الوقت- على الرغم من أن التركيز الرئيس للقوات العسكرية والأمنية التركية قد انصب على التطورات في إدلب، إلا أن الصراع مازال مستمراً مع حزب العمال الكردستاني. وقد أدى فصل الشتاء البارد في المناطق التي تقع بين الحدود التركية واقليم كردستان، والرصد الجوي والفضائي المستمر وكشف العديد من مخابئ وملاجئ حزب العمال الكردستاني في عام 2019 إلى وقف عمليات الجناح العسكري التابع لهم ضد تركيا في هذا العام.
ولهذا السبب، توجّهت بعض العناصر التي لم تتمكن من الاختباء في المناطق الجبلية، الى قرى جبلية نائية واستقرت في منازل ريفية لتظل آمنة في الوقت الحالي كي تتمكن من الهروب في موسم الربيع. ولكن في بعض الأحيان يتم كشف مكان بعض هؤلاء العناصر ويتم مهاجمتهم من قبل القوات العسكرية والأمنية.
وتحكي اخر التطورات في احدى قرى ارزروم، ان أحد قادة حزب العمال الكردستاني تمت محاضرته في منزل ريفي، وبعد اطلاقه النار على قوات الشرطة والقائه قنابل يدوية عليهم، تم قتله واعتُقل 3 اشخاص من اعضاء الاسرة الريفية بتهمة التستر على المجرم واقتيدوا الى السجن.
وفي حالة أخرى مشابهة في مدينة فان الكردية، قام عنصر من حزب العمال الكردستاني بإخفاء نفسه في منزل أحد أعضاء البرلمان بعد أن استقل هو والنائب التركي مراد ساري ساتش سيارة الأخير وخرجوا من المنزل، ونجحت قوات الأمن بإلقاء القبض عليه.
وفي العديد من الحالات الأخرى، قام نواب حزب الشعوب الديمقراطي في البرلمان التركي في مدينتي إسطنبول وأنقرة شخصيًا بنقل بعض أعضاء حزب العمال الكردستاني أو غيرهم من قادة الحزب الى اماكن اخرى وتم اعتقال عدد منهم. كما تم اعتقال العديد من رؤساء البلديات وسجنهم بسبب قيامهم بتسليم آليات وصلاحيات البلديات لقيادات لحزب العمال الكردستاني. وتسببت هذه الحالات، بغضب الحزب الحاكم والاحزاب السياسة الاخرى والمجتمع التركي، بالإضافة إلى غضب السلطات الأمنية والقضائية التركية، وتمت مقاطعة حزب العمال عمليا. ومع ذلك، على الرغم من الضغوط والقيود غير المبررة للحكومة والجهاز القضائي، فإن هيكلية تركيا السياسية والديمقراطية قد زودت الأكراد بإمكانيات جيدة يمكن استخدامها بشكل صحيح.
القيم المفقودة لـ 62 مقعداً في البرلمان
على الرغم من أن حزب الشعوب الديمقراطية معترف به باعتباره الهيئة الرئيسية لحزب العمال الكردستاني في تركيا، إلا أن القوانين الانتخابية والهيكل الحزبي في تركيا قد سمحت له بالفوز بما لا يقل عن 10 ٪ من أصوات الشعب ودخل مجال المنافسة كحزب رسمي وتنافس مع الأحزاب الأخرى في الدوائر الانتخابية الثلاثة جميعها، اي انتخابات رئاسة الجمهورية والبرلمان ومجالس المحافظة والبلديات.
وفي الانتخابات التركية الأخيرة، فاز الحزب بـ 62 من أصل 600 مقعد في البرلمان وجاء في المركز الثالث في مقاعد البرلمان. ومع ذلك، فإن التزام الحزب الذي لا جدال فيه بأوامر ومطالب قادة حزب العمال الكردستاني المرابطين في جبال قنديل حول ادانة الحرب والعنف والصراع، أدى إلى النتائج التالية:
1. انهيار جدران الثقة، فبالإضافة إلى الحزب الحاكم، كان حزب الحركة القومية والحزب الجيد، مترددين في التفاعل والتعامل مع هذا الحزب والتعاون معه، وكان البرلمان يشهد حالة تشنج وتوتر عندما يتكلم نواب هذا الحزب.
2. على مستوى المجتمع وبين وسائل الإعلام والرأي العام، كانت هناك نظرة سلبية ضد حزب الشعوب الديمقراطية، والذي سيُكوّن قطبية ثنائية تركية كردية جيدة إذا ما تم استفزازه.
3. ممثلو حزب الشعوب الديمقراطي، بدلاً من استخدام النفوذ البرلماني واللجوء القانوني، لا يفعلون عمليا أي شيء في البرلمان، ولم تتمكن هذه الـ 62 مقعدًا في البرلمان، من تحقيق أي إنجاز خاص لشعب المنطقة الكردية.
4 - طالما كان يسبح النواب المذكورون عكس التيار فيما يخص النقاشات الوطنية وحولوا أنفسهم إلى عنصر آخر.
ان حزب الشعوب الديمقراطية، على الرغم من الدعم الواسع من قبل أكراد تركيا، يأمل بتحقيق انجازات عسكرية بدلاً من الإصرار على استخدام النفوذ البرلماني والقانوني لذلك هلموا لمساعدة الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني. بالطبع لا يقتصر الانقياد لمطالبات وأوامر قادة حزب العمال الكردستاني بين السياسيين الأكراد ودفع التكاليف الباهظة، على تركيا فقط، حيث نشأت ذات المشكلة للأكراد في شمال سوريا. اذ نظم المئات من الاكراد السوريين من الرجال والنساء في الأيام الأخيرة اعتصامات في خيام كبيرة تابعة لمؤسسات حزب العمال الكردستاني وقاموا بالإضراب عن الطعام في ذكرى اعتقال عبد الله أوجلان ونصبوا مئات اللافتات في مناطق كوي وبرزن والمناطق المحيطة بها.
هذا في حين أكدت وكالات الأقمار الصناعية التابعة لحزب العمال الكردستاني في شمال سوريا مرارًا وتكرارًا أنه ليس لديها أي ارتباط تنظيمي معين مع حزب العمال الكردستاني وأنها مستقلة، وثانياً، لم يكن أي من الإضراب عن الطعام المستمر منذ سنوات طويلة اي انجازات خاصة سوى ان المئات وربما الآلاف من كوادر حزب العمال الكردستاني وأنصارهم اصيبوا بمختلف الامراض.
وفيما يتعلق بالحالة الراهنة للنواب الأكراد المنتمين إلى حزب العمال الكردستاني في البرلمان التركي، فقد ضحوا بأهمية النفوذ البرلماني والمطالبات الرسمية والقانونية، بإمتثالهم لأوامر قادة حزب العمال الكردستاني، ونظرا لهذه الظروف، فإن الناخبين الأكراد هم الذين يتعرضون للاضطهاد ويفقدون الان الفرص القانونية والديمقراطية لتحقيق التنمية الاقتصادية والتنمية السياسية. وفي الوقت نفسه، فإن التزام المؤسسات التنفيذية والعسكرية الكردية في شمال سوريا بحزب العمال الكردستاني يمنح تركيا فرصة ذهبية للتدخل والهجوم، ما يسهّل على تركيا ان تعتبرهم في المجاميع الدولية، انهم يمثلون تهديداً للأمن القومي التركي.