الوقت- لجأ تنظيم داعش الإرهابي مؤخرا الى إقامة خلافة افتراضية وانضم الى الشبكة العنكبوتية الواسعة، وفي هذه الخلافة، سيكون من المرجح أن يميل التنظيم الى شبكات التواصل الاجتماعي والفضاء الإلكتروني بدلا عن التواجد الفعلي على الارض. وبعبارة أخرى، في هذا التكتيك، ستحل الخلافة الافتراضية أو الانترنيتية محل الخلافة الحقيقية والارضية.
واستخدم تنظيم داعش ومنذ بداية تأسيسه وبَدِءْ عمله المسلح في العراق وسوريا، مختلف وسائل الإعلام والتقنيات المتطورة والحديثة، وخاصة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي مثل تويتر، الفيسبوك، يوتيوب وأنستغرام، و"diaspora"، والمواقع الإلكترونية، والمنتديات والندوات، كأداة هامة لجذب واستقطاب القوات ونشر وترويج عقائدهم، ونقل الرسائل، وجمع المال، وإضفاء الشرعية على عمليات القتل التي يرتكبونها، وتمثيل الخطاب السلفي، والإعلان عن فتوحاتهم وتقدماتهم العسكرية، وشن حروب نفسية، وتعليم العمليات الإرهابية والانتحارية وإيجاد تفرقة ونزاع بين السنة والشيعة.
وعلى الرغم ان منذ عام 2016، تحدث العديد من الخبراء عن تقويض الخلافة الافتراضية لتنظيم داعش، ولكن منذ هزيمة خلافة التنظيم العسكرية في العراق وسوريا في أواخر 2017، كانت هناك نقاشات عديدة حول الخلافة الافتراضية لتنظيم داعش في الأوساط العلمية.
كذلك وبعد الهزائم المستمرة التي قصمت ظهر التنظيم في العراق وسوريا، تُداول حاليا على مواقع التواصل الاجتماعي وثيقة بعنوان "الخلافة لن يُقضى عليها". هذه الوثيقة هي مقتطفات من خطابات ومواقف زعماء تنظيم داعش المقتولين والذين ما يزالون على قيد الحياة.
وجاء في هذه الوثيقة ان "رسالة الخلافة هي ان هناك دولة اسلامية ما دام هنالك ارادة". وينص جزء من الوثيقة على أن المسلمين المولودين في الولايات المتحدة سيكونون جيش فاتح للمسلمين، ولا يعني انتهاء الخلافة العسكرية والارضية، نهاية فكرة وعقيدة "الدولة الإسلامية".
وهذا يعني أن داعش بعد تلقيها هزائم كبيرة في العراق وسوريا، دخلت حقبة جديدة تحت مظلة النشاط الفعال والنشط وانشاء مواقع افتراضية لتجنيد واستقطاب قوات بشكل خفي وتدريبهم على العمليات العسكرية والإرهابية مثل: العمليات الانتحارية والانغامسية في العالم الافتراضي لإقامة خلافة افتراضية.
في الخلافة الافتراضية، سيزداد احتمال تواجد داعش في مواقع التواصل الاجتماعي والفضاء الإلكتروني بدلا عن التواجد الفعلي على الارض. وبعبارة أخرى، في هذا التكتيك، ستحل الخلافة الافتراضية أو الانترنيتية محل الخلافة الحقيقية والارضية.
وعلى الرغم من أن خلافة تنظيم داعش لم تكن مستدامة في العراق والشام، لكن الخلافة الافتراضية يمكن أن تكون أكثر استقرارا وثباتا من الخلافة الحقيقية، كما ان القضاء عليها في العالم الافتراضي سيكون أصعب بكثير، وهو الأمر الذي اعترف به العديد من المسؤولين السياسيين والأمنيين الأوروبيين والأمريكيين.
وفي الوقت نفسه، يقول السفير الدنماركي السابق في سوريا، رولف هولمبو: "إن جسد الخلافة من الممكن ان ينهار، ولكن روح الخلافة أو الخلافة الافتراضية ستبقى". كما حذر الجنرال ديفيد بيترايوس، الرئيس السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية "CIA"، من أن هزيمة الخلافة الافتراضية لتنظيم داعش ستكون أكثر صعوبة، وقد يتمكن المتطرفون من الوصول إلى أسلحة الدمار الشامل التي يمكن أن تضر بشبكة الكهرباء في احدى البلدان. وقال: "سنهزم تنظيم داعش، وفي الوقت نفسه سنطلق رصاصة على قلب أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش، ولكن لا يمكننا أن نطلق رصاصة على قلب الخلافة الافتراضية. هذه أيديولوجية انتشرت على الإنترنت.
كما حذر اعضاء مجلس الشيوخ ومسؤولو الامن القومي الأمريكي من ان انهيار الخلافة التي أعلنها تنظيم داعش لن يقضي على قدرة هذه المجموعة الارهابية على توجيه ضربات ضد اهداف غربية عبر الانترنت.
وفي هذا الصدد، قالت لورا شياو، مديرة المعلومات من المركز الوطني لمكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة: "لسوء الحظ، فإن انهيار خلافة تنظيم داعش وفقدان أراضيها لا يعني أن قدرة التنظيم الإرهابي على شن هجمات ارهابية قد تضاءلت. إن قدرة داعش على التواصل مع انصاره في جميع أنحاء العالم لم يسبق له مثيل من خلال قدرة مواقع تواصلها الاجتماعي الذي يسمح للتنظيم بالوصول إلى عدد كبير من المتطرفين العنيفين المحليين.
ومن جانب أخر، قال مارك ميتشل، نائب وزير الدفاع الأمريكي في العمليات الخاصة "ان القضاء على الخلافة الجسدية لتنظيم داعش لا يعني نهاية هذا التنظيم او المنظمات الارهابية العالمية الاخرى". وتعتمد داعش بشكل متزايد على الاتصالات الافتراضية بعد ان فقدت السيطرة على اراضيها وتستمر في تحريض الأشخاص الضعفاء على شن الهجمات.
وفي نهاية المطاف، تجدر الإشارة إلى أن الإرهاب الافتراضي هو أكثر جاذبية للإرهابيين الحاليين قياسا بالطرق الكلاسيكية وذلك لأسباب عديدة، بما في ذلك: الطبيعة العابرة للحدود للفضاء الافتراضي، وانخفاض التكلفة، والتوجيه عن بعد، وصعوبة التحديد والتعقب، وهجوم واسع الانتشار.
ويمكن لعناصر تنظيم داعش أن يشكلوا تهديدا كبيرا لجميع البلدان عن طريق اختراق شبكات الأمن والاستخبارات وإنتاج وتوزيع أنواع مختلفة من البرامج الضارة أو إنتاج أسلحة بيولوجية.
في الحقيقة لا يمكن لأي بلد في العالم اليوم أن يتجنب بأمان الهجمات الإلكترونية والإرهاب الافتراضي، ولذلك يتعين على جميع البلدان أن تعتمد استراتيجية شاملة لمعالجة هذه المسألة من أجل ضمان الأمن الوطني وتحقيق مصالحها الحيوية.