الوقت- كشفت صحيفة "كوميرسانت" الروسية في بيان نشرته يوم الأحد، بأن مقاتلات الجو التابعة للقوات العسكرية الأمريكية ضربت منطقة وقف التصعيد في مدينة "إدلب" السورية في انتهاك صارخ لجميع الاتفاقات السابقة، دون إخطار الجانب الروسي أو التركي بتلك الإجراءات التي خططت لها ونفذتها.
وأضافت هذه الصحيفة الروسية، بأن الضربة التي استهدفت منطقة واقعة بين بلدتي "معرة مصرين" و"كفريا" شمالي مدينة إدلب، خلّفت دماراً وعدداً كبيراً من الضحايا وصل عددهم إلى 50 قتيلاً والمئات من الجرحى.
وفي هذا السياق، وصفت الخارجية الروسية ضربات أمريكا في إدلب بأنها غير منطقية ومتناقضة وتثير القلق، وأنها تثير التساؤل حول مدى اعتبار الأهداف الإرهابية الأمريكية "أكثر شرعية" من الأهداف الإرهابية التي دمّرتها قوات الحكومة السورية بدعم من الطيران الروسي.
وفي سياق متصل، قال متحدث باسم الخارجية الأمريكية، إن الضربة الأمريكية التي استهدفت مجموعة من الإرهابيين، كانت بمثابة الرد الدقيق والموجّه إلى رؤوس الجماعات الإرهابية المرتبطة بشبكة القاعدة.
وأضاف المتحدث الأمريكي: إن هذه الجماعات تتحمّل مسؤولية التخطيط لهجمات، تحمل في طياتها المخاطر لمواطني أمريكا وشركائها وللسكان المدنيين.
الحكومة الروسية تنتقد بشدة الغارة الجوية الأمريكية على منطقة وقف التصعيد في مدينة "إدلب" السورية
أعلن المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتحاربة في سوريا يوم الأحد، إن أمريكا انتهكت جميع الاتفاقيات، بضرب منطقة خفض التصعيد السورية الواقعة في محافظة "إدلب" دون إخطار روسيا أو تركيا بالإجراءات المخطط لها.
وأوضح مركز المصالحة أنه ابتداء من يوم 31 أغسطس، وبمبادرة من الاتحاد الروسي والجمهورية التركية، أعلن الجيش السوري من جانب واحد وقف إطلاق النار في كامل منطقة خفض التصعيد في إدلب، وتم إخطار جميع أطراف النزاع بهذا.
وأضاف المركز أنه خلال اليوم الماضي أوفت قوات الرئيس "بشار الأسد" بالتزاماتها، وأوقفت طلعات الطيران العسكري للقوات الجوية الروسية والقوات الجوية السورية بالكامل.
ولفت المركز إلى أنه في الساعة الثالثة من مساء يوم 31 أغسطس، شنّت أمريكا غارة جوية على المنطقة الواقعة بين بلدتي "معرة مصرين" و"كفريا" في محافظة إدلب.
وأشار المركز إلى أنه وفقاً لبيان الجانب الأمريكي، دُمّرَت نقطة سيطرة لتنظيم القاعدة في سوريا، كانت تهدد سلامة المواطنين الأمريكيين.
وتابع المركز بالقول "ضربت أمريكا منطقة خفض التصعيد بإدلب دون إخطار الجانب الروسي أو التركي بالإجراءات المخطط لها، وانتهكت جميع الاتفاقيات السابقة.
وأشار المركز إلى أن الضربة الأمريكية تعرّض الحفاظ على وقف إطلاق النار في المنطقة للخطر، وتعطّله في عدة اتجاهات.
وأشار إلى أنه في منطقة القصف الأمريكي سقط عديد من الضحايا، ودُمّرت مبانٍ سكنية عدّة.
وأضاف المركز إنه على الرغم من القصف الناجم عن الضربة الأمريكية، إلا أن قوات الحكومة السورية تحتفظ حالياً بوقف الأعمال القتالية لمصلحة تسوية سلمية مبكرة للوضع في منطقة خفض التصعيد بإدلب.
الهجوم على مدنية "إدلب".. ما هي الأهداف الحقيقية التي سعت واشنطن لتحقيقها؟
أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الضربة الأمريكية عرّضت نظام وقف إطلاق النار في المنطقة للخطر، بل أحبطته على بعض المحاور، فيما تؤكد واشنطن أن الهدف كان أعضاء مجموعة إرهابية.
وفي هذا الصدد، قال "قسطنطين كوساتشوف"، رئيس لجنة الشؤون الدولية في الاتحاد الروسي (مجلس الشيوخ)،: "إن هذا الهجوم يعتبر انتهاكاً للاتفاقيات، وتجاهلاً للفكر السليم، واستفزازاً قائم على الاستعلاء الأمريكي الأبدي بالسماح لأنفسهم بفعل ما يحلو لهم، الأمر الذي يخلق صعوبات خطيرة في المنطقة ولقد تجاهلتنا أمريكا وتجاهلت تركيا".
وأضاف: "من الصعب التنبؤ بالعواقب، فالموقف يمكن أن يتطور بطرق مختلفة، لأن هناك العديد من مراكز التأثير، ستظهر الكثير من التناقضات التي سيحاول الدبلوماسيون والعسكريون تسويتها، لكنني لا أستبعد أن يؤدي الوضع إلى خلاف وتعليق وقف إطلاق النار. سيكون ذلك ضارّاً للجميع وخطيراً للغاية، لكن أمريكا تسعى إلى ذلك من خلال هذا الاستفزاز".
ووفقاً لـ"كوساتشوف"، وراء واجهة الحرب ضد الإرهابيين، تخفي أمريكا أهدافاً مختلفة تماماً.
وفي هذا الصدد قال: "يواصل الأمريكيون مسارهم غير المعلن لإنقاذ العصابات المبعثرة المتبقية التي أنشؤوها هم أنفسهم ويرعونها، إنهم يرعونها كأحد عناصر زعزعة استقرار الوضع في سوريا".
فيما كتب الأستاذ المساعد في العلوم السياسية بالجامعة المالية التابعة للحكومة الروسية، "غيفورغ ميرزايان": "إن الهدف الحقيقي من ضربة إدلب هو زرع الشقاق بين روسيا وتركيا، اللتين أصبحتا قريبتين جداً لدرجة أن ذلك يقلق أمريكا، والحل الأمثل بالنسبة لأمريكا ليس إيجاد حل وسط مع أنقرة وموسكو، إنما ترتيب استفزاز يضع روسيا وتركيا في خندقين مختلفين".