الوقت -اختتمت القمة الأربعون للدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي يوم الأربعاء، وهي قمة تهدف إلى استعادة الاتحاد المفقود من مجلس التعاون. لذلك كان من الواضح أن السعودية قد وضعت خطة خاصة لحل الأزمة القطرية، وهي الخطة التي اتبعتها الرياض منذ شهور، والآن يسعى السعوديون إلى الكشف عن ثمارها في قمة مجلس تعاون الخليج الفارسي.
يمكن الإشارة بشكل أكيد بخصوص الوقت الذي بدأت فيه الرياض بمتابعة الملف القطري بشكل جدي, الى قصة قتل الناقد المعتدل السعودي جمال خاشقجي.
بعد الكشف عن ملابسات مقتله في القنصلية السعودية في اسطنبول، تبين أن دونالد ترامب قد وفر ظروفًا لدعم المتهمين الأصليين وراء الكواليس بالقتل ، والذي كان أيضًا موضوعًا لهجمات إعلامية مكثفة ، وهو محمد بن سلمان. وأهم هذه الشروط هو متابعة وحل ملفي قطر واليمن في أسرع وقت ممكن، وبدأ ولي العهد السعودي الشاب الذي رأى نفسه في خطر كبير في متابعة تلك الملفات المذكورة أعلاه.
على الرغم من أن السعودية كانت تسعى على ما يبدو إلى تسوية هذه الملفات مسبقًا قبل هذه الواقعة، إلا أن عملية ملاحقة السعودية لملفي قطر واليمن ، لم تكن جادة بما فيه الكفاية.
تسعى أمريكا من خلال حل مشكلات هذه الدولة العربية مع باقي دول مجلس التعاون الأخرى ومصر لتحقيق هدف كبير وهو تشكيل ووضع قواعد الناتو العربي الأولية وعلى الأقل إعادة إحياء دول مجلس التعاون الخليجي وتحالفها ضد الجمهورية الإسلامية الايرانية. لذا فانها تصر بشدة على متابعة المفاوضات القطرية السعودية.
وفي الوقت نفسه، فإن ما أكد أن هناك محادثات سرية بين قطر والسعودية كانت مقابلات مع شخصيات إعلامية قطرية بارزة لها علاقات وثيقة مع الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. حيث أعلنت هذه الشخصيات عن اخبار وظهور وقائع جديدة واتفاقيات في المستقبل القريب من شأنها أن تثير غضب أبو ظبي، لذلك من الواضح انه لم يكن لدولة الإمارات العربية المتحدة دور مباشر أو غير مباشر في المفاوضات السعودية القطرية.
هذا أصبح هذا الأمر أكثر توقعاً عندما تم نقل مكان اجتماع مجلس التعاون من أبو ظبي إلى الرياض، والأهم من ذلك، تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري قبل 4 أيام من اجتماع قمة مجلس التعاون الخليجي في اجتماع في روما، حيث قال: "حتى الآن لم يحدث أي تغيير في موقف قطر الداعم تجاه الإرهاب".
يشير هذا الامر بوضوح إلى أن مصر والإمارات، كحليفين رئيسيين للسعودية ودول الحصار الرئيسة على قطر، لم تكن على علم بالنتائج الأولية للمفاوضات السعودية القطرية أو انه لم يتم تضمينها في هذه المفاوضات.
فمن ناحية، وبعد الحصار والعقوبات التي فرضتها دول الحصار على قطر، اكتسبت الحكومة القطرية، في حين واجهت صعوبات في البداية، مزيدًا من الثقة بدعم من الجمهورية الإسلامية الايرانية وخاصة تركيا كحليف رئيسي. وبالتأكيد لن تتفاوض مع الدول المعادية بعد هذا من موقف ضعيف، وهو ما يعني تجاهل قطر لشروط الدول المعادية الـ 13 لاستئناف العلاقات الطبيعية مع قطر، لا سيما البنود المتعلقة بدعمها لجماعة الإخوان المسلمين واغلاق قناة الجزيرة، لأن التقيد بهذين الشرطين يعني تحولاً أيديولوجياً في سياسة دولة قطر.
ومن ناحية أخرى، فإن هذين الشرطين، وخاصة تلك المتعلقة بالإخوان المسلمين، هما المطلبان الرئيسان لحكومتي مصر والإمارات، ويبدو أنه لن تتوصل هذه الدول الثلاث الى اتفاق سهل بهذا الخصوص.
على الرغم من أن السعودية حاولت إعادة إحياء مجلس تعاون الخليج الفارسي وانتشاله من غيبوبته، لكن مع وجود جميع التمهيدات لعدم مشاركة أمير قطر في القمة سيبقى وضع مجلس التعاون الوخيم على حاله.
لذا فإن الخطوة التالية للسعودية لإحياء مجلس التعاون كانت محاولة إصدار بيان شديد اللهجة ضد الجمهورية الاسلامية الإيرانية لتوحيد الأعضاء الستة في المجلس في هذا الشأن، ولكن غياب قادة عُمان وقطر عن القمة ووجود النزاعات المستمرة بين الاعضاء. أدى الى فقدان هذا البيان لاعتباره الداخلي وتقويضه.
ومن المثير للاهتمام، أن أحد بنود هذا البيان ضد الجمهورية الإسلامية الايرانية يتعلق بالجزر الإيرانية الثلاث ، على الرغم من اعتباره موقفاً تقليدياً لمجلس التعاون الخليجي ضد إيران، يبدو أنه يقترب أيضاً من انتهاء تاريخ صلاحيته كموقف موحد ومشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي، حيث ان سفر شقيق أمير قطر إلى جزيرة أبو موسى معلناً عن وجوده في الجزيرة من خلال صورة العلم الإيراني الى جانب الجزيرة، وعلى الرغم من أن هذا العمل ليس الموقف الرسمي للحكومة القطرية، لكنه يشير إلى أن الحكومة القطرية حددت دورًا جديدًا لنفسها في مستقبل المنطقة، وأن البلاد لديها كلاماً جديدً لتقوله في المنطقة أو على الأقل في مفاوضاتها مع الدول المحاصرة لها, وهذا يجعل من الصعب على المملكة العربية السعودية سحب دول مجلس التعاون الخليجي من الغيبوبة.