الوقت- ذكرت العديد من المصادر الإة بأن الرئيس اللبناني "ميشال عون" أجرى مكالمة هاتفية مع أمير قطر الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني" يوم الأحد الماضي وخلال تلك المكالمة وجه "عون" دعوة رسمية لأمير قطر لزيارة لبنان. يذكر أن كلّاً من قطر ولبنان تعرضتا لضغوط من الدول العربية على مدار العامين الماضيين، ولهذا فإنهما يبذلان في وقتنا الحالي الكثير من الجهود لتطوير علاقاتهما الثنائية للتحايل على تلك الضغوطات.
العلاقات بين الدوحة وبيروت
لعبت الدوحة دورا محوريا وإيجابيا في لبنان خلال الأزمة التي شهدتها البلاد في عام 2008 والتي دامت 18 شهراً منذ أواخر عام 2007 وحتى عام 2008، وفي ذلك الوقت، دعا الشيخ "حمد بن خليفة آل ثاني"، أمير قطر كبار ممثلي مختلف الفصائل السياسية في لبنان، للمشاركة في مؤتمر الدوحة وذلك من أجل الخروج من الطريق المسدود وتشكيل حكومة ائتلافية وطنية وإيجاد حلول جذرية للازمة اللبنانية وفي ذلك الوقت استعان الشيخ "حمد" أيضًا بنفوذه في جامعة الدول العربية، وقام بدعوة ممثلي الجامعة العربية لحضور قمة الدوحة، وبالفعل تمكنت قمة الدوحة من خلق فصل جديد في المشهد السياسي اللبناني ولا تزال المبادئ التي تم التوقيع عليها في تلك الاتفاقية من بين الركائز السياسية والدستورية للحكومة اللبنانية حتى هذه اللحظة وفي تلك الاتفاقية تم الاتفاق على عدد الوزراء من مختلف الفصائل في لبنان والاتفاق على تقسيم البلد إلى دوائر انتخابية أصغر.
وفي وقتنا الحالي وفي حين تعيش فيه معظم المدن اللبنانية في أزمة سياسية واقتصادية كبيرة، كانت قطر هي الدولة العربية الوحيدة التي مدت يد المساعدة للبنانيين وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الاخبارية بأن الحكومة اللبنانية عقدت في أوائل عام 2019، المؤتمر العربي الاقتصادي والاجتماعي الرابع في العاصمة بيروت، وفي ذلك المؤتمر كانت قطر هي الدولة العربية الوحيدة التي كان لها وجود قوي في ذلك المؤتمر، حيث لم ترسل بقية الدول العربية سوى ممثلين عنها إلى ذلك المؤتمر، لكن الشيخ "تميم آل ثاني" أمير قطر حضر بنفسه وشارك في ذلك المؤتمر. وفي الوقت نفسه، استثمرت الدوحة 500 مليون دولار في لبنان، وحول هذا السياق، قالت وزارة الخارجية القطرية "إن السندات المالية التي قدمتها الدوحة مكرسة لدعم الاقتصاد اللبناني المتعثر". وفي السياق نفسه، كشفت العديد من المصادر الاخبارية بأن الدوحة تكفلت بجميع نفقات ذلك المؤتمر الاقتصادي الذي عُقد في العاصمة اللبنانية بيروت ولفتت تلك المصادر الاخبارية إلى أنه نظرًا لضعف الاقتصاد اللبناني في التعامل مع اللاجئين السوريين، قامت الدوحة في شهر يوليو من هذا العام بارسال مبلغ 4 ملايين دولار للاجئين السوريين في لبنان.
دور السعودية والغرب في الوضع الاقتصادي للبنان
عقب الحضور البارد والهافت للدول العربية في المؤتمر الاقتصادي اللبناني، كتبت صحيفة الأخبار اللبنانية: "إن الضغوط التي تمارسها أمريكا والسعودية على الدول العربية، دفعتها إلى خفض مستوى تمثيلها في المؤتمر الاقتصادي لأعضاء جامعة الدول العربية في بيروت". ولفتت تلك الصحفية إلى أن الرياض قامت في وقت سابق باحتجاز رئيس الوزراء اللبناني "سعد الحريري" وذلك من أجل التدخل في الشؤون السياسية اللبنانية، ولهذا فلقد شاركت الرياض في هذا المؤتمر الاقتصادي وقامت بارسال وزير الاتصالات وفي الوقت نفسه حثت الدول العربية الأخرى على عدم المشاركة بشكل قوي في قمة بيروت الاقتصادية بحجة حرق العلم الليبي في لبنان. الجدير بالذكر أن لبنان تعد رابع بلد في العالم لديه الكثير من الديون الخارجية، وهو بحاجة ماسة إلى الدعم والمساعدات المالية.
وحول هذا السياق، ذكرت العديد من المصادر الاخبارية بأن لبنان لا يزال ينتظر قروض مالية تقدر بنحو 11 مليار دولار تعهد بها صندوق النقد الدولي وعلى الرغم من الوعود الغربية بمساعدة لبنان عقب نشوب الأزمة السياسية الأخيرة في هذا البلد واستقالة الحريري من منصبه، إلا أن اجتماع فريق الدعم الدولي الذي عقد في بيروت الأسبوع الماضي لم يكن له نتائج ملموسة بالنسبة للبنان، حيث وضع المشاركون في ذلك الاجتماع الكثير من الشروط التعجيزية لمساعدة لبنان وكانت تلك الشروط أكثر تعجيزية من الشروط التي تم الاعلان عنها في مؤتمر "سيدر" السابق ومن بين البنود الهامة التي تطرق إليها بياني كلا المؤتمرين، هو تنفيذ سياسات صندوق النقد الدولي كشرط مسبق لتلقي لبنان تلك المساعدات المالية. وهنا تجدر الاشارة إلى أن جذور الاضطرابات في لبنان تعود إلى عملية التقشف التي قامت بها الحكومة اللبنانية لتلبية هذه الشروط.
دور قطر في الحد من النفوذ السعودي في لبنان
بالنظر إلى الحصار الذي تفرضه السعودية وبعض الدول الأخرى على قطر، إلا أن الدوحة تمكنت من تحويل تلك الأزمة على مدى العامين الماضيين إلى فرصة وتمكنت خلال الفترة الماضية من تجاوز العقوبات المفروضة عليها من خلال تعزيز علاقاتها مع دول المنطقة مثل تركيا وباكستان. ومنذ بداية الحصار، ركزت الدوحة على بناء علاقات طيبة مع لبنان وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الاخبارية بأنه نظرا لقيام الولايات المتحدة بزيادة ضغوطها السياسية والاقتصادية على بيروت ولعب السعودية دوراً سلبياً وتدخلها في الشؤون السياسية لهذا البلد على مدار العامين الماضيين، قامت الدوحة بتوسيع علاقاتها الطيبة مع بيروت، وهذا الامر أدى إلى تنامي التأثير القطري في لبنان وتراجع النفوذ السعودي. ولفتت تلك المصادر الاخبارية إلى أنه في بداية حصار قطر، التقى السفير القطري في لبنان "علي بن حمد الحري" بالرئيس الحريري في قصر "بيت الوسيط" وفي ذلك الوقت لم تظهر بيروت ترددًا في رفضها لحصار قطر، بل إنها أيضا قامت بتعزيز علاقاتها السياسية والاقتصادية مع الدوحة خلال العامين الماضيين وبهذا الامر زاد نفوذ قطر في لبنان وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة النهار اللبنانية اليومية "الحسابات السعودية الخاطئة في لبنان قلصت من مصداقيتها والان أصبحت الدوحة تملأ هذا الفراغ."
يذكر أن قطر اعتمدت على استراتيجية وسياسة واضحة تجاه لبنان على عكس المملكة العربية السعودية، وفي هذا السياق، قال وزير المالية القطري "علي شريف العمادي" في مؤتمر الدوحة: "لبنان بلد مهم واستقراره السياسي والاقتصادي مهم لدول الخليج". كما أكد وقال: "لقد وفرت الدوحة الكثير من المساعدات للعديد من دول آسيا، ولبنان لا يزال حتى يومنا هذا يعيش في وضع اقتصادي صعب." ونظرا للظروف الصعبة التي تعيش فيها لبنان وخيبة أملها من أمريكا والدول العربية الأخرى في المنطقة، أصبحت بيروت أكثر تركيزًا على بناء علاقات سياسية واقتصادية طيبة مع قطر ولهذا فلقد أكد سفير لبنان في قطر "حسن نجم" يوم الجمعة الماضي على أن بيروت تبذل الكثير من الجهود لتطوير علاقاتها الدبلوماسية مع قطر.