الوقت- ذكرت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية أن سلاح الجو الكوري قام بتجربة ناجحة لإطلاق صاروخ قصير المدى بالقرب من بحر اليابان وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الاخبارية بأن هذه التجربة الصاروخية الجديدة التي قامت بها "بيونغ يانغ" تعرضت لانتقادات من قبل اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة، خاصة وأن هذه التجربة جاءت عقب مرور وقت طويل على قيام "بيونغ يانغ" بإجراءات وتجارب مماثلة. ولفتت تلك المصادر الاخبارية بأن "بيونغ يانغ" قامت بالتجربة الاولى لنظام الصواريخ "KN-25" لأول مرة في أغسطس من العام الماضي وفي هذا السياق، أعلن العديد من الخبراء بأن الحد الأقصى لهذا النظام الصاروخي قد يصل إلى مسافة 380 كيلومتراً وإلى ارتفاع يصل إلى نحو 97 كيلو متراً.
تطوير القدرات الدفاعية
أظهرت التجربة الصاروخية الاخيرة التي قامت بها كوريا الشمالية قبل عدة أيام بأن "بيونغ يانغ" تعمل باستمرار على تحسين قدرتها على إطلاق صواريخ متعددة من على منصات متنقلة. وحول هذا السياق، يقول الخبراء إن هذه القدرة ستسمح لكوريا الشمالية في حالة نشوب حرب مفاجئة في شبة القارة الكورية أن تطلق العديد من الصواريخ بسرعة فائقة نحو العدو، الامر الذي قد يؤدي إلى حدوث الكثير من الخسائر للقوات المعادية.
كما لفت اولئك الخبراء إلى أن كوريا الشمالية تبذل الكثير من الجهود لرفع مستوى قدراتها العسكرية التقليدية بطريقة منخفضة التكلفة وعالية الكفاءة للحفاظ على تركيزها على الجانب الاقتصادي للبلاد وعلى محادثاتها النووية مع أمريكا ولقد تمكنت "بيونغ يانغ" بعد بذل الكثير من الجهود خلال الفترة الماضية صُنع مثل هذه الانظمة الصاروخية التي قامت بتجربتها قبل عدة أيام بنجاح. وفي هذا السياق، تحدث "كيم دونغ يوب"، وهو ضابط سابق في البحرية الكورية الجنوبية حول تجربة "بيونغ يانغ" الصاروخية الأخيرة وقال: "لقد أظهرت الاختبارات الأخيرة أن النظام الكوري الشمالي جاهز لإنتاج ونشر الكثير من هذه الانظمة في شبة الجزيرة الكورية".
إن النقطة القابلة للتأمل هنا، أن التجارب الصاروخية التي قامت بها "بيونغ يانغ" على الانظمة الصاروخية " KN-25" في شهري سبتمبر واكتوبر الماضيين، أشارت إلى أن وصول الصاروخ إلى هدفه استغرق مدة تقدر بحوالي 17 دقيقة و 19 دقيقة على التوالي، ولكن التجربة التي قامت بها يوم الخميس الماضي قلصت الوقت بمقدار ثلاث دقائق وتظهر الصور التي نشرتها وسائل الإعلام الحكومية في كوريا الشمالية أن تلك الصواريخ انطلقت من قاذفة مزودة بأربع قاذفات وهنا يعتقد الخبراء أن الصواريخ الجديدة بعيدة المدى وقصيرة المدى تشكل تهديدًا مباشرًا على كوريا الجنوبية والقوات الأمريكية المتمركزة في شبة الجزيرة الكورية.
الضغط على أمريكا
إن التجربة الصاروخية الاخيرة التي قامت بها كوريا الشمالية الأخير قبل عدة أيام تعدّ ذات أهمية كبرى وذلك لأن هذه التجربة تزامنت مع عيد الشكر في أمريكا ويقام هذا العيد كل عام في يوم الخميس الاخيرة من شهر نوفمبر في أمريكا. يذكر أن كوريا الشمالية تعمدت خلال السنوات الماضية القيام بتجارب صاروخية بالتزامن مع أيام العطلات الرئيسية في أمريكا ولقد تم إجراء أول اختبار ناجح للقذائف الصاروخية العابرة للقارات في الـ4 يوليو - يوم استقلال أمريكا - في عام 2017. لذلك يمكن القول أن الرسالة الرمزية لهذه التجربة الصاروخية كانت موجهة لأمريكا، وحول هذا السياق، قال عدد من المسؤولين الكوريين الشماليين لدى الأمم المتحدة، "إن بيونغ يانغ شعرت خلال مفاوضاتها الاخيرة مع واشنطن بخيانة هذه الاخيرة لها".
وفي سياق متصل، تقول كوريا الشمالية إنها علقت اختباراتها وتجاربها الصاروخية النووية والصواريخ الباليستية العابرة للقارات لبعض الوقت وأعادت رفات الجنود الأمريكيين الذين قُتلوا في الحرب الكورية بين عامي 1950 و1953 إلى واشنطن، لكنها في المقابل لم تحصل على شيء، بل على العكس من ذلك فلقد هدد "مايك بومبيو" في اوائل شهر أغسطس 2019 الماضي، بفرض المزيد من العقوبات على "بيونغ يانغ" حتى تتخلى عن جميع أسلحتها النووية وهذا الامر دفع وزير الخارجية الكوري الشمالي لوصف "بومبيو" بأنه "النبتة السامة للدبلوماسية الأمريكية" وطالب بإقالته وفي سياق متصل أعرب مبعوث كوريا الشمالية لدى الأمم المتحدة بالقول: "ترامب فخور بنفسه ويرى نفسه الان بأنه بطل لأنه تمكن من إرجاع بقايا رفاث الجنود الأمريكيين الذين قتلوا في الحرب الكورية إلى واشنطن، لكننا في المقابل لم نحصل على شيء".
وحول هذا السياق، أعرب "كيم يونغ"، المحلل في المعهد الكوري للبحوث للاستراتيجية الوطنية، بأنه يبدو أن كوريا الشمالية تفكر في أن دبلوماسيتها مع الولايات المتحدة لا تمضي بالطريقة التي تريد. لذا فقد أطلقت صواريخ لجعل الأمور تسير نحو تحقيق مصلحتها، والضغط على أمريكا وكوريا الجنوبية لإلغاء المناورات العسكرية المشتركة بينهما.
ولفت هذه المحلل السياسي إلى أن "بيونغ يانغ" قالت خلال الأسبوع الماضي، إنها قد ترفع تعليقها، الممتد منذ 20 شهرا، للتجارب النووية والصاروخية بعيدة المدى، ردا على المناورات. ويعتبر "ترامب" وقف الاختبارات الصاروخية والنووية "إنجازاً كبيراً" في سياسته تجاه كوريا الشمالية. ويقول خبراء إن الإجراءات التي اتخذتها كوريا الشمالية مؤخرا مجرد محاولة للحصول على أقصى قدر من المكاسب، قبل احتمال استئناف المحادثات. وتريد كوريا الشمالية تخفيف العقوبات على نطاق واسع، حتى تتمكن من تحسين اقتصادها المتداعي، لكن مسؤولين أمريكيين يدفعون البلاد إلى اتخاذ خطوات مهمة لنزع السلاح قبل أن يتخلوا عن التأثير الذي توفره العقوبات.
وهنا تجدر الاشارة إلى أنه مع اقتراب موعد عملية الانتخابات الأمريكية، سيحاول "ترامب" تجنب تصعيد التوترات مع "بيونغ يانغ" وذلك من أجل إظهار سياسته المعتدلة تجاه كوريا الشمالية، بل إنه سوف يسمح لـ"بيونغ يانغ" اجرى المزيد من التجارب الصاروخية الجديدة وهذا الامر يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن واشنطن لن تكون هي التي ستحدد قواعد اللعبة. ولهذا الامر فلقد أجلت واشنطن وسئول التدريبات والمناورات العسكرية التي كان من المقرر إجراؤها في منتصف نوفمبر في محاولة لإقناع كوريا الشمالية بالعودة إلى طاولة المفاوضات، لكن "بيونغ يانغ" رفضت لعبة واشنطن الجديدة وفي هذا السياق، أكد وزير خارجية كوريا الشمالية في بيان رسمي، أن "بيونغ يانغ" مستعدة للحوار ومستعدة أيضا للدخول في أزمات سياسية مع الغرب.