الوقت- كتبت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية حول الاوضاع في مدينة إدلب السورية وقالت: "دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى عقد قمة دولية حول سوريا لبحث تدهور الاوضاع في محافظة إدلب". ولفتت هذه الصحيفة الروسية إلى أن هناك عمليتين عسكريتين متوازيتين تحدث على الاراضي السورية، الأولى تابعة للجيش التركي والآخر تابعة للقوات الحكومية السورية التي كثفت من هجماتها على مواقع الجماعات الإرهابية المسلحة بمساعدة ودعم جوي من قبل القوات الروسية.
وفي السياق نفسه، ذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية أن الطائرات الحربية الروسية شنت خلال الايام القليلة الماضية سلسلة من الهجمات على عدد من المناطق التي لا تسيطر عليها حكومة دمشق وزعمت وسائل الإعلام التركية أيضا أنه تم قصف 18 بلدة واقعة في محافظتي إدلب وحلب، مشيرة إلى "مصادرها الخاصة في صفوف المعارضة المعتدلة" هي من اعطتهم هذه المعلومات وبالطبع، لم تؤكد موسكو ولا أنقرة مثل هذه التقارير التي نشرتها بعض وسائل الاعلام التركية.
وعلى صعيد متصل، وصف وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف" العمليات العسكرية التي شنتها طائرات الجو الروسية على بعض المناطق في مدينة إدلب، بأنها هجمات انتقامية على مواقع الجماعات الإرهابية. وقال "لافروف": "إن روسيا تعتزم بذل قصارى جهدها لتحويل منطقة إدلب التي تشهد الكثير من التوترات إلى مدينة هادئة ومستقرة وخالية من الجماعات الارهابية ولهذا، يجب على الجانب التركي الوفاء بالتزاماته وسوف نستمر في حربنا ضد الجماعات الارهابية المنتشرة في تلك المناطق وذلك لأن هذه الجماعات الارهابية قامت خلال السنوات الماضية بشن الكثير من الهجمات على مواقع القوات الجوية الروسية والجيش السوري وبالإضافة إلى ذلك، كانت تلك الهجمات الارهابية تُشن في كثير من الأحيان بمساعدة بعض مواقع المراقبة التركية".
وفي السياق نفسه، أعلن وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف"، أن روسيا وتركيا تجهزان سلسلة مشاورات جديدة بشأن سبل خفض التصعيد في محافظة إدلب السورية. وقال لافروف: "يتم الإعداد الآن لسلسلة جديدة من المشاورات التي نأمل أن تقودنا إلى اتفاق بشأن كيفية ضمان أن تكون تلك منطقة خفض تصعيد بحق". كما وصف وزير الخارجية الروسي، الدعوات إلى وقف هجوم قوات النظام في إدلب أنه بمثابة استسلام للإرهابيين ومكافأة على أفعالهم. ورفض وزير الخارجية الروسي الثلاثاء الماضي الدعوات إلى وقف الهجوم السوري المدعوم من موسكو في إدلب شمال غرب سوريا، وقال إن ذلك سيكون بمثابة "استسلام للإرهابيين". وصرح أمام مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في جنيف أن وقف الهجوم لن يكون "مراعاة لحقوق الإنسان، بل انه استسلام للإرهابيين بل وحتى مكافأة لهم على أفعالهم". واتهم "لافروف" بعض الحكومات بأنها "ترغب بتبرير أعمال شنيعة ارتكبتها جماعات راديكالية وإرهابية". وقال "بخلاف ذلك سيكون من الصعب تفسير التحذيرات من إمكانية إبرام اتفاقات سلام مع قطاع طرق".
وعلى صعيد متصل، أعلن الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" عن عقد قمة دولية خلال الايام القادمة حول التطورات في سوريا ووفقًا للزعيم التركي، سيتم عقد هذه القمة في مدينة إسطنبول في الـ 5 مارس القادم بمشاركة الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، والرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" والمستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل". وفي السياق نفسه، أشار المتحدث باسم الكرملين "ديمتري بيسكوف" إلى أن هذه القمة الرباعية حول الوضع في إدلب سيعقد بمشاركة روسيا وألمانيا وفرنسا وتركيا في حالة تم الاتفاق والتنسيق بين القادة الاربعة، ولفت المتحدث باسم الكرملين إلى أن الرئيس الروسي سوف يشارك في مثل هذه الاجتماعات ليساعد في حل الازمة في سوريا.
تسعى الدول الأوروبية للمساعدة في حل أزمة "إدلب" وذلك خوفاً من الموجة الجديدة من طالبي اللجوء
بالطبع، يبدو أن الرئيس التركي "أردوغان" في عجلة من أمره للإعلان عن الموعد المحدد لقمة المجموعة الرباعية، وهذا الامر يشير إلى مدى صعوبة المحادثات بين روسيا وتركيا وفي هذا الصدد، أكد المسؤولون الألمان والفرنسيون خطورة الموقف وأبدوا استعدادهم للتوسط فيما بينهما للتوصل إلى حلول جذرية ترضي الطرفين في مدينة إدلب السورية.
وفي صعيد متصل، قالت كبيرة الباحثين في مركز الأمن الأوروأطلسي في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، "يوليا كودرياشوفا": "لم يعد بالإمكان الوصول إلى حل وسط بين روسيا وتركيا: مصالح الدولتين متشابكه للغاية في إدلب. لذلك، بات لا بد من حكم دولي، وأحد المرشحين للعب دور الحكم هي الولايات المتحدة الأمريكية، لكنها تتحلى بموقف حيادي، فقد دعم رئيس الولايات المتحدة "دونالد ترامب" "أردوغان" مباشرة، مراهناً كما يبدو على أن يساعد الموقف المشترك بشأن إدلب في حل العديد من التناقضات بين واشنطن وأنقرة، ومع ذلك، فمن دون انتظار إشارات جوابية، وصف "أردوغان"، لمجموعة من الصحفيين، التصريحات الصادرة من واشنطن بالمتناقض". ولفتت "كودرياشوفا" إلى أن أفضل ما في الأمر هو أن الدولتين الأوروبيتين الرائدتين الوازنتين سياسيا، واللتين يمكن أن تصغي إلى رأيهما كل من أنقرة وموسكو، هما من سوف تلعبان دور الوسيط. أما المرشح الآخر لدور الحكم، أي الولايات المتحدة الأمريكية، فلا تتحلى بموقف حيادي.
ووفقا لبعض التقارير التي نشرها المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فلقد تم تهجير حوالي 900 ألف شخص في سوريا منذ ديسمبر الماضي وبالطبع، لم يوافق المركز الروسي للمصالحة في سوريا هذه الارقام، حيث قال قبل بضعة أيام إنه لا يوجد دليل على أن مئات الآلاف من اللاجئين السوريين فروا خلال الفترة الماضية من مدينة إدلب. وفي هذا السياق، قالت "يوليا كودرياشوفا": "للبلدان الأوروبية مصلحة في تسوية الوضع في إدلب، خوفا من موجة لجوء جديدة. فإذا ما واجهت تركيا دفقا جديدا من اللاجئين، فقد لا تصمد أمامه، وحينها يغدو الوضع في إدلب مشكلة لعموم أوروبا".
وفي الختام وبالنظر إلى وجود فاصلة كبيرة في وجهات النظر وفي المواقف بين موسكو وأنقرة بشأن الوضع في إدلب، وفشل المفاوضات الثنائية بينهما التي كانت تهدف للتوصل إلى حل وسط يُرضي كافة الاطراف، فهل تتمكن في وقتنا الحالي الوساطة الألمانية الفرنسية بتقديم المساعدة للتوصل إلى اتفاق بين روسيا وتركيا ؟