الوقت- الأحداث المتسارعة والأخبار المتداولة والوثائق المطروحة فيما يخص قضية الإعلامي السعودي البارز جمال خاشقجي تزيد المشهد قتامة لدرجة يشعر القارئ بالانبهار من هول ما جرى، خاصة وأن الأخبار التي تنشرها كبرى الصحف العالمية تؤكد أن خاشقجي تم تقطيعه داخل قنصلية بلاده وهذا الكلام يأخذ القضية إلى أبعاد جديدة لن يكون ولي العهد محمد بن سلمان بعيداً عن نتائجها وحيثياتها، وهذا يدفعنا للتساؤل لماذا كل هذا العنف بالتعاطي مع المعارضين لولي العهد وإلى أي مدى يمكننا تشبيه ما يقوم به ولي العهد بما فعله البغدادي؟!.
أوجه الشبه
أولاً: البغدادي أمر بقتل كل من يخالفه الرأي ومؤخراً أصدر أمراً بتصفية 320 عنصراً من أتباعه بتهمة خيانتهم لما يسمى بـ (الدولة الإسلامية) وتخاذلهم الذي تسبب بخسائر كبيرة للتنظيم في كل من العراق وسوريا، وابن سلمان في المقابل عمد إلى إقصاء كل من يخالفه الرأي إما عبر الاعتقال أو التصفية أو الإبعاد، وما حدث مع خاشقجي كان تصفية شنيعة لم يتوقعها أحد.
ثانياً: الحروب والحملات العسكرية: البغدادي شنّ حرباً شعواء على الشعبين السوري والعراقي ما أدى إلى استشهاد عشرات الآلاف، وابن سلمان أيضاً شنّ عدواناً على الشعب اليمني راح ضحيّته الآلاف ولا يزال هذا العدوان مستمراً ونزيف الدم لم ينتهِ حتى اللحظة.
ثالثاً: خروج الاثنين إلى الضوء بسرعة: ظهر البغدادي بصورة مفاجئة بعد ولادة تنظيم داعش الإرهابي، وابن سلمان أيضاً خرج إلى الضوء بصورة قياسيّة بعد وفاة الملك السابق عبدالله بن عبد العزيز، إذ منع الملك عبد الله في إحدى المرات ابن أخيه الذي كان يبلغ من العمر (26 عاماً) آنذاك، من دخول وزارة الدفاع وذلك بعد وصول شائعات للديوان الملكي أن الأمير كان شخصيةً متهورة ومتعطشة للسلطة، وما كان يخشاه الملك عبدالله حصل بالفعل.
رابعاً: إنشاء دولة: البغدادي يسعى لإيجاد دولة جديدة، وابن سلمان تحدّث أيضاً عن دولة جديدة وفق رؤيته، فالأمير الشاب كان يبحث عن تغيير جذري داخل الدولة عبر طرح مشاريع جديدة للبلاد "ثقافية – سياسية – اجتماعية - اقتصادية" صحيح أنها فشلت جميعها لكنه نجح في إيهام الجميع في الداخل والخارج أن البلاد ماضية نحو الانفتاح والمزيد من الحريات لكن ما ظهر فيما بعد أثبت أنه أكثر تطرّفاً من جميع حكام السعودية السابقين، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال الاعتقالات العشوائية التي قام بها وإخفاء أصوات جميع المعارضين له.
خامساً: تكفير الطرف الآخر: لا يختلف اثنان على تكفير تنظيم داعش الإرهابي، بزعامة البغدادي، جميع الأطراف المخالفة له، وابن سلمان يفعل أمراً مماثلاً عبر اعتقال وتعذيب كل من يعارض أي فكرة تخطر ببال ابن سلمان، حتى أولئك الذين خدموا النظام لعشرات السنوات هم اليوم خلف السجون، حتى أنه عمد إلى مواجهة الإخوان المسلمين في كل مكان وتوعد بالقضاء عليهم أينما كانوا.
سادساً: الإسلام الوسطي: البغدادي يرى أنه ينشر الإسلام الصحيح، وابن سلمان تحدّث في أكثر من مناسبة عن الإسلام الوسطي الصحيح.
سابعاً: طموحات خياليةّ: يطمح البغدادي لأن تتسع دولته الإسلامية إلى مساحة كبيرة جداً، وهذا طموح خيالي، وابن سلمان أيضاً يمتلك طموحاً خيالياً جداً كونه يريد أن يصبح أول ترليونير في العالم.
هذه النزعة يمكن اعتبارها ردّ فعل على الظروف التي كان يعيش فيها عندما كان والده أميراً، وبحسب "مجتهد" فإن لدى ابن سلمان حلماً بأن يكون أغنى رجل في التاريخ، وقال إن "ابن سلمان كان يفكر بهدفه الأول منذ تولي والده الحكم، وكان يردد في مجالسه الخاصة أنه سيكون أغنى رجل في التاريخ، وسوف يصبح أول تريليونير"، وأضاف: "كان يقول إن بل غيتس، وعمّه مشعل بن عبد العزيز، وأبناء عمه، محمد وعبد العزيز بن فهد، وخالد بن سلطان سوف يصبحون أقزاماً وفقراء أمام قدراته المالية التي ستفجّر مقياس غينيس".
وعندما كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في العقد الثاني من عمره تبيّن فجأة أن والده فقير بالمقاييس السعودية، وأن الآخرين من أسرة عبد العزيز المؤسس للسعودية جمعوا ثروات طائلة من الأعمال الحكومية.
ورد ذلك في تقرير طويل نشرته صحيفة وول ستريت جورنال قالت فيه أيضاً: إن الملك سلمان بن عبد العزيز ظل أميراً لمنطقة الرياض لعقود يعول أسرته بالمنح التي يقدّمها له شقيقه الملك فهد بن عبد العزيز، وقالت إن ابنه محمد عندما تبيّن تلك الحقيقة شعر بالصدمة وقرر تغيير ذلك، ورغم أن الصحيفة لم تورد المزيد من التفاصيل ولم تعلق على صدمة ابن سلمان من فقر والده النسبي ونتائج هذه الصدمة على سلوكه الحالي، فإنها بدت وكأنها ترغب في تقديم تفسير للحملة الغريبة التي شنّها ابن سلمان على الأمراء الآخرين من أسرة آل سعود التي تشبه الانتقام لفقر والده من ثراء أقاربه.
وقالت إن ولي العهد السعودي أصبح ثرياً بشكل خيالي، إذ امتلك في السنوات القليلة الماضية أضخم اليخوت في العالم، وقصراً فرنسياً، ولوحة فنية لليوناردو دافنشي تبرع بها لاحقاً لدولة الإمارات.