الوقت- "الحرب الهجينة" مصطلح جديد في عالم الحروب الحديثة، وهي وفق بعض المراجع الأجنبية، استراتيجية عسكرية تمزج بين مفاهيم الحرب التقليدية ومفاهيم الحرب غير العسكرية والحرب الإلكترونية وهذه الحرب يمكن أن تتضمن الهجوم بالأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية والإشعاعية ويتم في هذه الحرب استغلال كل الأبعاد الجديدة، للتغلب على التفوق الذي تمتلكه الدول في الحروب التقليدية، وأهمها على الإطلاق البعد الذي أضافه الفضاء الرقمي إلى المنظومة البشرية التقليدية ويعتبر "أندرو كوريبكو"، المحلل السياسي وعضو مجلس الخبراء في معهد الدراسات الاستراتيجية والتخطيط الاستراتيجي في جامعة الصداقة الروسية، واحد من أولئك الذين أجروا دراسات مكثفة على أمثلة وأساليب "الحرب الهجينة"، حيث أنه في عام 2015 أصدر كتاب بعنوان "الحرب الهجينة: طريقة غير مباشرة لتغيير النظام"، وقبل عدة أيام أجرى مقابلة مع مراسل وكالة أنباء فارس، كشف خلالها كيف تقوم الولايات المتحدة باستخدام هذه النوع من الحروب للسيطرة على البلدان المستهدفة، كما استعرض حلولاً مناسبة للتعامل مع هذه الحرب الإعلامية والاستخباراتية والاقتصادية.
وفي هذه المقابلة، تم الحديث حول إيران وتركيا وروسيا كأمثلة على محاولة واشنطن لشن حرب هجينة فيها ووفقا لـ"كوريكو"، فإن الولايات المتحدة تستعين بنقاط الضعف والنزعات الاجتماعية والمشاكل الاقتصادية لزعزعة استقرار البلدان المستهدفة وخلق اضطرابات واسعة فيها وذلك من أجل تغيير النظام الحاكم في تلك البلدان وفي ما يلي سوف نستعرض أبرز الاسئلة والاجوبة التي جاءت في هذه المقابلة.
- لقد كتبتم كتابًا عن "الحروب الهجينة" في عام 2015، ولهذا فإننا نرجو منكم شرح بعض مفاهيم هذه الحرب وذكر بعض الامثلة عليها.
كوريكو: الحرب الهجينة هي استراتيجية عسكرية تجمع بين الحرب التقليدية والحرب غير النظامية والحرب السيبرانية ويمكن تعريفها أيضًا بأنها تلك الهجمات التي تستخدم وسائل نووية وبيولوجية وكيميائية وعبوات ناسفة وحرب المعلومات ويمكن إطلاق وصف الحرب الهجينة على الديناميكيات المعقدة في ساحة المعركة التي تتطلب ردود فعل مرنة ومتكيفة ولقد أثّرت التكنولوجيا الحديثة على شكل الحروب والنزاعات المعاصرة، وجعلت ممارستها من قبل الدول الكبرى أكثر تعقيدا من ذي قبل ولهذا لم يعد حسم المعارك والحروب وإخضاع الشعوب بالسهولة التي كانت عليها في وقت سابق وتعتمد الحرب الهجينة على استغلال وسائل الاتصالات الإلكترونية الحديثة، لحشد الدعم المعنوي والشعبي والرأي العام الدولي، لمساندة قضية الدولة الصغيرة التي تتعرض للاجتياح ومن أبرز أمثلة هذه الحرب هو ما قامت به الولايات المتحدة في منطقة الشرق الاوسط وإثارتها لما يسمى بـ"ثورات الربيع العربي" وتدخلها في سوريا تحت ذريعة مكافحة الارهاب وفي أوكرانيا.
- كيف يكون تأثير الحرب الهجينة على الدولة المستهدفة؟
كوريكو: إن الغرض الرئيسي من الحرب الهجينة هو لتحريض الشعوب على حكوماتها وذلك عن طريق استهداف الأخطاء والثغرات الصغيرة داخل المجتمع من أجل إثارة الناس ودفعهم إلى الدخول في صراعات مع السلطات والنظام الحاكم وبعد هذه المرحلة، من الممكن تحريف مفاهيم هذا الصراع ونشره عبر وسائل الإعلام المحلية والاجنبية وتصويره بطريقة أخرى وهذا الامر سوف يخلق الكثير من المشاكل السياسية والاقتصادية والامنية للبلد المستهدف.
وهنا ينبغي القول، بأن الولايات المتحدة تعتمد على مجموعة صغيرة من المحرضين المحترفين لإختراق هذه الحركات وتحويل هؤلاء المشاركين المسالمين إلى دروعهم البشرية وليستفزوا الحكومة للجوء إلى القيام باعمال عنيفة أثناء حدوث الاشتباكات ومن خلال هذه الأساليب غير المباشرة، يمكن لخلية إرهابية صغيرة جداً خلق دوائر لا نهاية لها من العنف بين الحكومة والمواطنين.
- في الأشهر الأخيرة، شهدت قيمة العملة الوطنية لكل من إيران وتركيا وروسيا تراجعاً حاداً. هل هذه التطورات مجرد أسباب اقتصادية؟ أو كما يعتقد بعض الخبراء، بأن هنالك عناصر أجنبية متورطة في هذا التراجع؟
كوريكو: بادئ ذي بدء ينبغي القول بأن كل هذه العملات النقدية الثلاث كانت تعاني خلال الفترة السابقة من الضعف الاقتصادي وهذا الأمر هو الذي جعلها تتزعزع أكثر أمام العقوبات الأمريكية ولقد استغلت الولايات المتحدة ذلك ببساطة وأقامت حرباً اقتصادية غير متماثلة من أجل زعزعة الوضع الداخلي لكل من هذه البلدان الثلاثة في آن واحد.
- ما هي الأهداف التي تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقها من هذه الحرب الاقتصادية التي أطلقتها ضد إيران وتركيا وروسيا؟
كوريكو: إن هدف واشنطن من هذه الحرب الهجينة التي شنتها على إيران، يتمثل في المقام الأول في تغيير سلوك النظام الإيراني واجبار طهران على التراجع عن الشرق وفي الخطوات التالية، إجبار إيران على إنهاء تحالفها مع "حزب الله" اللبناني والتوقف عن تقديم الدعم السياسي والمالي لـ"أنصار الله" في اليمن وأما بالنسبة لتركيا، فأن الولايات المتحدة تريد من "أنقرة" إنهاء تعاونها مع روسيا وإيران في سوريا والعودة إلى دورها السابق وفيما يخص روسيا، فإن الولايات المتحدة تريد فرض الكثير من الضغوط الاقتصادية على الطبقة الغنية والمؤثرة، لكي يجبرون الكرملين على "الاعتدال" في سياسته الخارجية، ويجبرون موسكو على عدم تحدي واشنطن ومنافستها في منطقة "أوراسيا".
- في السنوات الأخيرة، انتقلت بعض الدول لاستخدام عملاتها النقدية الوطنية في التجارة الخارجية. ما مدى فعالية هذه الطريقة في الحد من الآثار السلبية لتأثير الدولار؟
كوريكو: من الجيد ترك التعامل بالدولار في النظام العالمي واللجوء إلى العملة الوطنية، لكن في الوقت الحاضر لا توجد إمكانية لاستبدال هذا الحجم الكبير من الدولارات ولذا يجب على إيران وروسيا وتركيا ترك التجارة الثنائية بينهم لبدء عملية التخلي عن الدولار وفي الخطوة التالية، يجب على الصين التي تتحرك حالياً نحو استبدال اليوان الصيني بدلا من الدولار، أن تتعاون مع هذه الدول لتقل آثار الاضرار الاقتصادية عليهم.