الوقت- بينما أعلن الأكراد السوريون استمرار العملية العسكرية التركية حتى بعد اتفاق وقف إطلاق النار الأخير لإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمة ألقاها يوم الجمعة، إن الجيش التركي سيواصل عملياته في شمال سوريا.
وكان أردوغان قد أكد في كلمة له: "إن عمليات نبع السلام ستستمر بالتأكيد، ولن تنتهي حتى يغادر آخر إرهابي هذه المنطقة".
وذكر أيضاً أن تركيا هي التي لديها أكثر الحدود المشتركة مع سوريا، وليس إيران وروسيا وأمريكا، وقال: "ما لم تغادر الدول الأخرى سوريا، فلن نغادر أيضاً".
وتأتي تصريحات أردوغان هذه في حين أنه ورداً على الانتقادات والاتهامات التي كانت تعتبر عمليات تركيا في المناطق الشمالية من سوريا بأنها تهدف إلى الاحتلال، كان قد أكد مراراً على عدم وجود دائم للقوات التركية على الأراضي السورية وعدم وجود أطماع لديه في السلامة الإقليمية لسوريا.
لكن هذا الموضوع يمكن الآن التشكيك فيه، بعد الإعلان عن استمرار العمليات على الأراضي السورية حتى القضاء على آخر إرهابي، وكذلك استمرار البقاء حتى مغادرة جميع القوات الأجنبية.
إن التعريف التركي للإرهاب على الأراضي السورية يستهدف إلى حد كبير (إن لم نقل كل الأكراد السوريين) ميليشيات وحدات حماية الشعب الكردية الأعضاء في قوات سوريا الديمقراطية، الذين تعتبرهم تركيا امتداداً لحزب العمال الكردستاني.
في السنوات التي تلت الأزمة السورية، وخاصةً منذ دخول أمريكا مباشرةً إلى الحرب، تمكّنت هذه القوات من السيطرة على جزء كبير من المنطقة الشمالية.
في هذه الظروف، على الرغم من أنه لا يمكن إنكار أن بعض الميليشيات الكردية ربما لم تغادر المنطقة الآمنة المتفق عليها بين روسيا وأمريكا، ولكن بسبب التعقيدات واستحالة تحديد جميع الميليشيات، تستطيع تركيا دائماً استخدام هذا التبرير كذريعة لمواصلة وجودها.
هذا في حين أنه على الرغم من إعلان الأمم المتحدة عن وجود عشرات الآلاف من الإرهابيين في إدلب، تعدّ تركيا واحدة من أهم الدول التي تقدّم الدعم اللوجستي والسياسي والمخابراتي للإرهابيين في إدلب، ووضعت حتى الآن العديد من العراقيل في طريق تحرير هذه المنطقة من دنس الإرهابيين لعودة السلام إلى سوريا.
من ناحية أخرى، فإن تأكيد أردوغان على وجود القوات التركية في سوريا حتى انسحاب القوات الأجنبية الأخرى، علامة أخرى أيضاً على نوايا أنقرة السيئة لمواصلة احتلال الأراضي السورية، لأن القوى الأجنبية الموجودة في سوريا ليست لها طبيعة واحدة، بل تنقسم إلى قسمين:
الأول القوات التي دخلت إلى سوريا بدعوة رسمية من الحكومة السورية للقيام بمهمة محددة لمكافحة الإرهاب، وللحكومة المركزية سيطرة كاملة على تصرفاتها وصلاحياتها في الحرب (بما في ذلك روسيا وقوات محور المقاومة).
والقسم الثاني هو القوى التي دخلت سوريا دون علم وموافقة الحكومة المركزية، وتطلق دمشق عليهم صفة المعتدين بموجب القانون الدولي (بما في ذلك تركيا وأمريكا، وأوروبا بدرجة أقل(.
بطبيعة الحال، إن ربط الإجراء غير المشروع المتمثل في استمرار الحضور العسكري في سوريا، إلى الوجود القانوني للقوات المتحالفة مع الحكومة السورية، لا يمكن إلا أن يكون ذريعةً للتهرب من الإعلان عن موعد مغادرة سوريا خاصةً أن هناك أنباءً تحدثت عن تعيين أنقرة محافظاً في منطقة عفرين، وكذلك السعي لتغيير التركيبة السكانية للمنطقة.