الوقت- يكثر الحديث في الآونة الاخيرة عن ضربة عسكرية إسرائيلية لحزب الله. الكلام الإسرائيلي القديم الجديد يتزامن مع أزمة سياسية يعيشها الكيان الإسرائيلي لا سابق لها في ظل الذهاب إلى انتخابات ثالثة في أقلّ من عام.
وعلى وقع هذه االتكهنات، أولى الإعلام الإسرائيلي اهتماماُ كبيراً بتدريبات لوحدات كوماندوز "إسرائيلية" في قبرص، تحاكي حرباً مع حزب الله. وتأتي التدريبات في ظل حديث إسرائيلي عن إعادة انتشار قوات حزب الله، العائدة من سوريا، في جنوب لبنان وبناء مواقع مراقبة هناك وقريبة من الحدود، مقابل مواقع المراقبة للجيش الإسرائيلي.
وفي حين أشار تقرير للمحلل العسكري، عاموس هرئيل، والمراسل العسكري، يانيف كوفوفيتس، في صحيفة "هآرتس" إلى أن "مقاتلي ’الرضوان"، قوة الكوماندوز المدربة في حزب الله، حصلوا على تسريح من الصراع في سوريا، وعادوا إلى مواقعهم الأصلية في لبنان، قريبا من خط الجبهة، ركّز التقرير على الخبرة التي اكتسبها مقاتلو حزب الله خلال مشاركتهم في الحرب السورية، مشيراً إلى أنّ الجيش "الإسرائيلي" يرصد رغبة لدى حزب الله وإيران بوضع تحدٍ أمام "إسرائيل" على شكل "حادث موضعي"، ولا ينبغي أن ينتهي بحرب".
وبين التكهنات الإسرائيلي فيما يتعلّق بقدرات حزب الله، والتدريبات في قبرص في منطقة مشابهة لجنوب لبنان بتضاريسها، تجدر الإشارة إلى التالي:
أوّلاً: يُجمع قادة أركان الجيش الإسرائيلي سواءً كوخافي أم سلفه إيزنكوت على التحدّي الكبير الذي يعيشه الجيش الإسرائيلي على الجبهة الشمالية. يشكل هذه التحدي كرة ثلج للكيان الإسرائيلي لا تزال تكبر منذ العام 2006، وبالتالي فإن السكوت يعني أن هذه الكرة ستكبر أكثر فإكثر، وأما المواجهة تعني تدمير جزء كبير من الكيان الإسرائيلي. يوضح أحد التقارير الإسرائيلية التي صدرت حديثاً أن "حرب لبنان الثالثة، إذا نشبت، ستكون مختلفة عن كل ما عرفته إسرائيل في الماضي. وسينتظر القوات تحد غير بسيط في هذه الجبهة: قرى محصنة، مع عدد كبير من التهديدات والتحديات، من صواريخ مضادة للدبابات وحتى أنفاق وملاجئ. والتهديد الأساسي هو تجاه الجبهة الداخلية (الإسرائيلية). ومنظومة مؤلفة من قرابة 140 ألف صاروخ وقذيفة صاروخية، موجهة إلى كل الأماكن في إسرائيل".
ثانياً: التدريبات الجديدة التي حملت تسمية "لعبة العروش" شملت تدريبات على مداهمات ليلية لقرى لبنانية في مناطق جبلية مكتظة وشائكة، إضافة إلى استهداف بنية تحتية ونقل قوات برية وإمداد عتاد عسكري وتزويد مروحيات بالوقود. ونظراً لأهمية الموضوع عمد رئيس أركان العدو أفيف كوخافي إلى المعاينة الميدانية للمناورة في قبرص والتحدث مع القادة حول المواضيع العملانية والتحديات في مخطط العمل في العمق. الإعلام الإسرائيلي أيضاً أولى اهتماماً كبيراً بالمناورات الأخيرة وذلك لرفع معنويات المستوطنين وخاصة على الحدود الشمالية بعد سلسلة من النزوح والهجرة شهدها الكيان الصهيوني، وفق مراقبين. اذاً هناك تخوّف كبير من قدرات حزب الله، لاسيّما بعد الخبرات التي تمّ تكريسها في سوريا.
ثالثاً: لم يكن يعتقد الكيان الإسرائيلي أنه سيحتاج إلى مثل هذه المناوات في بداي الأزمة السورية. ضغط كثيراً لإغراق حزب الله في المستنقع السوري، لكن الحزب حوّل هذا التهديد إلى فرصة. اليوم، بات الكيان الإسرائيلي مجبراً على مواجهة الحزب بعد اكتسابه لخبرات واسعة في سوريا، وهذا التهديد الذي حاكه الكيان الإسرائيلي بمؤازرة واشنطن لمحور المقاومة بشكل عام، وحزب الله على وجه الخصوصبات اليوم تهديداً وجودياً لهذا الكيان.
رابعاً: فيما يتعلّق بالكيان الإسرائيلي هناك أزمتان رئيسيتان، الأولىى ترتبط بالوضع السياسي للحكومة، في حين ترتبط الأزمة الأخرى بميزانية الجيش. المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، وفي حين ينتقد أداء الحكومة تجاه الجيش يقول أن "الحكومات لا تدير جيشا بهذه الطريقة. وهكذا، لا يبنون ردعا، وهكذا، لا يستعدون للانتصار بالحرب. في حين تربط بعض التقارير الإسرائيلية مسألة استعداد الجيش بالاستقرار السياسي، تتحدّث تقارير أخرى عن أزمة الميزانية التي يعاني منها.
في الشكل، تحمل المناورات الأخيرة رسائل "قوّة"، ولكن في المضمون يختلف الموضع كثيراً، فهي لا تعدو عن كونها تطمينات لسكان شمال فلسطين المحتلّة من جهة، وللتدرّب على مواجهة دخول قوات "الرضوان" إلى الجليل في سابقة تاريخية في الصراع العربي الإسرائيلي.