الوقت- بعد قيام إدارتي "فيسبوك وتويتر" بإغلاق صفحات التواصل الاجتماعي لحزب الله اللبناني، رحّب قادة الصهاينة بهذه الخطوة متمنين استدامتها وتطبيقها على باقي فصائل المقاومة في فلسطين، وفي هذا السياق، كتبت الصحيفة العبرية "يديعوت أحرنوت" أن هذا الإجراء اتخذ من إدارتي "فيسبوك وتويتر" بعد أن هددهما وزير الداخلية الإسرائيلي "غلاد أردان" بأنه إذا لم يتم حجب هذه الصفحات على الفور، فسوف يواجهون قضايا جنائية في الأراضي المحتلة.
ولوحظ في الآونة الأخيرة تناقض "فيسبوك" في التعامل مع المحتوى المنشور لديه، بين ما يتعلق بفلسطين والمقاومة، والكيان الصهيوني، حيث يتعامل تارة مع المحتوى وفقاً للمعايير والشروط التي يوافق عليها مستخدم الموقع وتارة يتعامل بشكل سياسي مدافع عن الإرهاب الصهيوني، فنراه تارة يقوم بحذف صفحات تدعم القضية الفلسطينية كالصفحة الرسمية لــ "فضائية فلسطين اليوم" تحت ذريعة نشرها مواد تحريضية، إلا أنه يغض الطرف عن صفحات النشطاء الصهاينة الذين يقومون بنشر فيديوهات وصور وهم يقومون بقتل أطفال فلسطينيين ومجازر ارتكبوها هنا وهناك، ومثال من الأمثلة الساطعة التي تبرز العنف الإسرائيلي، ظهر في صفحة وزيرة القضاء الإسرائيلي أياليت شاكيد التي حرضت "على قتل أمهات الشهداء والأطفال وكبار السن"، ولم يتخذ فيسبوك أي إجراء، بل إن حذف المحتوى جاء عقب انتقادات عارمة من العالم ومن الإسرائيليين المتعاطفين مع الشعب الفلسطيني.
وعلى سبيل المثال أيضاً، في عام 2012، وفي أعقاب خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، الذي أدان فيه قيام مجلة فرنسية بنشر فيلم مسيء للنبي محمد (ص)، قامت إدارة "فيسبوك" بإغلاق القسم الإنجليزي من موقع حزب الله اللبناني دون أي تحذير، وفي الواقع استجابت إدارة فيسبوك للضغوط الأمريكية والصهيونية بهدف إسكات الأصوات والانتقادات الأمريكية خاصة بعد وضع حزب الله على القائمة الإرهابية، ويقال إن السبب الرئيسي لإغلاق هذه الصفحة كان عدد الزوار الذين زادوا بمعدل واحد ونصف بعد كلمة الأمين العام لحزب الله، وخلال 24 ساعة تم إغلاق عدد كبير من الصفحات المؤيدة لكلام الأمين العام من بينها صفحات إخبارية كصفحة موقعنا الناطقة باللغة العربية وصفحة قناة الميادين وغيرها من الصفحات.
ويشير محللون فلسطينيون إلى أن فيسبوك قد تحوّل سريعاً من وحش مخيف ومحطة للتحريض على العنف، إلى شريك فعّال في مكافحة العنف بحسب تصريحات المسؤولين الإسرائيليين بعد الحملة الشرسة على شركة "فيسبوك" ورئيسها التنفيذي مارك زوكربرغ الذي وصفه الإسرائيليون بأن يديه ملطخة بالدماء حتى اتفاق الطرفين الموقّع في عام 2016، الذي ينصّ على محو جميع المواد والصفحات التي تهاجم الكيان الإسرائيلي وتمسّ بالأمن القومي الصهيوني، وقد اتخذ القرار بعد أن استجابت إدارة فيسبوك لطلب الحكومة الصهيونية بزيارة تل أبيب، حيث التقى وفد من إدارة فيسبوك بوزير الداخلية الإسرائيلي جلعاد أوردان ووزيرة العدل عيلات شاكيد. وتعهد فيسبوك بعد هذا اللقاء بالتعامل مع جميع المؤيدين للقضية الفلسطينية والمؤيدين للمقاومة بشكل يرضي كل من أمريكا والكيان الإسرائيلي، وبعدها بساعات بدأت إدارة فيسبوك بإغلاق عدد كبير من هذه الصفحات، ويعتبر محللون هنا أن الاستجابة السريعة "لتويتر وفيسبوك" للطلبات الأمريكية والصهيونية يعدّ خطيراً، كما يمكن القول الآن إن فيسبوك بدأ ينظر بأعين إسرائيلية أكثر من أمريكية، وهذا ما يشكّل انتهاكاً واضحاً لتدفق المعلومات وحرية التعبير، كما يمكن القول إن فيسبوك كان نافذة الأمل الوحيدة للشعوب التي تتعرّض للانتهاك والظلم في العالم، وخاصة الشعب الفلسطيني الذي ليس لديه أي دعم عسكري ومالي وإعلامي، فهو يكافح فقط عبر الفضاء الإلكتروني من أجل عولمة الظلم والاضطهاد الذي يحدث له يومياً، وأظهر انتشار صور قمع الجيش الإسرائيلي للمتظاهرين الفلسطينيين بشكل عنيف إثر نقل السفارة الأمريكية إلى القدس أن فيسبوك قادر على التأثير في المشهد السياسي، حيث كان لها أثر كبير في الأوساط الغربية التي لم تعد تعتمد على أخبار الإعلام الإسرائيلي الكاذبة والمضللة للحقائق.
وبعد تكشف الحقائق، أعلن القادة الصهاينة حالة الطوارئ بسبب فيسبوك، وليس ذلك بسبب تخوّفه من ردود الأفعال العربية على صفقة القرن أو قتله للفلسطينيين بدم بارد بل بسبب الخطوات الفلسطينية والمقاومة التي دعت عبر هذه النافذة الاجتماعية المهمة إلى انتفاضة ثالثة قد تلحق به ضرراً يصل إلى خطر زواله من الوجود، وعلى إثر ذلك طالب القادة الصهاينة إدارة فيسبوك بالالتزام بوعودها، والقيام بإغلاق هذه الصفحات، وبالفعل سارع فيسبوك إلى تنفيذ الأوامر الإسرائيلية وقام بإغلاق المئات من الصفحات الفلسطينية والعربية وغيرها التي دعت إلى صحوة عربية فلسطينية من أجل حماية القدس.
لذا، تعتبر أمريكا والكيان الإسرائيلي من أكثر الكيانات التي تعتمد على استراتيجية سياسية واقتصادية وحتى عسكرية، تقوم على الاعتماد على ما يسمى بازدواجية المعايير وسياسة الكيل بمكيالين في التعامل مع القضايا الدولية المطروحة للنقاش الدولي، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ومن هذا المنطلق أخد الاحتلال الإسرائيلي قضية مقاومته عبر وسائل التواصل الاجتماعي على محمل الجد، ولم يكتفِ بذلك بل قام بمنع بث القنوات الداعمة للمقاومة عبر الأقمار الاصطناعية كقناة الميادين في العالم الغربي من أجل التعتيم على جرائمه بحق شعوب المنطقة.