربية كانت وما زالت تقدم الكثير من الدعم العسكري واللوجستي لقوات تحالف العدوان للاستمرار في ارتكاب الجرائم داخل اليمن.
إن الغريب في الامر والمثير للسخرية أن هذا القرار الاممي الاحادي الجانب جاء لمعاقبة اليمنيين بسبب دفاعهم عن أرضهم وعرضهم وجاء هذا القرار كمكافأة للسعودية على الجرائم التي ارتكبتها خلال السنوات الماضية في اليمن وهنا تجدر الاشارة إلى أن مجلس الامن لم يصدر خلال السنوات الماضية أي قرار يدين الجرائم التي ارتكبتها قوات تحالف العدوان السعودي في اليمن وقيام السعودية والإمارات بفرض حصار خانق على المنافذ البحرية والجوية والبرية على اليمن وعدم السماح بدخول المساعدات الانسانية والادوية الضرورية لهذا البلد المنكوب، الامر الذي أدى إلى حدوث مجاعة إنسانية في هذا البلد ووفاة الآلاف من الاطفال والنساء.
الجدير بالذكر أن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية تمكنوا منذ سبتمبر 2019 وحتى هذه اللحظة من توجيه ضربات موجعة داخل العمق السعودي وتمكنوا خلال الفترة الماضية من شن العديد من الهجمات الصاروخية على حقول أرامكو النفطية، الامر الذي أدى إلى حدوث الكثير من الخسائر المادية والمالية للسعودية وفي هذا السياق، كشفت العديد من التقارير الاخبارية بأن قوات تحالف العدوان السعودي وقوات المرتزقة الأجانب التابعة لها، وقوات الرئيس اليمني المستقيل "عبد ربه منصور هادي"، أجبرت خلال الفترة الماضية على ترك مواقعها على الأرض والهروب وذلك بعدما تكبدوا الكثير من الخسائر المادية والانسانية من قبل أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية، وهذا الامر دفع الدول الغربية في خطوة منسقة مع السعودية والإمارات بالادعاء بأن تكنولوجيا الأسلحة اليمنية الجديدة جاءت من إيران، بما في ذلك الطائرات من دون طيار وصواريخ كروز، ومن أجل تأكيد صحة هذا السيناريو، زعمت أمريكا الاسبوع الماضي بأنها استولت على سفينة إيرانية قرب السواحل اليمنية كانت تحمل صواريخ وكانت متوجهة إلى اليمن.
في الواقع، وعلى الرغم من أن الدول الغربية تدرك جيدًا أن قوة الردع لليمنيين في تزايد مستمر وأن السعوديين ليس لهم القدرة الكافية للفوز في هذه الحرب، إلا أن هذه الدول الغربية قامت الاسبوع الماضي بالموافقة على قرار حظر تصدير الاسلحة إلى اليمن وذلك من أجل الحفاظ على علاقاتهم الاقتصادية مع السعودية ولتبرير مواصلتهم بيع الأسلحة للرياض وأبو ظبي وعدد من الدول العربية.
ومع ذلك، كشفت العديد من التقارير الاخبارية بأن هناك أدلة واضحة لا يمكن إنكارها على عمليات شراء السعودية وبعض الدول العربية أسلحة جديدة من هذه البلدان في الأسابيع الأخيرة، ومثال على ذلك ما كشفته بعض وسائل الاعلام قبل عدة أسابيع حول السفينة البحرية السعودية التي قامت بشحن الكثير من الاسلحة القادمة من أمريكا وكندا من السواحل الأوروبية وهذه العملية لاقت احتجاجات واسعة النطاق من جانب الجماعات المناهضة للحرب اليمنية وجماعات حقوق الإنسان مثل منظمة العفو الدولية.
روسيا والخريطة الجيوسياسية الجديدة للمنطقة
من ناحية أخرى، تؤكد عملية اعتماد مجلس الأمن لهذا القرار بعد إجراء الكثير من التعديلات والتنقيحات عليه، بأن هناك تحول في آراء الجهات الدولية الفاعلة الرئيسة التي كان لها دور فعّال في التطورات التي تشهدها الساحة اليمن وفي مستقبل الحرب التي شنها تحالف العدوان السعودي وأن هناك تغير في المعادلات السياسية قد يلقي بظلاله على الخريطة الجيوسياسية للمنطقة. وهنا تجدر الاشارة إلى أن امتناع روسيا والصين على التصويت على هذا القرار ودعم موسكو لإيران التي تعد الحليف الرئيس لحكومة الانقاذ الوطنية في حربها مع قوات تحالف العدوان السعودي، يؤكدان أن القوى العالمية تبذل الكثير من الجهود لخلق توافق مع الحقائق الجديدة التي ظهرت في المنطقة.
إن الحقائق الميدانية تؤكد أن التطورات في سوريا والعراق وأفغانستان واليمن لا تصب في مصلحة الدول الغربية، خاصة عقب تزايد الضغوط الإقليمية التي تطالب بإخراج القوات الأمريكية من المنطقة، وظهور شكل جديد من التحالفات بين إيران التي تعتبر مركز المقاومة في المنطقة وروسيا والصين، وهذا الامر يظهر جلياً عقب قيام هذه الدول الثلاث بتدريبات بحرية المشتركة غير مسبوقة في مياه الخليج الفارسي. وعلى هذا الأساس، يجب الاعتراف بأن التطورات الاخيرة التي وقعت في اليمن والموقع الجيوسياسي شديد الحساسية والقريب من باب المندب والبحر الأحمر الذي يمتلكه هذه البلد العربي الفقير، تبشر بظهور لاعب قوي في المنطقة يعد من أهم المعارضين الرئيسيين للسياسات الامريكية ومن أهم حلفاء طهران في المنطقة وهذا الامر هو الذي دفع روسيا والصين إلى تحويل تركيزهما نحو اليمن.