الوقت- أفيخاي أدرعي، اسم يتم تداوله بكثرة عندما يكون الموضوع مرتبطاً بشكل مباشر أو غير مباشر بالسعي إلى اختراق العالم العربي عبر كل السبل الممكنة لتحقيق ذلك، وبما أن أدرعي والذي يحتفظ بمنصب الناطق باسم جيش الدفاع الإسرائيلي للإعلام العربي منذ 13 عاماً، يتحدث بلغة عربية طليقة إلى حدّ ما وشكله الخارجي يتماهى مع أشكال العرب، وجد فيه الصهاينة كنزاً يمكن الاستفادة منه واستغلاله حتى آخر قطرة لكسب ما يمكن كسبه في معركة التطبيع عبر القوة الناعمة.
أدرعي اليوم لا يكتفي بنقل أخبار الجيش الإسرائيلي أو إعلان ما يطلب منه للجماهير العربية، بل تعدّى الرجل ذلك ودخل مجالات عدة في الإعلام ليتمكن من التقرب من العرب قدر المستطاع كمرحلة مبدئية ليخترقهم فيما بعد، لذلك بدأ بالبحث عن الأدوات للقيام بذلك، ومن أبرز هذه الأدوات في عالمنا الحالي هي وسائل التواصل الاجتماعي التي تملك انتشاراً واسعاً بين فئة الشباب ويمتلكها الجميع تقريباً، لهذا السبب فإن التوجه إليها والعمل فيها باحتراف يمكن أن يدخلك إلى بيوت كل من يتابعك.
استوعب أدرعي ومن خلفه قيادته العسكرية أهمية هذا الموضوع، لذلك ومنذ بدء ما يسمى بالربيع العربي، نشط ادرعي بطريقة مخيفة على موقع "فيسبوك" و"تويتر"، وبدأ ينشر بشكل يومي جملاً معينة هدفها زيادة الشرخ داخل المجتمعات العربية وتفتيتها من الداخل قدر المستطاع ولا ننكر أنه نجح إلى حد ما، ولكي يجذب متابعين أكثر بدأ بدس السم في العسل من خلال دغدغة المشاعر العربية عبر إظهار التعاطف معها في بعض الأمور وتصدير كيانه المغتصب على أنه مسالم ويسعى للسلام في الوقت الذي كان الجيش الذي يتحدث باسمه يهدم مئات المنازل ويزيد عدد المستوطنات ويعتقل عشرات الشباب الفلسطينيين، ومع ذلك استمر في كذبته من مبدأ أن تكرارها يمكن أن يترك أثراً لدى المتلقي وبالتالي خلق مساحات للدخول أكثر وأكثر وسط الشباب العربي، ولكي يبرز حسن نواياه تجاه المسلمين والمسيحيين في العالم العربي، كتب رسائل تهنئة لهم على حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي في أعيادهم الدينية.
وعلى سبيل المثال وجَّه أفيخاي أدرعي، التهنئة للمسلمين بحلول شهر رمضان الكريم. وقال "أدرعي" عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، و"تويتر" قائلاً: "في الجمعة الأخيرة قبل رمضان تحية خاصة لكم جميعاً... جمعة مباركة".
أدرعي والمرأة العربية
بعد أن وجد أدرعي بأن صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي تلقى متابعة من عدد لا بأس به من العرب وشعر بأنه أصبح صوت "إسرائيل" الناطق بالعربية دون منازع، قرر إعلان حرب نفسية ضد المرأة العربية، من مبدأ أنها هي المؤسس الرئيسي والشخص المؤثر والفاعل في صناعة هوية الإنسان العربي من خلال التربية التي تنشئ أطفالها عليها، لذلك توجه إلى المرأة العربية مهاجماً لها في بعض الأحيان ومدافعاً عنها في أحيان أخرى، وذلك وفقاً لمتطلبات المرحلة والموقف والحالة التي تمر به البلاد.
وعلى سبيل المثال ومنذ حوالي 4 أيام شعرت الحكومة الإسرائيلية بخطورة نتائج "مسيرة العودة الكبرى" على الداخل الإسرائيلي وما يمكن أن يتمخض عنها، لذلك بدأ أدرعي "بوق إسرائيل الخبيث" بتحريف المشهد الحقيقي للأوضاع على أطراف غزة، حيث نشر صورة كاريكاتير أخذها عن الرسام علاء اللقطة ثم قام بتشويهها لحرفها عن هدفها الجامع للكل الفلسطيني، ويُظهر الكاريكاتير الأصلي فلسطينياً وفلسطينية كأنهما أشجار تخرج الجذور من أقدامهما؛ وهما يحملان ابنهما وعلم فلسطين ومفتاح العودة، ويقابلهما جنديان إسرائيليان وسياج فاصل عن الأراضي المحتلة، وفي الخلفية مواضع لتلك الأشجار؛ في إشارة لتجذّر الفلسطيني بأرضه.
أما الكاريكاتير الذي زوّره أدرعي وأضافه على حسابه على فيسبوك فقد أزال منه الجنديين الإسرائيليين المسلحين، وأضاف عليه جملة: "قالتلنا (قالت لنا) حماس أن نأتي".
وبالعودة لموضوع المرأة العربية، وجه أدرعي خلال "مسيرة العودة" اتهاماً للنساء اللواتي يشاركن في المسيرات في قطاع عزة بالهمجية، قائلاً:' المرأة الصّالحة هي المرأة الشّريفة الّتي تهمّها مصلحة بيتها وأولادها فتكون قدوةً حسنة لهم. أمّا المرأة الطالحة، وعديمة الشّرف فلا يهمّها ذلك، فتتصرّف بهمجيّة لا تمتّ للأنوثة بصِلة غير مهتمة لنظرة المجتمع المُستحقِرة لها'.
وهذ ليست المرة الأولى التي يُنظّر فيها أدرعي عن المرأة الصالحة، فمنذ حوالي سنتين غرّد "حمامة السلام الإسرائيلية" أدرعي على حسابه على "فيسبوك" قائلاً "الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة"، هل المرأة الصالحة هي المتعلمة والمثقفة والتي تعرف الهداية والطريق الصواب أو تلك التي تحمل السكين لتترك أبناءها دون سبيل لحياتهم أو تلك الفتاة التي اختارت أن تأخذ القرار الإلهي لتخرج وتقبض على أرواح أبرياء؟، إلى المرأة في يومها العالمي إياك أن تختاري طريق الإرهاب الفاجر بل كوني امرأة صالحة، شريفة".
ولكن وبما أن المفاهيم الإنسانية والأخلاقية الإسرائيلية قادمة من كوكب آخر يمكننا أن نتفهم كلام أدرعي، الذي كان أولى به أن يخاطب المرأة الإسرائيلية التي تربي أبناءها على كره العرب ومعاداتهم وإظهارهم بطريقة وحشية، ولو لم يكن الوضع كذلك لما كان هناك شيء اسمه "إسرائيل"، وكان الأولى به أيضاً أن يعيد حساباته في أسلوب التربية الذي يُنتج شباب صهاينة يعتدون على فتاة قاصر كما حدث مع الفتاة المقاومة "عهد التميمي".
أدرعي موظف وهذه هي وظيفته وما يفعله لخدمة الجيش الإسرائيلي ليس بالأمر السهل، ولكن متى يصحى متابعوه من العرب من غفوتهم ويكفون عن متابعة من يقتل أطفالهم وبلادهم ويمزق حضارتهم، ويمكن القول لو أن العرب لا يتابعون هذا الشخص هل سيبقى له قيمة أو تأثير في بلادنا؟!