الوقت- بدأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما الخميس 23 يوليو/تموز زيارة إلى القارة الإفريقية، وكانت كينيا – مسقط رأس والده- محطته الأولى لتكون هذه هي الزيارة الأولى له بعد أن أصبح رئيساً، ليتجه بعدها إلى إثيوبيا في أول زيارة لرئيس أمريكي لهذا البلد، ومن المقرر أن يتناول الرئيس الأمريكي مع رؤساء القارة السوداء بالدرجة الأولى ملفات تتعلق بالإرهاب والإصلاح الاقتصادي وحقوق الإنسان بالإضافة إلى العديد من الملفات الأخرى، هذه الزيارة تعتبر الزيارة الرابعة من نوعها لباراك أوباما وهي تحمل الكثير من الأبعاد والدلالات والأهداف التي تعمل أمريكا على تحقيقها، ومن هذه الأبعاد:
أولاً:
تشكل زيارة أوباما خطوة مهمة على طريق السعي الأمريكي لاستغلال القارة الإفريقية الغنية بالمعادن وخاصة الذهب واستثمارها اقتصادياً، وهذا ما عبر عنه الرئيس الأمريكي حيث أكد خلال استقباله ديبلوماسيين ومسؤولين سياسيين واقتصاديين ومنظمات غير حكومية تعمل في إفريقيا: "إن القارة الإفريقية هي مكان ديناميكي لا يمكن تخيله، إذ توجد بعض الأسواق الأكثر نمواً في العالم، وهناك أناس مهمون"، هذا وبلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين خلال العام الماضي 73 مليار دولار، وفي السياق نفسه قال بن رودس نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي في وقت سابق "نحن نرى إفريقيا باعتبارها واحدة من المناطق الناشئة الأكثر أهمية في العالم، وهناك تزايد للفرص الاقتصادية هناك لزيادة التجارة والاستثمار من قبل الشركات الأمريكية وتعميق علاقتنا التجارية والشراكات الاستثمارية في إفريقيا، إضافة إلى مساندة المؤسسات الديمقراطية".
ثانياً:
تسعى أمريكا إلى تقليص النفوذ الفرنسي في إفريقيا، وخاصةً أن إفريقيا تشكل أحد أهم مصادر القوة الفرنسية، والإهتمام الفرنسي بالقارة السوداء واضح فمنذ 2011 وحتى 2014 تدخلت فرنسا بشكلٍ مباشر في القارة أربع مرات: في ساحل العاج وليبيا ومالي وإفريقيا الوسطى، كما لا توجد دولة كبرى تقف على قدم المساواة مع فرنسا من حيث عدد المعاهدات العسكرية التي تسمح لها بالتدخل في بعض دول القارة، وعلى هذا تشكل زيارة أوباما تعزيزاً للنفوذ الأمريكي على حساب النفوذ الفرنسي، وخاصة أن أمريكا تسعى إلى زرع المزيد من القواعد العسكرية في إفريقيا بهدف جعل هذه القارة قاعدة عسكرية أمريكية كبرى، وذلك للموقع الإستراتيجي الذي تتميز به إفريقيا.
ثالثاً:
يمكن تفسير زيارة أوباما هذه على أنها رد الصفعة التي كان قد وجهها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لأمريكا، وذلك بحضوره قمة تشاورية عقدتها دول مجلس التعاون في أيار/مايو من العام الجاري، فالرئيس الفرنسي دخل إلى المقاطعة الأمريكية المتمثلة بدول مجلس التعاون، ولهذا جاءت زيارة أوباما إلى منطقة النفوذ الفرنسي كردٍ على حضور هولاند القمة التشاورية الذي تمادى أيضاً بتوقيعه عقوداً اقتصادية وتجارية مع دول مجلس التعاون.
رابعاً:
يسعى أوباما للحد من علاقات الدول الإفريقية مع الصين، وخاصة أن الكثير من الدول الإفريقية بدأت تتجه لرسم علاقات اقتصادية مع الصين التي تمتاز التعاملات معها بأنها بلا شروط سياسية معقدة تربطها بالاستثمارات كالديمقراطية والحكم الرشيد وحقوق الإنسان، كما أن الصين لا تتدخل في الشؤون الداخلية وهذا يشكل مزية كبيرة للدول الضعيفة كالدول الإفريقية، وعلى هذا تأتي زيارة أوباما للحد من العلاقات الصينية الإفريقية، وخاصةً أن الحزب الجمهوري يتهم أوباما بأنه ضعيف أمام الصين وروسيا.
الأهداف والأبعاد التي تحملها زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى القارة الإفريقية تندرج في إطار السياسة الأمريكية في التوسع وفرض النفوذ في مناطق جديدة، فأمريكا تهدف إلى تقوية نفسها على الساحة الدولية لتغدو دولةً تسيطر على دول وشعوب العالم، وهذا ما كان قد أكده بن رودوس مساعد مستشار الأمن القومي الأمريكي، حيث كان قد أكد في وقت سابق أنه "لا معنى للقول إننا دولة تتزعم العالم دون أن يكون لنا وجود في إفريقيا".