وحظي هذا الموضوع لا سيما من قبل بلدان جنوب أوروبا باهتمام خاص خلال الاسابيع القليلة الماضية. واتخذت بعض الدول اجراءات متعددة في هذا المجال بينها إرسال مزيد من السفن والطائرات إلى سواحل البحر المتوسط وزيادة ميزانية ما يسمى عملية "تريتون" البحرية التي تهدف إلى الحد من عدد المهاجرين إلى أوروبا بمقدار ثلاثة أضعاف.
كما أقر الاتحاد الأوروبي خطة أمنية لملاحقة الشبكات التي ترسل آلاف المهاجرين عبر المتوسط نحو أوروبا، في وقت يواصل فيه المسؤولون الأوروبيون البحث عن تفويض أممي للحصول على تخويل كامل لملاحقة المهربين وتجار البشر وتدمير قواربهم.
وكانت مفوضية الأمم المتحدة العليا للاجئين قد أعلنت عن وصول أكثر من 100 ألف مهاجر ولاجئ إلى أوروبا منذ مطلع العام الجاري عبر المتوسط، مشيرة إلى زيادة كبيرة في أعداد الوافدين خصوصاً الى اليونان.
وتجدر الإشارة إلى أن معظم المهاجرين إلى القارة الأوروبية يأتون من دول تعيش اضطرابات سياسية وأمنية وتحكمها تجاذبات إقليمية ودولية بينها إريتريا والصومال ونيجيريا وغامبيا والسنغال ومالي وإفريقيا الوسطى وسوريا وأفغانستان والعراق.
ومنذ بداية العام وصل 54 ألف شخص إلى ايطاليا و48 الفاً إلى اليونان و920 شخص إلى اسبانيا وفق المفوضية، فيما تم إنقاذ نحو 60 ألف مهاجر في عمليات بحث وإنقاذ دولية، ونقل الكثير منهم إلى موانئ إيطالية.
وفي وقت سابق قررت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي اعتماد مبدأ التوزيع الطوعي لـنحو 40 ألف لاجئ وصلوا إلى اليونان وإيطاليا، ولـ 20 ألف متواجدين خارج حدود الاتحاد. وهي صيغة اعتبرت ضبابية لاتحدد المسؤولية الملقاة على عاتق كل بلد. ورغم النقاشات الطويلة لاعتماد مبدأ توزيع حصص إلزامية من المهاجرين بين دول الاتحاد لم تتكلل هذه النقاشات بالنجاح بسبب معارضة عدة دول.
ويصطدم الاتحاد الأوروبي الذي فكر سابقاً بـاعتراض مراكب المهاجرين وتدميرها قبل استخدامها من قبل المهربين بالقانون الدولي الذي يحظر التوجه إلى المياه الاقليمية للدول الاخرى أو توقيف سفينة ترفع علماً دون تفويض دولي.
في سياق متصل قررت الحكومة المجرية تشديد قوانين الهجرة واللجوء السياسي. وأصدرت وزارة الداخلية في هذا البلد مقررات تشدد على أهمية الاسراع في عملية تحديد هوية طالبي اللجوء والسماح بترحيل المهاجرين لأسباب اقتصادية.
وقالت الوزارة في بيان انها تلقت منذ بداية العام الجاري 53 ألف و300 طلب لجوء سياسي مقارنة بما مجموعه 42 ألف و 700 طلب العام الماضي.
كما أعلنت المجر عن خطط لبناء سياج يبلغ ارتفاعه أربعة أمتار على حدودها الجنوبية مع صربيا لمنع دخول المهاجرين.
وفي وقت سابق حث الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" الدول الأوروبية على التخلي عن التعامل العسكري مع أزمة المهاجرين غير الشرعيين في مياه المتوسط، مؤكداً أنه لا يوجد حل عسكري لهذه الكارثة في هذه المنطقة.
وبسبب تدفق المهاجرين واللاجئين غير الشرعيين تشهد الدول الأوروبية لاسيما الجنوبية مشاكل كبيرة، خصوصاً بعد الارتفاع المستمر في عدد المهاجرين. وتعتبر فرنسا وإيطاليا وأسبانيا من أكثر الدول الأوروبية التي تعاني من الهجرة غير الشرعية، الأمر الذي دفع حكومات هذه الدول للتأكيد على قضية محاربة الهجرة ووضعها على رأس أولوياتها.
وتعد بريطانيا من الدول التي تنشغل أيضاً بمسألة الهجرة غير الشرعية على أراضيها، وقد طالبت مراراً الاتحاد الأوروبي باتخاذ إجراءات مشددة للحد من هذه الظاهرة.
من جانبها أشارت منظمة الهجرة الدولية الى ارتفاع نسبة المهاجرين دون السن القانونية، وهم الأطفال الذين يسافرون دون صحبة ذويهم، مؤكدة أن المهاجر غير الشرعي يسلك طرقاً طويلة ومعقدة ومحفوفة بالمخاطر للوصول الى مقصده.
وفي ظل تشديد قوانين الهجرة إلى دول الاتحاد الأوروبي استفحلت ظاهرة الهجرة غير الشرعية وظهرت طرق وأساليب جديدة كان من أبرزها ما شهدها العالم من مشاهد غرق مؤثرة فيما بات يعرف برحلات "قوارب الموت".
وأخيراً قد يظن البعض أن الهجرة غير الشرعية الى أوروبا تقتصر على دخول بلدانها بطريقة غير قانونية، ولكن يعتبر من دخل بتأشيرة لدولة ما بغرض الزيارة ثم عمل في إحدى المؤسسات مهاجراً غير شرعي. كما يعتبر الأشخاص الذين يذهبون بفيزا "شنغن" ثم لا يغادرون بعد انتهاء فترة الفيزا مهاجرين غير شرعيين. وعلى هذا يكون لكل دولة مقياس خاص بها حول اعتبار شخص ما مهاجراً غير شرعي أم لا طبقاً لقانون تلك الدولة.