الوقت- لطالما أمسكت أمريكا بالقرار السياسي لبعض دول العالم، والعربية منها على وجه الخصوص، من خلال اللعب بورقة المساعدات الاقتصادية، وشكل تهديد الرئيس الامريكي دونالد ترامب بقطع المساعدات عن الدول التي تصوت ضد قراره في الجمعية العامة للأمم المتحدة حول القدس أخر مثال واضح عن الأهداف الحقيقية الامريكية من وراء "مساعداتها" أو بمعنى أخر كيف تنظر واشنطن لمساعداتها هذه.
المساعدات التي يعتبرها كثيرون رشوة علنية ومحاولة واضحة لشراء أصوات الدول "المحتاجة أو الضعيفة" تعتبر أيضا لبعض الدول عربون تحالف استراتيجي كما هو الحال في المساعدات الامريكية المقدمة للكيان الاسرائيلية.
وبحسب وسائل الاعلام الأمريكية فان هناك 4 دول عربية تتصدر قائمة الدول التي أكبر المساعدات الأمريكية، وهي مصر والاردن والعراق والسلطة الفلسطينية، ولكن تبقى اسرائيل المنتفع الاكبر من هذه المساعدات التي تكون اغلبها مساعدات عسكرية لكيان الاحتلال والذي يعتبر بالتأكيد غير مشمول بتهديدات ترامب ومندوبته في الامم المتحدة نيكي هايلي ولم يجرؤ اي رئيس امريكي على تهديد تل أبيب بها.
أما بقية دول العالم فالوضع مختلف، حيث أعلنت الإدارة الأمريكية، أنه اعتبارا من العام المالي 2018 سيتم خفض المساعدات الأمريكية التمويلية لجميع البرامج المنفذة في خارج أمريكا بواقع 11.5 مليار دولار أمريكي عنها خلال العام الحالي، وهو ما سيشكل تراجعا نسبته 29.1%، وسيشمل ذلك إعادة هيكلة شكل المساعدات العسكرية الأمريكية المقدمة لعدد من دول العالم، ونسلط الضوء في هذا التقرير على أبرز الدول التي تتلقي مساعدات من أمريكا:
العراق يتصدر قائمة المساعدات الامريكية، وبحسب شبكة "سي إن إن" فقد حصل على 5.28 مليارا، خصص 89 % منها للمجال العسكري، وبحسب الاحصائيات الامريكية فلم يتجاوز الدعم الأمريكي للعراق عام 2001، 181 ألف دولار، ثم قفز عام 2006، أي بعد ثلاث سنوات على دخول القوات الأمريكية للعراق، إلى 9.7 مليارات، في أعلى نسبة على الإطلاق بين الدول العربية خلال السنوات الماضية.
بينما حصلت مصر على 1.23 مليار، 89 بالمئة منها في المجال العسكري، و11 بالمئة المتبقية اتجهت إلى المجال التنموي، بينما بلغ الدعم المخصص للنمو الاقتصادي 45 مليونا، وبحسب تقرير الشبكة "سي أن أن" الأمريكية فأنه من غير المرجح أن تقلص مساعداتها العسكرية لمصر، والتي وصفتها بأنها جزء من سياسة "العصا والجزرة، لوقت طويل، بعد أن كانت قلصتها بالفعل بسبب قلقها من حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان في مصر"، ومن اللافت هنا أن المساعدات الأمريكية لمصر شكلت 20 – 25% من إجمالي الموازنة العسكرية المصرية في السنوات الأخيرة.
أما الدعم الامريكية للسلطة الفلسطينية ظل خلال السنوات الاخيرة متذبذب حسب المزاج الامريكي، حيث تلقت الضفة الغربية وقطاع غزة 416.7 مليون دولار، موجهة بالكامل للدعم التنموي رغم وجود 18 مليونا للدعم الأمني، وقالت واشنطن: إنه "مخصص لبناء السلم المدني"، ولكن لم يتجاز الدعم الامريكي أكثر من 85 مليون دلار في بعض السنوات.
وتشكل هذه المساعدات الامريكية للسلطة الفلسطينية ورقة ضغط دائمة بيد واشنطن على الفلسطينين، اذا هدد الرئيس الامريكي دونالد ترامب بوقف تمويل برامج دعم اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" دون عودة فلسطين إلى المفاوضات مع الكيان الإسرائيلي.
ايضا تتلقى باكستان مساعدات من أمريكية بلغت قيمتها، بحسب ترامب، 33 مليار دولار، على مدى 15 عاما، والذي اعتبر ايضا ان واشنطن لم تستفد شيء من تلك المساعدات وهو ما أثار أزمة دبلوماسية جديدة بين الطرفين، في وقت أكد مدير مكتب الموازنة في البيت الأبيض، إن المساعدات الأمريكية لباكستان سيتم خفضها. وكانت واشنطن بدأت تقديم مساعدات مالية لباكستان بدءًا من 2001 مقابل تعاون إسلام آباد مع جهود مكافحة الإرهاب الأمريكية بأفغانستان فى أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001
حتى الدول العربية الثرية تتلقى مساعدات أمريكية
ومن اللافت هنا أنه حتى دول مجلس التعاون التي تصنف كدول ثرية تتلقى مساعدات أمريكية ومنها السعودية، حيث تحصل الرياض على حوالي 733 ألف دولار، 98 % منها مخصصة للمجال التنموي، بينما حصلت المنظومة الصحية على 309 آلاف، وخصص مبلغ لا يتجاوز 9.3 آلاف للشؤون الأمنية.
كما حصلت الامارات حصلت الإمارات على 1.1 مليونا، 65 بالمئة في المجال التنموي، وكانت الحصة الأكبر لمجال مكافحة المخدرات بـ395 ألفا، ثم 260 ألفا للتطوير القانوني والقضائي، بينما خصصت 371 ألفا لدعم قطاع الطاقة، و110 آلاف للنمو الاقتصادي.
في حين تعد قطر أقل الدولة العربية تلقيا للمساعدات الأمريكية، إذ لم تحصل عام 2016 سوى على 95 ألفا، 65 % منها خصصت للدعم العسكري، والباقي للمجال التنموي.
ويظل موضوع تلقي هذا الدول العربية للمساعدات الأمريكية محل جدل اذ يصف المراقبون هذه المساعدات بأنها محاولة للتغطية على سياسة النهب التي تنتهجها واشنطن مع هذه الدول النفطية، حيث تبرم معها صفقات اسلحة خيالية بدون أي قيمة أو تأثير فعلي وكثير ماتعمد واشنطن الى توريد أسلحة مهجنة وبمواصفات أقل جودة لهذه الدول بالمقارنة مع المواصفات الامريكية التي تورد لمناطق أخرى حول العالم لا سيما الكيان الاسرائيلي.
المساعدات الامريكية للدول الافريقية
ومن بين الدول الافريقية التي تتلقى مساعدات أمريكية تحتل كينيا المرتبة الثانية بعض مصر بمبلغ 639 مليون و350 ألف دولار تليها تنزانيا 535 بمبلغ مليون و300 ألف دولار، ثم أوغندا بمبلغ 436 مليون و 400 ألف دولار، و زامبيا 428 مليون و875 ألف دولار، ونيجيريا 419 مليون و100 ألف دولار، كما تلقت السودان حوالي 137.8 مليون دولار، بينها 125 مليون خصصت لعمليات الإغاثة وللمعونات الغذائية، وكان الدعم الأمريكي للسودان منخفضا جدا بسبب العقوبات المفروضة عليها، لكنه بدأ يرتفع ابتداء من عام 2010، ووصل أوجه عام 2013 بـ170 مليون دولار.
يذكر أن الرئيس الامريكي دونالد ترامب والسفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هالي، هددا قبل ايام الدول التي تصوت بالموافقة على قرار في الجمعية العامة للامم المتحدة يدين قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الاسرائيلي بقطع المساعدات الامريكية عنها، ورغم ذلك صوتت الأغلبية الساحقة من أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة على القرار (128 دولة)، في 21 من ديسمبر/كانون الأول دون الاكتراث بالتهديدات الامريكية، ولكن ترامب اعاد تهديه للسلطة الفلسطينية أمس بقطع المساعدات عنها اذا لم تدخل مباشرة بمفاوضات "سلام" مع الكيان الاسرائيلي وفق الشرط الامريكية وفي مقدمتها التخلي عن القدس.