الوقت- قال الجنرال الإسرائيلي غرشون هكوهين في مقاله بصحيفة "إسرائيل اليوم"، إن "تعاظم التهديدات المحيطة بإسرائيل تعطي إشارات جديدة حول تغير جوهري ونوعي فيها، وليس فقط تغيرا كميا أو عدديا، في ظل ما تحدّث به مؤخرا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس هيئة أركان الجيش أفيف كوخافي عن تهديدات جديدة تواجه إسرائيل، تتطلب منها التحضير لإعلان حالة الطوارئ، رغم أن بعض الإسرائيليين اعتبرها تصريحات تخويفية لأغراض حزبية شخصية".
وأضاف غرشون هكوهين أن "كل واحد من التهديدات الماثلة المتطورة ليس جديدا على إسرائيل، لكن التقاء جميع هذه التهديدات في قناة واحدة بقيادة إيران يجعل من فرضية اندلاع معركة جديدة أمرا منطقيا وقائما بقوة، ولم يعد صعبا تخيل اندلاع معركة متعددة الجبهات من الشمال والجنوب، من الدائرتين القريبة والبعيدة، ما يكشف عن حجم التحدي القائم أمام إسرائيل".
وأشار هكوهين، الذي خدم في الجيش الإسرائيلي أربعين عاما، وهو باحث في مركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية بجامعة تل أبيب، إلى أن "القراءة الإسرائيلية لحالة الضعف المتزايدة للقوة الأمريكية في الشرق الأوسط لعبت دورا كبيرا في زيادة تأثيرات المعركة القادمة الجديدة؛ لأن الحروب سرعان ما تندلع، ودون كابح يستطيع أن يوقفها، فلن تنتهي في الزمن المطلوب لها".
وأوضح هكوهين، الذي قاد معارك عسكرية ضد مصر وسوريا، وترأس الكليات العسكرية وقيادة التجنيد في الجيش الإسرائيلي، أن "التغير الجوهري ليس فقط في السياسة التي يتم إدارتها في البيت الأبيض، وإنما بصورة أكثر تحديدا في النظر إلى الاختلافات التي طرأت على طبيعة ميدان المعركة".
وضرب على ذلك مثالا بالقول إن "هناك ظهورا متزايدا لنوعيات جديدة من الأسلحة المتطورة، وباتت متوفرة أمام كل من يطلبها، ويسعى إلى اقتنائها، ما مس كثيرا بالتفوق النوعي للجيش الأمريكي، ويؤكد لإسرائيل أننا بتنا في عصر جديد تحولت فيه التكنولوجيا العسكرية ومنظومات التسلح المتطورة أسرع بكثير مما يتم عرضه في الأسواق لشراء الأسلحة".
وأوضح أن "ذلك ظهر واضحا في الهجمات الأخيرة ضد منشآت النفط السعودية، بمشاركة صواريخ وطائرات مسيرة، موجهة عن بعد من قبل التكنولوجيا المتطورة التي يشغلها عقول وأدمغة ذكية، قادرة على التغلب على منظومات التشويش، والوصول لنسبة متقدمة من الإصابة والدقة، وباتت هذه الأسلحة من الطائرات المسيرة والصواريخ متاحة بين أيدي الحوثيين في اليمن، من خلال تركيبها بأيد إيرانية وتدريب كوادرها العسكريين".
وأكد أن "ذلك يعني لإسرائيل أننا بتنا أمام توازن عسكري جديد يزيد من قدرات وإمكانيات المنظومات التسلحية الإيرانية المنتشرة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وبصورة أو بأخرى يهدد استقرار الأردن، الجارة الشرقية لإسرائيل، مع ظهور تهديد آخر أمام إسرائيل يتمثل بانتقال حماس وحزب الله إلى بنى تنظيمية وعسكرية أكثر دولانية ونظامية من كونهما تخوضان حرب عصابات".
وأضاف هكوهين أن "كوخافي قائد الجيش الإسرائيلي وصف حماس وحزب الله بأنهما جيوش "إرهابية"، من خلال ما يتوفر لديهما من كتائب وألوية وفرق ومنظومات إطلاق نار، واعتمادهما على أبحاث متطورة، وحيازة أسلحة ووسائل قتالية متقدمة، يتم إدارتها من خلال منظومات سيطرة وتحكم قيادية، فضلا عما تملكانه من قذائف صاروخية وطائرات مسيرة بقدرات إصابة واستهداف دقيقة جدا بتدريب إيراني".
وأكد أنه "في حال اندلاع أي معركة مقبلة، فإن التحدي الاستراتيجي أمام إسرائيل سيتمثل بمدى قدرتها على حماية جبهتها الداخلية، في ظل قدرة حماس وحزب الله على نقل الوسائل القتالية داخل إسرائيل، وشن هجمات واسعة النطاق عليها".
وختم بالقول إن "كل ذلك يتطلب من إسرائيل جاهزية واستعدادا أكثر من السابق لمواجهة هذه التهديدات النوعية الجديدة، وليس الكمية فقط، من خلال إعادة تنظيم قوات الجيش الإسرائيلي: النظامية والاحتياط، على اعتبار أنه قد لا يكون كافيا لمواجهة حرب متعددة الجبهات، ما يتطلب منه طرح نظرية قتالية جديدة، تشمل حيازة الأسلحة المناسبة، فضلا عن استعداد إسرائيل لحالة الطوارئ لمواجهة التهديدات الجدية غير المسبوقة".