الوقت- على الرغم من كل البروباغندا الإعلامية التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي لإظهار جاهزيته العالية لأي حرب محتملة وإبراز قدراته القتالية في الميدان، إلا أن الواقع يشي بغير ذلك.
وأقل ما يمكننا قوله بأن الواقع داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية اختلف 180 درجة خلال السنوات العشر الماضية، خاصة بعد أن كسر "حزب الله" شوكة كيان مغتصب أرعب أمة بأكملها ومن ثم أكمل عليه أهل غزة في العام 2009، وما زالت ترددات هاتين الحربين أي "حرب تموز وغزة" تعصف بالمؤسسة العسكرية الإسرائيلية وتكشف المستور عن خفايا لو علم بها العرب لكان الكيان الصهيوني مجرد ذاكرة عابرة في أذهاننا جميعا.
وخلال السنوات الماضية كشفت المؤسسات الإعلامية الإسرائيلية عن الأزمات التي يواجهها الجيش الإسرائيلي، ومدى عزوف الشبان من الانضمام إلى الخدمة في الوحدات الميدانية القتالية، ما أثار القلق في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، خاصة بعد أن كتبت صحيفة هآرتس تقريرا عنونته بالخط العريض " فيلق المدرعات بالجيش الإسرائيلي غير جاهز للحرب".
الشبان يهربون من الخدمة في الوحدات القتالية
أثار موضوع عزوف الشبان عن الخدمة في الوحدات القتالية وإقبالهم بشكل كبير على الانضمام إلى وحدات الدفاع الجوي، وحرس الحدود ووحدات البحث والإنقاذ، قلقا بالغا في الجيش الإسرائيلي، وكما ذكرنا في المقدمة فإن التراجع عن الخدمة العسكرية في الوحدات القتالية ظهرت نتائجه بعد "حرب تموز" التي قلبت الجيش الإسرائيلي رأسا على عقب وأرعبت جنوده حتى أن بعضهم كان يطلق النار على نفسه في ذلك الوقت خوفا من جنود حزب الله، ومن اللافت أنه في السابق كانت النسبة تصل إلى 80 في المائة من الشبان الذين إنخرطوا للخدمة بالوحدات القتالية.
وعزت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية ذلك لعدة أسباب أبرزها: الهدوء الأمني والجانب الديني، حيث تزايد عدد الشبان الذين يتجهون للدراسة في المعاهد الدينية اليهودية، وتراجع مكانة المقاتل وتراجع الاداء لدى الشبان على القتال، وأيضا تفضيلهم الوحدات التكنولوجية والاستخباراتية مثل وحدة 8200 ووحدة "السايبر" وتسيير الطائرات من دون طيار ومنظومة الدفاع الجوي وغيرها من الوحدات التكنولوجية التي تؤهل الشبان بعد الجيش للحصول على مهنة المستقبل ومواصلة العمل في التكنولوجيا.
إلا أن الواقع عكس ما يحكى في الصحف العبرية وعكس ما تحاول هذه الصحف تجميله وإقناع العالم به، والحقيقة أن الجندي الإسرائيلي أصبح عنده فوبيا من حدوث جولات قتالية جديدة مع غزة او لبنان في ظل التهديدات الإسرائيلية، وما رافق هذه الجولات العسكرية السابقة على لبنان وقطاع غزة من إخفاقات تسببت بتردي معنويات الإسرائيليين، وما يقلق الجندي الإسرائيلي ظهور المقاومين الفلسطينين أو اللبنانيين له بشكل مفاجئ كما حدث لأصدقائه في الحروب السابقة ووقوعه في الأسر.
ولتفادي هذا الرعب الذي يرافق الجنود الصهاينة والذي من شأنه أن يسبب نتائج كارثية للكيان الإسرائيلي في أي حرب قادمة، تقوم المؤسسة العسكرية بالتخطيط لتنظيم حملات اعلامية في صفوف الشبيبة منذ بداية الصف الحادي عشر في المدارس، والتأكيد على أهمية "الخدمة الفعلية" في وحدات المشاة. وسيتم دمج قادة سلاح البر في هذه الحملة الى جانب قادة الكتائب، الذين سيتم إرسالهم الى المدارس للتحدث مع الطلاب وإقناعهم بالانخراط في الوحدات المقاتلة. كما يجري فحص الاستعانة بالشبكات الاجتماعية بالتعاون مع مبلورين للرأي العام.
ويخطط الجيش أيضا لرفع مكانة المحاربين في الوحدات المقاتلة، من خلال دفع محفزات مالية أعلى من السابق وتمييزهم عن الآخرين في شروط الخدمة والأوسمة والتقدير.
فيلق المدرعات بالجيش الإسرائيلي غير جاهز للحرب
هذه العبارة هزت الكيان الصهيوني خلال الأيام القليلة الماضية وأرعبت جنوده أكثر وأكثر، خاصة أنها جاءت على لسان وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، ونقلها عنه الخبير العسكري عاموس هارئيل لصحيفة هآرتس الإسرائيلية، وجاء هذا التصريح المقلق لجنود الاحتلال خلال زيارة مفاجئة قام بها وزير الدفاع للوحدة العسكرية 460 بالجيش المسؤولة عن تجهيز فيلق المدرعات، وكشف الوزير عن عيوب فيلق المدرعات وعدم جاهزيته للحرب وأي مواجهة عسكرية. كما كشف عيوبا تتعلق بالبنى التحتية بالمعسكر التدريبي، والظروف المحيطة بخدمة الجنود الإسرائيليين.
وبناءا على هذا التصريح دخلت المؤسسة العسكرية الاسرائيلية في دوامة مربكة لا أحد يعلم كيف يمكن أن تخرج منها، خاصة أنها ليست المرة التي يحكى فيها عن جاهزية الفيلق والجنود، وعن كيفية التعامل العسكري الإسرائيلي مع قضايا صيانة العيوب والشوائب في مئات الدبابات والسيارات والآليات العسكرية.
عجز الجنود الصهاينة
ذكرنا مقطع بثته قناة الجزيرة مساء الأحد، 20 أغسطس/آب 2017، بالحالة المزرية التي كان يمر بها جنود الاحتلال خلال حرب تموز وكيف كانوا يقفون عاجزين وخائفين أمام أي حدث عرضي يتعرضون له. ويظهر المقطع الجديد حالة العجز لجنود اسرائيليين في التعامل مع حادث انقلاب مركبة عسكرية من نوع "همر"، أواخر شهر يونيو/حزيران الماضي، في محيط معبر "كسوفيم" العسكري، وسط قطاع غزة، وكان من الواضح حجم الارتباك الذي أحاط بالجنود عند وقوع الحادث، فيما تأخرت سيارات الإسعاف لوقت طويل، مما تسبب في وفاة أحد الجنود الذي كان يعاني من إصابات خطيرة.
ومما تقدم نجد كم يعاني الجيش الاسرائيلي الذي كان يروج لنفسه بأنه "لايقهر"، لتذهب هذه الصفة عنه وإلى الأبد بعد حرب تموز وغزة وظهور مشاكل لا تعد ولا تحصى داخل مؤسساته العسكرية.