-الوقت
- خمسُ سنواتٍ مرّت على تحصن المجموعات المسلّحة في الغوطةِ الشرقية، تقلّصت خلالها أهدافهم من السيطرة على القصر الرئاسي بدمشق إلى الاختفاء خلف الأطفال والنساء في ملاجئ الغوطة الشرقية، هكذا تحوّل حُلم المسلحين بعد سني الحرب، وبعد انكسار شوكتهم وتحويلهم الغوطة من جنّةٍ غنّاء؛ إلى جحيم يزخر بالموت والدمار؛ باتوا اليوم يلهثون وراء هدنةٍ تقيهم نيران الجيش السوري التي باتت تُحاصرهم في كلِّ مكان.
دروع بشرية
منذ إعلانهم السيطرة على الغوطة الشرقية لدمشق؛ والمجموعات المسلحة تواصل استخدام المدنيين الأبرياء كدورعٍ بشرية، حيث يؤكد قاطنوا الغوطة أنّ المسلحين المتحصنين استخدموا البيوت والمدارس وحتى المشافي لنصب مدافع الهاون، وكثيراً ما كانوا ينصبون راجمات الصواريخ في الأحياء المدنية لاستهداف العاصمة دمشق.
مصادر محليّة أكّدت رغبة الأهالي بالدخول في المصالحات المحلية؛ غير أنّ المجموعات المسلحة التي تحتجز المدنيين في الغوطة الشرقية والتي تحوّلت إلى سجنٍ كبير، اعتقلت مئات المختطفين بينهم عشرات النساء والأطفال في "سجن التوبة"؛ كانت دائماً ترفض أيّ دعوةٍ للمصالحة مع الحكومة السورية، كما كانت ترفض وعلى الدوام خروج المدنيين من الغوطة من المخارج التي حددتها الحكومة السورية، حيث يُرجّح مراقبون رفض تلك المجموعات خروج المدنيين إلى رغبتها بإبقائهم كرهائن من جهة، ومن جهةٍ أخرى الاحتماء خلفهم واستخدامهم كدروعٍ بشرية.
واليوم فإنّ معاناة مدنيي الغوطة الشرقية ازدادت مع تردي الوضع المعيشي والصحي إثر منع المسلحين إيصال المساعدات الإنسانية والطبية، ناهيك عن استهداف سيارات الهلال الأحمر العربي السوري في الكثير من الأحيان.
هدنة من ورق
وسط صمت دولي عن الجرائم التي ترتكبها المجموعات الإرهابية المسلحة، ومع تسويقٍ غير مسبوق لانتهاكات تلك المجموعات بحق الحكومة السورية والشعب السوري على حدٍّ سواء، يرى مراقبون أنّ إصرار الدول الغربية على الهدنة يأتي بعد أن وصلت تلك المجموعات إلى حالٍ يُرثى لها مع الضربات التي تلقتها من الجيش السوري.
ويذهب آخرون إلى أنّ الهدنة التي أُقرّت مساء أمس السبت 24 شباط/ فبراير كان هدفها الأساسي إمداد المسلحين المُنهارين بالأسلحة والمقاتلين ممن درّبتهم وسلّحتهم واشنطن، والموجودين في قاعدة التنف العسكرية التي تُسيطر عليها أمريكا، وكما يؤكد مراقبون يبدو أنّ استهداف مطار الضمير العسكري من قبل مسلحي الغوطة الشرقية يأتي في هذا السياق، حيث يُعدّ المطار المذكور نقطة وصل بين قاعدة التنف والغوطة الشرقية.
وأكثر من ذلك.. إن المجموعات المسلحة تأمل من تلك الهدنة التقاط أنفاسها وتجميع عناصرها الذين فرقتهم ضربات الجيش السوري خلال الأيام القليلة الفائتة، في حين أنّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي كثّفت وعلى نحو غير مسبوق من دعمها للتنظيمات الإرهابية في جنوب سورية في محاولة يائسة من طرفها لكسب موطئ قدم استراتيجي داخل سورية، بحسب ما أكده موقع "مينت نيوز برس" الأمريكي.
أسبوع حاسم
الهدنة المزعومة تلك وكما يؤكد قرار مجلس الأمن فإنها لا تشمل المجموعات المصنفة على أنها إرهابية على لوائح الأمم المتحدة، ومن هنا يؤكد مراقبون للحالة السورية أنّ الجيش السوري سيواصل ملاحقة فلول جبهة النصرة الإرهابية التي تحتمي بين المدنيين في الغوطة، حيث أكدت الخارجية الروسية أنّ نص قرار مجلس الأمن الدولي حول وقف الأعمال القتالية في سورية يستثني وبوضوح تنظيمات "داعش" و"جبهة النصرة" الإرهابية والجماعات المتحالفة معهما.
وبناء على قرار مجلس الأمن فإنّ الجيش السوري سيواصل معركة الحسم في الغوطة الشرقية حتى اجتثاث جميع الفصائل الإرهابية والفصائل المتعاونة معها، وهنا يدور الحديث عن كل الفصائل الموجودة في الغوطة الشرقية؛ حيث إنّها تعمل سويّةً في غرفة عمليات واحدة، بعيداً عن المُسميات.
ومنذ صباح اليوم 25 شباط/ فبراير بدأ الجيش السوري عملية اقتحام الغوطة الشرقية من الجهة الشرقية، حيث دخلت طلائع الجيش السوري مدينة النشابية بعد معارك عنيفة مع التنظيمات الإرهابية الموجودة هناك، وتؤكد مصادر ميدانية أنّ القرار اتخذ لتحرير الغوطة الشرقية بشكلٍ كامل.
خلاصة الحديث.. إنّ إنقاذ الغوطة الشرقية لا يصحُّ إلا بتخليص أهلها من سيطرة المجموعات المسلحة، وهذا التخليص لا يشمل الغوطة الشرقية وحسب؛ بل يمتد لتخليص ثمانية ملايين نسمة يعيشون في العاصمة دمشق من القذائف التي تنهال عليهم يومياً والقادمة من مرابض مدافع المجموعات المسلحة في الغوطة، حيث تؤكد مصادر مطّلعة أنّ قراراً قد اتُخذ بتخليص دمشق وغوطتها من المجموعات المسلحة هناك، وتحريرها وإعادتها إلى أهلها الأصليين.